خرجت مؤسسة رئاسة الجمهورية عن صمتها إزاء الجدل الذي طفى على سطح الساحة السياسية فجأة ودون سابق إنذار بخصوص الحكومة ومنصب الوزير الأول تحديدا، وذلك بعدما أعلن حزب جبهة التحرير الوطني بكل صراحة عن رغبته في الظفر بمنصب الوزير الأول، كون الدستور الجديد يمنحه هذا الحق، مهددا باللجوء لنوابه بالمجلس الشعبي الوطني لإسقاط الحكومة، إن كان على رأسها الأمين العام بالنيابة للحزب الغريم أحمد أويحيى. وفسر تصريح الرئاسة على أنه موجه لفئة محدودة من حزب الجبهة يحمل بين طياته معنى "من أنتم وعما تتكلمون" ؟ . وأفاد مصدر مأذون من رئاسة الجمهورية، ظهيرة الخميس، أن استقالة الحكومة "غير واردة"، بالنظر إلى أن أي حكم من الدستور المعدل أخيرا لا ينص على ذلك. وأوضح المصدرالمأذون بشأن "استمرار المضاربات والتعاليق حول استقالة الحكومة أن "لا شيء في الدستورالمعدل يستدعي استقالة الحكومة، وبالتالي فإنه أمر غير وارد".ويفهم من خروج مؤسسة الرئاسة عن صمتها عن طريق مصدر مأذون، بأنه رسالة" مهذبة" "وراقية" من أعلى مؤسسة بمؤسسات الجمهورية مبعوثة مباشرة ودون وسيط إلى حزب الأفلان الذي طالبت قياداته باستعمال ما كانت تعتقد أنه حقها الدستوري في التشاور مع رئيس الجمهورية بخصوص تعيين الوزير الأول القادم. وجاء رد الرئاسة واضحا وهو أن الدستور الجديد لا يعطيكم حق التدخل في صلاحيات الرئيس في تعيين وإنهاء مهام الوزير الأول. كما أنه وكما سبق وأن انفردت بنشره يومية البلاد من قبل، يسقط تماما فرضية لقاء سعداني مع الرئيس بوتفليقة من أجل التشاور، كما صرح بذلك عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام لجريدة الحزب. وفي هذا الصدد، قال مصدر رسمي ل"البلاد" إن الأصل في المادة الدستورية هو أن يعين الرئيس الوزير الأول، وليس "بعد التشاور مع الأغلبية البرلمانية"، كون التعيين جاء هو الأول، كما أردف المصدر الرسمي أن التشاور الذي جاء في التعديل الدستوري الجديد لم يحدد طبيعته وكيفيته، فالرئيس قد يتشاور مع الأغلبية البرلمانية عن طريق لقاء مباشر. كما يستطيع "التشاور" عن طريق الهاتف. كما قد يتشاور الرئيس عن طريق تكليف مدير ديوانه أو أحد مستشاريه أوسكرتيره الخاص للقيام بمهمة التشاور. وأردف المصدر الرسمي ما ينبثق عن التشاور يبقى رأي فقط غير إلزامي للرئيس في تعيين وإنهاء مهام الوزير الأول، كونه يبقى الوحيد صاحب القرار في هذا الشأن. هذا في الوقت الذي يذهب فيه فريق آخر من المحللين إلى قراءة مخالفة تخالف قراءة الفريق الأول، حيث يرى هؤلاء أن الرئيس أبقى على حكومة سلال 4 بعد التعديل الدستوري، مع إشارة المصدر المأذون إلى أن استقالة الحكومة "غير واردة"، بالنظر إلى أن أي مادة من الدستور المعدل أخيرا لا تنص على ذلك، قد يفسر أن الرئيس بوتفليقة قد تحدث مع أحمد أويحيى حول مستقبل الحكومة، ويبقى ما قاله أويحي غير ملزم للرئيس. أما بالنسبة للأفلان فهو نفسه رئيس الحزب، أي الأعلى سلطة بحزب الجبهة، وبالتالي فإن قرار الرئيس اتخذه انطلاقا من منصبيه كرئيس جمهورية ورئيس حزب الأفلان في آن واحد. وجاءت صياغة تصريح "المصدر المأذون بالرئاسة" حول مستقبل حكومة سلال حسب قراءة المراقبين لتقبر فرضية تعيين وزير أول أفلاني بمشورة سعداني. كما قبرت معه حلم لقاء الرئيس وذلك رغم عدم استفاقة أمين عام الأفلان لحد الساعة من القرارات الأخيرة التي صدرت من الرئاسة والتي كان أهمها عدم إلغاء المادة 51. ويحدث كل هذا في الوقت الذي لايزال الأمين العام لحزب الأفلان متواجد خارج الوطن، ما جعل المراقبين ينتظرون بشغف كبير ما سيقوله رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق بعد رجوعه لأرض الوطن.