تفاجأ المتابعون للحملة الانتخابية من الإعلان الذي أطلقه المرشح الرئاسي الأميركي للحزب الجمهوري دونالد ترامب الذي تضمن وعدا بإعادة غزو العراق وسوريا ان لزم الأمر لإيقاف تنظيم داعش الإرهابي، معللاً ذلك بأن السبيل للانتصار على التنظيم الإرهابي هو بحرمانه من مصادر تمويله، والتي يرى ترامب بأن ريعها الاساسي يأتي من النفط. واللافت أن خطاب ترامب، الذي ألقاه على متن بارجة حربية شاركت في الحرب العالمية الثانية راسية على شواطئ لوس انجليس (ولاية كاليفورنيا)، خلا من أي ملامح لسياسة خارجية واضحة، وسادته لهجة الاستعلاء وربما عودة للقطب الواحد وإعادة الاحتلال. ترامب والذي يصفه الساسة الأميركيون بمن فيهم أعضاء حزبه الجمهوري ب«الشخصية المسلية» لم يتطرق في خطابه لأي إشارة لا من قريب ولا من بعيد لماهية السياسة الخارجية التي سيعتمدها في حملته الانتخابية أو التي سيطبقها إذا ما انتخب رئيسا للولايات المتحدة، مما يؤكد على جهله التام بطبيعة العلاقات الخارجية للولايات المتحدة مع دول العالم، وغياب أي تصور لديه لحل أي أزمة من أزمات العالم باستثناء تصريحاته الخاصة بالقوة العسكرية الأميركية والتي تنم عن عنجهية كبيرة تعود بالعالم لسياسة القطب الواحد. فيما عكست تصريحاته عن العراق عودة للأطماع الأميركية في العراق والتي أرسى قواعدها جورج بوش الابن. قوة عسكرية ترامب قال في مطلع خطابه: «نريد أن نضاعف القوة العسكرية للولايات المتحدة لنصبح أكبر قوة عسكرية على الأرض، ولكن لن يكون لنا حاجة لاستخدام تلك القوة والترسانة العسكرية الضخمة لأن امتلاكنا لقوة عسكرية عملاقة سيجعل العالم يهابنا.. ويحسب لنا ألف حساب ولن يفكر حتى ولو بالتفكير أن يدوس على طرف لنا»... وبالتالي ترامب يعود للعالم بسياسة الترهيب. عندما سئل ترامب كيف سيحارب تنظيم داعش؟، قال إنّ «داعش يسيطر على النفط وعلى أجزاء من العراق وعلينا أن نسلب داعش تلك الثروات النفطية وعلينا إذاً السيطرة والاستحواذ على النفط العراقي عن طريق غزو هذا البلد، وإذا ما انتخبت رئيسا للولايات المتحدة فسأقوم بإرسال قوات برية أميركية للعراق ونستولي على النفط العراقي ونبيعه عندها سيكون لدينا أموال طائلة نخصصها للعناية بقدامى المحاربين الأميركيين وعائلاتهم». شرعنة احتلال ويرى عدد من الخبراء بأنه ورغم جيش المحامين وكبار المستشارين القانونيين في إمبراطورية ترامب إلا أن كل هؤلاء وبما أوتوا من خبرات عالمية لن ينجحوا في شرعنة احتلال ثروات وطنية لدولة أخرى ذات سيادة فما يخطط ترامب للقيام به في العراق سيكون خرقا واضحا للقانون الدولي. وسارع قائد أركان الجيش الأميركي المنتهية ولايته الجنرال ريموند أوديرنو بالرد على تصريحات ترامب رافضا تلك التصريحات واصفا إياها بالقصيرة النظر، وقال إنّ «داعش لا يجني الملايين من النفط وإنما الجزء الأكبر من مداخيل داعش مصدرها جباية الضرائب من المناطق والقرى والمدن التي يسيطر عليها تنظيم داعش». ترامب لم يتردد أيضا في مهاجمة الصين حين قال بأن العجز الأميركي مع الصين يصل إلى 500 مليار دولار وهو أمر لا يصدق ومرفوض، وقال إن اليابان تصدر ملايين المركبات إلي الولاياتالمتحدة فيما تُصدر الأخيرة اللحوم إلى اليابان والتي لا تعجب اليابانيين ومن ثم يعيدون تصديرها للولايات المتحدة لتصبح الولاياتالمتحدة الخاسر من تجارتها من الصينواليابان، واعدا الشعب الأميركي بأن كل ذلك سيتغير.