أبدى المخرج السينمائي والمنتج بشير درايس في حديث ل''البلاد'' اعتراضه على مضمون المادة الخامسة من مشروع القانون المتعلق بالسينما الذي ناقشته وزيرة الثقافة أول أمس أمام نواب البرلمان ومضمونها أن ''إنتاج الأفلام التي تتعلق بثورة التحرير الوطني ورموزها تخضع لموافقة مسبقة من الحكومة''، الأمر الذي اعتبره عدد من النواب ''تقييدا لحرية السينما.. فلا يعقل أن يجتمع مجلس وزاري بأكمله للترخيص بإنجاز فيلم سينمائي''. واعتبر درايس أن هذه المادة لن تكون سارية المفعول لأنه ليس معقولا أن تتدخل الحكومة في منح رخصة لإنجاز أعمال سينمائية ثورية إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون ''سيناريو'' الفيلم المقترح يشوه التاريخ أو يمس بشخصية من شخصياته، كما أن الجهة الوحيدة التي لها الحق في التدخل ومنح رخصة التصوير هي وزارة المجاهدين، مضيفا أن السمة الأساسية التي تميز القطاع السينمائي هي تمتعه بالحرية المطلقة دون الخضوع لرقابة أو قيود ''كل الجزائريين لهم الحق في إنجاز أفلام عن ثورتهم ونحن لا نشوه التاريخ''، على حد تعبيره. من ناحية أخرى، كشف بشير درايس أن التحضيرات جارية بالنسبة لفيلمه الجديد ''فضل الليل على النهار'' المأخوذ عن رواية لياسمينة خضرة تحمل نفس الاسم، فيما يخرجه الفرنسي الشهير ''ألكسندر أركادي''، موضحا أن موعد تصوير مشاهده سيكون شهر مارس القادم في كل من وهران وعين تيموشنت، حيث تدور أحداث العمل حول فترة الثلاثينيات من تاريخ الجزائر إلى غاية الاستقلال بناء على ''سيناريو'' كتبه ''دانيال سانت أمو''، وهو فرنسي من أصول يهودية من مواليد مدينة معسكر، اقتباسا عن رواية ''فضل الليل على النهار''. وعبر شخصية ''يونس'' الذي عاش وترعرع في مجتمع ''الأقدام السوداء''، أي بين الأجانب الذين ولدوا وعاشوا بالجزائر، أسس هذا ''السيناريست'' نصه الذي سيترجم إلى فيلم مدة عرضه ساعة ونصف من الزمن. وتشكل شخصية ''يونس'' محور أحداث فيلم ''أركادي''، حيث أن الفتى الذي لم يتجاوز سنه تسع سنوات، كان يعيش مع والده المزارع الذي خسر صفقات مالية، فأخذت منه الأراضي التي ورثها عن أجداده. وفي ظل هذه الأزمة يضطر الوالد إلى ترك ابنه ''يونس'' عند عمه الذي ينتمي إلى مجتمع ''الأقدام السوداء'' في إحدى ضواحي وهران، مما افقده احترامه لنفسه بعد تخليه عن ابنه. وساعدت ملامح ''يونس'' من عيون زرقاء ووجه جميل، على تقبله في هذا المجتمع. وبعدما تم ''تعميد'' الصبي في الكنيسة، تحول اسمه إلى ''جوناس''، وكبر مع أصدقائه من المعمرين وأصبح لا يفارقهم أبدا لأنه اكتشف رفقتهم معنى السعادة وتقاسم معهم أحلام المراهقة التي لم تؤثر عليها الحرب العالمية الثانية ولا مشاكل الهوية والعربية. وتتسارع أحداث الفيلم لتظهر لاحقا الفتاة الجميلة ''إيميلي'' التي سحرت ''يونس'' وأصدقاءه الثلاثة بحسنها وأنوثتها، لتبدأ هنا قصة حب ''يونس'' و''إيميلي'' وتكون سببا في ظهور بعض المشاكل بين الأصدقاء الأربعة حول الوفاء والأنانية والحقد، خصوصا أن هذه الأحداث تزامنت مع تصاعد الأصوات المنادية باستقلال الجزائر والتحرر من الاستعمار الفرنسي وتفجير الثورة التي كان ينظر إليها ''يونس'' على أنها حرب دامية يقتل فيها الإخوة، رافضا أن تحطم الصداقة الحميمة التي جمعته مع شباب من ''الأقدام السوداء'' كما رفض أن يتنكر لعمه وزوجة عمه اللذين منحاه كل الإمكانيات من أجل التمتع بحياة هادئة وسعيدة. وفي نفس الوقت لم يكن ''يونس'' يتصور نفسه بعيدا عن ''القيم الأخلاقية'' التي زرعها فيه والده من كرامة وفخر بالأجداد واحترام للتقاليد والتمسك بكلمة ورأي واحد، وهذا ما جعل قصة حبه مع ''إيميلي'' يتهددها الفشل.