نعول على المستثمرين الجزائريين في دعم الفعل الثقافي يتحدث وزير الثقافة عز الدين ميهوبي في هذا الحوار الذي خص به "البلاد" عن سياسته الثقافية منذ توليه منصبه، وجدوى التظاهرات والمهرجانات الثقافية، ودور المستثمرين الخواص في ترقية الفعل الثقافي. كما يوضح موقف وزارة الثقافة من مشاركة بعض المخرجين الجزائريين في مهرجانات سينمائية إسرائيلية بأفلام تمولها الدولة الجزائرية ويعرج على قانون الكتاب ووضعية الفنان الجزائري. مضى ما يقارب السبعة أشهر على توليكم منصب وزيرا للثقافة، كيف تلخص لنا السياسية الثقافية التي تم انتهاجها في تسيير القطاع؟ مضى بالضبط ستة أشهر وأربعة أيام منذ توليني منصب وزير للثقافة.. أقوم بعملي وأسعى إلى منح القطاع حيوية لما له من امتدادات في المجتمع، أوقع حضوري الدائم، وهناك فعاليات تقام مستمرة موزعة عبر المدن الولايات، وكما تلاحظون، أنا اليوم في ولاية ما وغدا في أخرى.. هذا الحضور يمكن المسؤول من أخذ فكرة "ساخنة" عن الحالة الثقافية مهما كانت طبيعتها سواء في السينما أو المسرح أو التراث أو الأدب أو أنشطة متعددة أخرى.. حضوري مهم جدا وأنا أتواصل مع فئة لا أقول إنها "منتقاة" في المجتمع ولكنها تمتلك الملكة والموهبة فيجب أن يكون التعاطي معها خاصا، وكيف يمكنك أن تمنحها التشجيع وتأخذ عنها التطلع، أحمد الله فالجزائر اليوم بتنوعها الثقافي مكنتني من أخذ فكرة رائعة وأنا اسعى لتحميض هذه الصورة بشكل يومي.. فالأفكار موجودة لدى عديد المشتغلين في الحقل الثقافي والمشاريع تطرح أمامنا في كل المجالات، لم يتبق سوى ضبط البيئة الثقافية، بمعنى إحداث توازن في الحياة الثقافية. هل هناك أوليات في قطاع الثقافة يتم التركيز عليها؟ كل شيئ في قطاع الثقافة له الأولوية، لا يمكن القول إن السينما أسبق من المسرح، أو الأدب أسبق على التراث، فكل مجال يقتضي الاهتمام اللازم، لهذا يشعر الإنسان بأن هناك تشكلا لملامح منظومة ثقافية، كان لا بد الوصول إلى هذا لأن الثقافة عامل مهم في استقرار المجتمع والإبداع عامل أساسي في تطور العمل الثقافي والتنافس أيضا في الحقل الثقافي يمنح الجودة ويعطيك المستويات التي يجب ان تبلغها الثقافة الجزائرية.. الحمد لله الجزائر حاضرة بقوة الآن في المشهد الثقافي المحلي وتسعى لتوجد لنفسها مواقع متقدمة، وذلك على الصعيد الخارجي.. خلال الفترة التي باشرت فيها عملي كوزير للثقافة نال عدد من الجزائريين جوائز مهمة، وأذكر من بينهم الشاعر عياش يحياوي الذي توج بجائزة "العويس" من دولة الإمارات، وتوج الروائي الكبير واسيني الأعرج بجائزة "كاتارا" للرواية إضافة إلى تتويج الخطاط الجزائري وهو أستاذي؛ محمد بن سعيد الشريفي بجائزة "السلطان قابوس".. وهذا يؤكد أن الجزائر تملك قدرة التبوء في المشهد الثقافي العربي والدولي، دون أن أنسى تتويج المخرج لطفي بوشوشي في مهرجان الإسكندرية الأخير بأربعة جوائز وأخرى حصدها المخرج محمد زاوي عن فيلمه التسجيلي، ناهيك عن الكثير