منذ أن دقت الأزمة أبواب الجزائر والحكومة تبحث باستمرار عن حلول ناجعة تحول دون انحدار الاقتصاد الوطني الى الهاوية. ووجدت حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال نفسها تبحث في الأدراج القديمة وتفتح كل خزائن الأرشيف بحثا عن تقارير سابقة لخبراء سبق أن حذروا من الوضع الحالي والجزائر تعيش آنذاك في بحبوحتها المالية، وتعول حكومة سلال هذه المرة على ما ستجود به قريحة الخبراء الاقتصاديين والأكادميين من "حلول علمية" للأزمة المالية الحالية في اجتماع معهم من المزمع عقده في ال 15 من الشهر الجاري. ويبدو أن محمد حميدوش وهو أستاذ جامعي وخبير اقتصادي غير متفائل بالنسبة لنتائج الاجتماع المرتقب بين الحكومة والخبراء الذي سيشارك فيه، وتساءل حميدوش عن الطريقة التي سيناقش بها الخبراء الحكومة مؤكدا أنه كان الأحرى وضع هيئة تشرف على النقاش متأسفا على إلغاء وزارة الاستشراف التي كان الممكن أن تلعب همزة وصل بين السياسيين على رأس الجهاز التنفيذي والخبراء. وتطرح العديد من التساؤلات حول نوايا الحكومة الحقيقية من هذا الاجتماع خصوصا أن آراء الخبراء بالنسبة للأزمة التي تعيشها الجزائر معروفة حيث ينادي أغلبهم الى تحرير الاقتصاد والاتجاه نحو نظام ليبيرالي. كما تخلو توصيات الخبراء تجاه مسألة الدعم مثلا من العاطفة وتدعو مباشرة الى رفع يد الدولة عن دعم الأسعار أو على الأقل ترشيد الدعم ومنحه عبر قنوات الى مستحقيه وإلى جانب لقاء 15 من سبتمبر تعمل علب سوداء في الوزارة الأولى على جمع مقترحات الخبراء ودراسة تلك التي تنشر تلقائيا في الصحافة الوطنية. وفي هذا السياق قدمت مجموعة من 20 خبيرا، من بينهم محمد حميدوش، عبد المالك سراي وعبد الرحمن مبتول وثيقة من 1000 صفحة تحتوي على عدة مقترحات ملموسة لتجاوز الأزمة وضعت على طاولة الوزير الأول، ومن جملة تلك الاقتراحات إعادة النظر في وجهة أموال التحويلات الاجتماعية واستهداف الفئات التي تحتاجها فعلا ومراجعة المادة 49/51 لجذب الاستثمارات الخارجية تحرير رؤوس الأموال والاستثمارات عبر تعديل قانون الاستثمار بما يسمح بإزالة المادة التي تخضع المشاريع التي تفوق قيمتها 15 مليار دينار الى موافقة المجلس الوطني للاستثمار إزاحة العراقيل البيروقراطية المنفرة للاستثمارات وكذا إيقاف مسعى الجزائر للانضمام لمنظمة التجارة العالمية ومراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وإن كانت هذه هي أهم الاقتراحات التي سيتقدم بها الخبراء فإن تجاوب حكومة سلال معها يبقى صعب التخمين به خصوصا أن الحكومة تتقلب في خطابها بين الإقدام على خطوات شجاعة لتحرير الاقتصاد وعدم الذهاب نحو الليبرالية المتوحشة على حد قول الوزير الأول.