شرعت مصالح الضرائب على مستوى 48 ولاية في حملة استنفار واسعة لتحصيل الضرائب بما في ذلك إعادة تحيين بعض الملفات التي أكل عليها الدهر وإرسال إشعارات لدفع بالنسبة للمتخلفين عن دفع غراماتهم وفي هذا الصدد، أبلغت وزارة المالية، المديرية العامة للضرائب بضرورة الشروع في التحصيل القسري لأموال الضرائب العالقة على مستوى كبار التجار والمؤسسات الخاصة والمقاولين، حسب تعليمة وجهتها المديرية العامة إلى قباضات الضرائب. وبدأت العملية بإرسال إشعارات إلى كبار التجار والمؤسسات بضرورة دفع قيمة دينهم الضريبي أو الوقوع تحت طائلة العدالة، مع ما قد ينجر عن ذلك من تداعيات جزائية، تصل حد الحجز على الممتلكات أو سحب المستحقات من الحسابين البنكي أو البريدي بعد تجميدهما. وحسب مصادر على علاقة بهذا الملف، فإن وزارة المالية وذراعها الجبائية المديرية العامة للضرائب تهدف من وراء هذه الخطوة إلى دفع كبار الناشطين في السوق الموازية إلى الرضوخ لعملية الامتثال الجبائي الإرادي التي أطلقتها الحكومة في شهر أوت الماضي على أن تنتهي نهاية 2016 بعد أن أثبتت المعاينة الأولية عزوف الناشطين في السوق الموازية عن إيداع أموالهم في القنوات البنكية، في انتظار حصيلة رسمية من المنتظر أن تعلن عنها المديرية العامة للضرائب نهاية العام الجاري. وجاء هذا القرار ليؤكد أن الحكومة لم تعد تجد منفذا في مواجهة الأعباء التي تتكبدها الخزينة العمومية بسبب تراجع أسعار النفط غير اللجوء إلى توسيع حصيلة وعائها الجبائي، حيث وضع وزير المالية عبد الرحمن بن خالفة تحصيل 2600 مليار كهدف للحكومة السنة القادمة خارج الجباية البترولية، خصوصا أن النتائج الأولية لمداخيل الضرائب التي فرضت تباعا في قانون المالية 2015 قانون المالية التكميلي جاءت حسنة، حيث فاقت حصيلة الضرائب العادية خلال ال7 أشهر الأولى من السنة الجارية ال 1500 مليار دينار وتفوقت لأول مرة على حصيلة ضرائب المحروقات التي لم تتجاوز ال1250 مليار دينار تأثرا بتراجع إيرادات الذهب الأسود. أثر تراجع أسعار النفط العالمية بما فيها أسعار الخام الجزائري على مداخيل الجباية النفطية التي فقدت 28 بالمائة من قيمتها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية، مقارنة بنفس الفترة من 2014، لتصل إلى 5ر569 مليار دج مقابل 793 مليار دج سنة من قبل، وهكذا فإن صندوق ضبط الإيرادات لم يتلق أي تخصيص خلال هذه الفترة؛ نظرا إلى أن الجباية المحصلة لم تصل بعد إلى مستوى الجباية المتوقعة لسنة 2015 (1.723 مليار دج). وإن كان هدف الحكومة من هذا القرار هو مواجهة تداعيات تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية، فإن قرارا من هذا القبيل، من شأنه أن يضع المنظومة القانونية للدولة في مجال التحصيل الضريبي على المحك، بسبب النفوذ الذي يحظى به بعض الرافضين للتسديد من المتغولين، لاسيما في ظل العلاقة الوثيقة التي أصبحت تربط بين المال والسياسة في الجزائر.