من التقديرات التي يحظى بها المبدعون الجزائريون.. نرفض مشاركة أفلام نمولها في مهرجانات إسرائيلية حتى لو ساهمنا فيها بدينار واحد إذن الثقافة الجزائرية تسير بصورة ثابتة وهادئة وبوتيرة مطمئنة، ونحن أردنا إعطاء دفع من خلال التفكير في تنظيم ندوة يوم ال22 من نوفمبر الجاري، حول "الاستثمار في المجال الثقافي" لأن الدولة من خلال مؤسساتها تكفل الخدمة العمومية الثقافية، فهي تؤمن الفضاءات وتمول وتؤمن الجانب القانوني للنشاط الثقافي، لكن الدولة والإدارة والوزارة لا ينتجون ثقافة. ماذا تقصد.. هل لك أن توضح أكثر؟ لا يمكن لوزارة أن تنتج شاعرا مثلا، أو رساما، المجتمع هو الذي ينتج ثقافة، هو الذي يعبر عن نبضه من خلال المبدعين لهذا فأن المجتمع مطالب بان يكون هناك أطراف أخرى تدخل في ترقية العمل الثقافي، وهذا دور المؤسسات الاقتصادية في دعم العمل الثقافي. وأشير هنا إلى رجال الأعمال الذين بإمكانهم دعم العمل الثقافي وتمويل أفلام ومسرحيات وتمويل طباعة الكتب، هذا ما يسمى ب "الرعاية"، هذه مسائل نراها في العديد من البلدان، نحن أيضا بحاجة إلى إن يصبح هذا تقليدا في الجزائر لدعم العمل الثقافي، الدولة لا يمكن أن تبني أستوديو للسينما أو تنشئ مخابر لتحميض الأفلام.. الدولة تقدم الأشياء الكبرى في الثقافة، وبعض التفاصيل الثقافية يفترض أن يشارك فيها أفراد ومؤسسات.. وما الذي يمنع مستثمرا جزائريا من إنجاز مدينة للسينما.. لقد قرأت منذ أيام تصريحا لمخرج فرنسي كبير قال إنه لن يصور بعد الآن فيلما في الجزائر، هذا شأنه.. لأنه يرى أنه لا توجد بيئة مشجعة على السينما في الجزائر في حين أن التاريخ يثبت أن الإخوة "لوميار" عندما بدأوا السينما صوروا 10 أفلام في الجزائر من بين 12 فيلما.. كان هذا في بدايات السينما وصورت مئات الأفلام في الجزائر في التل والصحراء والبحر.. إلخ. يعني لا توجد بيئة مشجعة؟ البيئة موجودة في الجزائر، قد يكون هذا المخرج متحدثا عن البيئة الإدارية، نحن نملك قوانين موجودة في العالم تشترط احترام إجراءات معينة؛ لهذا نحن نعول على المستثمرين الجزائريين بأن يكتشفوا المجال الثقافي الاقتصادي، والثقافة قادرة أن تكون رافدا مهما في الاقتصاد الوطني وهي تحقق الكثير، ويحظى هذا القطاع بدعم كبير من قبل السيد رئيس الجمهورية.. وبالنهاية نحن نطبق برنامجه من خلال مخطط الحكومة وهو ما يدفعنا إلى تحرير القطاع أكثر نحو مبادرات فاعلة ومفيدة لصالح الثقافة . منذ أيام أسدل الستار على فعاليات الطبعة ال20 لمعرض الجزائر الدولي للكتاب، سجل رقم مليون ونصف مليون زائر للتظاهرة.. باعتقادكم هل يعكس هذا نسبة المقروئية في الجزائر؟ بلا شك أن للمقروئية حيز مهم في حياة الجزائريين، ونحن نسعد بوجود عائلات في المعرض حتى لو لم تشتر كتبا.. يكفي أن تدخل هذا المناخ وتربي أولادها آو يكونوا قريبين من الكتاب، هذا شيء مهم جدا وهي ظاهرة إيجابية.. أكثر من 100 ألف تلميذ في زيارات منتظمة للمعرض، كان هناك مشاركة لوزارتي التربية الوطنية، والشؤون الدينية والأوقاف، المعرض لم يعد سوقا فقط لبيع الكتاب إنما فعالية ثقافية متنوعة، ندوات ورشات عروض أفلام.. بمعنى حياة ثقافية كاملة في ظرف أيام.. حتى تواجد الزوار بين الأجنحة يفرض الحديث حول الكتاب دون الخوض في مواضيع أخرى، سواء في الرياضة أو السينما وهذا أمر هام.. هذه الطبعة اتسمت بمهنية عالية لأن الهيئة المنظمة أخذت وقتها في التحضير والتزم الناشرين باحترام الآجال، وخضوعهم للرقابة وهذه السنة لم نشهد حظر سوى 106 عناوين فيما منع في الطبعة السابقة 3500 عنوانا. لكن حدثت بعض التجاوزات في الطبعة المختتمة لمعرض الجزائر الدولي للكتاب من بينها بيع بالجملة وتسريب لبعض العناوين الممنوعة.. كيف يمكن تفادي هذه التجاوزات مستقبلا؟ اللجنة المنظمة قامت بعمل قبلي، ومنعت عددا من العناوين لأسباب مبدئية، فالكتب التي تدعو إلى الفتنة والتطرف وتمجد الإرهاب أو تسيئ إلى الجزائر ورموزها.. كل هذه العناوين مرفوضة لأنها تحمل مضامين تتعارض مع قيمة الكتاب نفسه.. بقيت اللجنة توجه إنذارات لمختلف دور النشر وتعمل وتتدخل قبل وأثناء سير فعاليات الطبعة ال20 لمعرض الكتاب، لكن 25 ألف عنوان تم عرضها بالمعرض ليس بالأمر السهل وضعها تحت المجهر، هناك هامش واسع من الحرية، ونحن نمنع الكتب التي تحتوي مضامين مسيئة أما الكتب التي تتضمن جدلا أو اختلافا في وجهات النظر مسموح بها بل هذا أمر طبيعي وإلا لن نعرض سوى عناوين قليلة . أمرتم بتقليص ميزانية معرض الكتاب إلى النصف ما أزعج الكثيرين إلى حد وصفه ب"المعرض التقشفي".. ما جدوى هذا القرار وهل خدم الكتاب برأيكم؟ نحن لا نسعى من وراء سياسة ترشيد النفقات إلى "تصحير" الحياة الثقافية، بل نسعى إلى كيفية تحقيق عمل ثقافي ناجح وبتكلفة أقل، أنا عندما تمنحني مبلغ 10ملايير وتطلب مني إقامة فعالية ثقافية يصل الأمر بنا أحيانا إلى توقيع شيكات مفتوحة دون الحاجة إليها لأن لك ما يكفي ويفيض، نحن الآن أمام ضرورة دراسة جدوى كل فعالية ثقافية من حيث عدد الأيام، عدد المشاركين، المسائل التنظيمية، وأعني بها الإقامة، النقل، الإطعام.. كل هذه الأشياء تضبط الآن بصورة دقيقة، فهذه الأموال يجب أن تخضع لرقابة بعدية.. هذه أموال الجزائريين يجب أن تنفق حيث توجد مصلحة الجزائريين. ليس معنى التخفيض من ميزانية أي فعالية ثقافية، الإضرار بها؛ بل بالعكس.. دعوني هنا أعطي مثالا من الرياضة التي أحب أن أستشهد بها "عندما تمنح شخصا 90 دقيقة وتطلب منه تحقيق الفوز، ثم تنفذ المهلة ولا يحقق شيئا تضيف له 20 دقيقة أخرى دون جدوى أيضا فتضطر لإضافة مهلة أخرى قد تكون 30 دقيقة مثلا.. هنا هذا الشخص سيتهاون في تحقيق الفوز.. إذن أنا أعطيك المبلغ وعليك أن تكيف نفسك معه وكما يقول المثل "عليه أن يمد رجليه على قد كسائه". أصدرتهم أيضا قرارا بتقليص عدد المهرجانات التي وصلت إلى 70 من مجموع 200.. ماهي المعايير التي تم بموجبها الإبقاء أو الاستغناء عن مهرجان دون آخر؟ مسألة المهرجانات هي أساسية، فلا يمكن الحديث عن الثقافة دون أن تكون هناك أطر منتظمة لتنظيم فعاليات مختلفة.. لقد مرت الجزائر بفترة صعبة ومعقدة في سنوات التسعينات.. كان الفعل الثقافي محدودا بالإمكانيات والانتشار، وفي بداية التسعينيات كان هناك دعم كبير من الدولة للعمل الثقافي، فحدث هذا الانتشار الواسع في إقامة فعاليات كثيرة.. أعرف أنه أمر مهم وإيجابي، لكن الشيء الذي نسعى إليه الآن هو إعادة تقويم هذه المهرجانات.. ماذا حققت خلال 10 أو 15 دورة، بعض المهرجانات بقيت "رتيبة".. نفس الأسماء تحضر، نفس الجمهور، نفس المكان، لا جديد يذكر.. إذن أنت لا تجدد.. لا تقدم قيمة مضافة. تظاهرة قسنطينة ردت الاعتبار ل"مدينة الجسور المعلقة" ولاحظنا أيضا أن هناك بعض المهرجانات متشابهة تماما وتأخذ مسميات مختلفة لكنها تصب في نفس الإطار.. وهنا أعطيكم مثالا "مهرجان الإنشاد، ومهرجان الأغنية الصوفية، ومهرجان السماع الصوفي ومهرجان الأغنية الروحية".. هل من أحد يبين لي الفرق؟ ما الذي يجبرني أن أجعل لكل منها مهرجانا، وميزانية وفريق عمل، التفكير الان هو ان نشكل مهرجانا وطنيا دوليا كبيرا وكل الأطراف تشارك فيه وممثلة فيه، نحن نبحث عن الجدوى لا نريد أن نشتت الجهد في مسميات كثيرة مع إمكانية نقل المهرجان من ولاية إلى ولاية أخرى من دورة إلى دورة. وإضافة إلى هذا هناك مهرجانات لسنا مطالبين بإقامتها سنويا.. يكفي أن تقام مرة كل سنتين. إذن ما الجدوى من إقامة دورة أخرى لمهرجان وهران للفيلم العربي بقسنطينة تحت اسم "مهرجان الفيلم المتوج"؟ فهمت سؤالك.. وصلتني الفكرة.. لقد حدث أن ضيعنا دورة من مهرجان وهران للفيلم العربي؟، وما مهرجان الفيلم المتوج إلا استدراكا لهذه الدورة.. كما أنه ليس مهرجانا بل هي مجرد أيام سينمائية للأفلام المتوجة في باقي دورات مهرجان وهران، أي لن تكون هناك لا مسابقة أفلام ولا تتويجات ولا حضور مكثف بل بعض الحضور المحدود، وهذه الأيام السينمائية ستكون استثناء في قسنطينة في إطار "عاصمة الثقافة العربية". طيب دعنا نعود إلى الكتاب مجددا، وتحديدا "قانون الكتاب".. متى يتم تفعيل هذا القانون الذي تمت المصادقة عليه منذ شهرين؟ بالفعل تمت المصادقة على قانون الكتاب منذ شهرين، والآن هناك نصوص تنظيمية لأن هناك قطاعات أخرى لها صلة.. هذه النصوص قيد الإنجاز وتنتظر الردود من باقي القطاعات، ومباشرة بعدها سيتم إعداد هذه النصوص بصورة قانونية تأخذ نفس المسار. بعض الناشرين يصفون قانون الكتاب بالاحتكاري، كون عملية شراء الكتاب تكون برخصة مسبقة من وزارة الثقافة مما يعيق حسبهم عملية الاستثمار.. ما تعليكم؟ الوزير الأول في افتتاح معرض الكتاب في طبعته المختتمة، قدم توجيهات، وكان حريصا على نقاط محددة تتعلق بتشجيع النشر المشترك والترجمة، لأننا بمثل هذه العمليات نخفف من فاتورة استيراد الكتاب ونسمح للكتاب الجزائري بالرواج، أو إيجاد سوق له خارج حدوده.. إذن هذه المسائل يفترض أن يطالب بها الناشرون وأن يعملوا ضمن هذا التصور لأن مسألة جلب الكتاب وشراءه لا يوجد أسهل منها لأنه في هذه الحالة كأننا "نضيف الماء للبحر".. الإعلام الدولي موجود في الجزائر.. لكنه يبحث عن الإثارة فقط يفترض أن يكون الناشرون أكثر حرصا على إنعاش سوق الكتاب من خلال شراء الحقوق خارج النشر المشترك وترجمة الأعمال من اللغات الأخرى إلى اللغات الوطنية "العربية والأمازيغية" والعكس أيضا، مع فتح نقاش مع كل الأطراف الفاعلة في سوق الكتاب حتى نصل إلى رؤية نحمي فيها سوقنا الداخلي ونحمي بها الكتاب الجزائري.. فالقانون لا يعرقل ويحد؛ بل يحدد المسؤوليات. منذ تأسيس المركز الوطني للكتاب وهذه الهيئة في نظر الكثير من المتابعين مجرد "جماد".. ما الذي حققه هذا المركز؟ هذا المركز يؤدي عمله، قد لا يبدو جليا وظاهرا للإعلام، فهو بحاجة إلى دعم أكثر، لكن مسؤولية هذا المركز تظهر أكثر عندما يدخل قانون الكتاب حيز التنفيذ.. هو ينظم ندوات وكان حاضرا في معرض الكتاب الأخير. لكن جناحه كان فارغا؟ لأنه مركز في بداياته، لا يمكن الحديث عن هيئة مازالت في بدايتها وأن نصدر أحكاما استباقية بالإخفاق والفشل، فاللجان تباشر عملها بصورة دائمة وسنعمل على تطوير هذا المركز مع مرور الوقت. ننتقل إلى ملف "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية" التي توشك على الانتهاء.. ما الذي حققته هذه التظاهرة وماذا لم تحقق؟ الجزائر البلد الوحيد الذي كسب تظاهرتين مهمتين في إطار العواصم الثقافية في عام 2007 والعام الجاري، تظاهرة عاصمة الثقافة العربية التي تحتضنها قسنطينة رد اعتبار لهذه المدينة التي هي عاصمة للعلم والمعرفة وفعالية بهذا الحجم تعطي المدينة حقها في أن تكون عاصمة للثقافة والإصلاح، مدينة الجسور المعلقة بتاريخها وماضيها كسبت الكثير من التظاهرة، منذ افتتاحها الذي تعزز بكلمة رئيس الجمهورية مرورا بالحضور الكبير لمختلف البلدان العربية الصديقة والشقيقة التي أبدت رغبتها بل حرصها على المشاركة.. تحققت فيها منشآت ثقافية، من بينها قاعة "أحمد باي" التي تعد إنجازا مهما، وترميم الكثير من المعالم وبعض القاعات الكبرى، وهناك كتب تطبع وأفلام تنجز إلى جانب تنظيم الأسابيع الثقافية المحلية والدولية.. قسنطينة تحولت إلى عاصمة للثقافة المحلية والعربية والعالمية. لكن ألا تعتقد أن الجزائريين شبه مغيبين عن الحدث باستثناء سكان مدينة قسنطينة.. ولماذا ليس هناك تغطية إعلامية بمستوى الحدث؟ الحدث ينظم بمدينة داخلية، والفعاليات تسير وفق البرنامج المسطر، وبشكل يومي.. الإعلام هو من يجب أن يجيب عن هذا السؤال، لماذا لا يواكب التظاهرة.. لقد وضعنا موقعا الكترونيا تحت تصرف الجميع وجريدة مخصصة للتظاهرة، ونتبع أسلوب التبليغ بالرسائل النصية "آس آم آس".. كما أن إذاعة قسنطينة الجهوية تقوم بدورها.. لقد وصل بنا الأمر إلى تخصيص سيارة تجوب شوارع قسنطينة وتبلغ بالمواعيد الخاصة بالتظاهرة. أتحدث هنا عن تغطية الإعلام الدولي باعتبار التظاهرة دولية.. يوجد في الجزائر إعلام دولي وهو محدود جدا.. لكنه يهتم فقط بالحوادث الأمنية، ويترقب الأخبار السياسية، لكن لو بلغته بملتقى لجمعية العلماء المسلمين يراه من "سقط المتاع".. يبحثون عن الإثارة فقط، وأنا أقول لهم الثقافة فعل هادئ.. ما يعنينا هو المواطن الجزائري في قسنطينة وأن يثمن هذا الحدث الذي لا يتكرر دائما.. بمناسبة الحديث عن الإثارة، أثير جدل كبير حول مشاركة بعض الأفلام الجزائرية التي تمولها وزارة الثقافة في مهرجانات لدول عدوة للجزائر.. وهل هناك في قانون السينما ما يضبط هذه المشاركات؟ للأسف لا يوجد ما يضبط هذا، لكن بعد أن تكررت المسألة التي تمس بمشاعر الجزائريين والأشقاء الفلسطينيين خاصة أن المشاركات المندد بها هي التي تتم في إسرائيل، فنحن لا نرتبط بأي علاقة بهذه الكيانات ونحافظ على صورة الدولة الجزائرية وبالتالي التجربة الأولى كانت مع المخرج إلياس سالم بفيلمه "الوهراني" الذي ما إن أشعرناه برفضنا لمشاركته وضرورة سحبه لفيلمه؛ فعل.. هو أوقع نفسه في ورطة وأخرج نفسه منها.. ثم جاءت مشاركة مرزاق علواش بفيلمه "مادام كوراج" في مهرجان سينمائي بإسرائيل.. مرزاق علواش مطالب بإرجاع 800 مليون أو تقديم تبريرات نحن باعتبارنا مساهمين لنا الحق بالتدخل فيما نرى أنفسنا مطالبين بالتدخل فيه مهما تكن نسبة تمويلنا للفيلم حتى لو قدرت ب 1 بالمئة، ولو دينار واحد لنا الحق في طرح السؤال "لماذا شاركت يا مرزاق علواش في هذا المهرجان الذي لن يضيف لاسمك ولا للجزائر شيئا".. علواش اسم كبير لا يحتاج إلى المزيد من الشهرة بفيلم لن يجلب له سوى "لوم" الجزائريين.. لقد التزمت الوزارة بأن تقدم له مساعدة قدرها 20 مليون دينار، تسلم الشطر الأول منها مقدر ب 8 ملايين.. وطالبناه بتوضيحات من خلال الجهة المنتجة للفيلم وليس بصفة مباشرة.. نحن لا نريد أن يوضع مال الجزائريين في مشاركات مثل هذه، وجه الاعتراض ليس على الفيلم، فالمهم أن يكون ناجحا وأنا لم أشاهده.. لكن اعتراضنا على مشاركة علواش الملزم بإجابة الجزائريين.. هو يقول إنه يتحمل المسؤولية وأنا أقول من يتحمل المسؤولية يفعل ذلك من جيبه الخاص وبإمكانياته وليس بأموال الجزائريين.. نحن لا نطعن أو نشكك في قيمة مرزاق علواش فهو مخرج كبير وأعطى دفعا كبيرا للسينما الجزائرية.. ما فعله هو أنه أجابني برسالة لم تكن مقنعة وأنكر أنه تلقى دعما من وزارة الثقافة.. وتصريحي الأخير حول الموضوع كان "لا تجبرنا يا علواش على إخراج وصل الدفع لأننا لا نحب الدخول في هذه المسائل".. قلت له "إنك تريد التصرف بمحض إرادتك دون أن تأخذ بعين الاعتبار التزامنا.. فهذا يفرض عليك رد المبلغ والقضية متوقفة هنا في انتظار أن نسمع منه الدوافع من هذه المشاركة التي لن تجلب له سوى المتاعب مع الرأي العام نأمل أن يدرك المخرجون الجزائريون أن "العناد" لا يفيد في شيئ، فالجزائري معروف بالأنفة والاعتزاز بنضاله وحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة.