" أثار المقترح الخاص بتعديل المادة 77 من الدستور جدلا كبيرا وسط الساحة السياسية، حيث أن التعديل الدستوري لا يلزم الرئيس بتعيين الوزير الأول من الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية أو من الحزب المتحصل على الأغلبية البرلمانية ككل، لأن المادة 77 من المسودة تتحدث فقط عن استشارة رئيس الجمهورية للأغلبية البرلمانية عند إجرائه هذا التعيين، ما يعني أن الفوز في هذا الاستحقاق لا يضمن حكومة معينة من الأغلبية بقدر ما يجري الحديث عن تشاور وتوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. يؤكد الدستور الجزائري، أن رئيس الجمهورية لديه الحق في تعيين الوزير الأول حتى لو لم يكن من الأغلبية، البرلمانية وفي هذه الحالة قد يلقى معارضة منها عندما يتم عرض مخطط الحكومة الذي يقدمه الوزير الأول والذي يعكس طريقة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية وفي حال رفضه من طرف الأغلبية البرلمانية، يقدم الوزير الأول استقالة الحكومة ويعين رئيس الجمهورية حكومة جديدة وفي حال تكررا هذا السيناريو يلجأ الرئيس إلى حل البرلمان وفق ما تنص عليه المادة 82 من الدستور ويتم تنظيم انتخابات تشريعية جديدة، ولكن إذا تكرر حل البرلمان فإن البلاد تدخل في أزمة سياسية ومؤسساتية. بالنسبة لعمار سعداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، الإشكال غير مطروح، لأنه من أهم التعديلات التي كرسها المشروع التمهيدي مسألة تعيين الوزير الأول من طرف رئيس الجمهورية، مؤكدا أن اقتراح الحزب لم يجسد كليا بل جسد بطريقة جزئية. وقال في هذا الشأن أن رئيس الجمهورية يعين الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية، بمعنى أن الحزب موجود في تعيين الوزير الأول، مبديا ارتياحه وعدم خيبة أمله لما تضمنته هذه المادة في فقرتها الخامسة والتي تنص على أن يعين الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية وينهي مهامه. وبالمقابل، أعاب الأمين العام للأفلان على تعليق وزير الدولة مدير الديوان برئاسة الجمهورية، خلال عرضه لنص المشروع التمهيدي الخاص بتعديل الدستور حول طريقة تعيين رئيس الجمهورية للوزير الأول واعتبره تصريحا حزبيا، وليس له الحق في ذلك الكلام، موضحا أن رئيس الجمهورية من الأغلبية الأفلانية والأفلان دليه أغلبية برلمانية وعليه فالأمور واضحة، في إشارة منه إلى أن الرئيس سيختار وزيرا أولا من الحزب العتيد. من جهتها قالت الدكتورة فتيحة بن عبو، مختصة في القانون الدستوري، إنه فيما يتعلق بتعيين الوزر الأول، فإن توزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية والوزير الأول لم يتغير والسلطة التنفيذية لا تزال برأس واحد، حيث أن الرئيس هو من يعينه وهو من يقيله، الحكومة تخضع له من الناحية الوظيفية وهي تعمل على إعداد مخطط تنفيذي لبرنامجه. ونجد كذلك أن حركة مجتمع السلم على غرار عدة أحزاب معارضة وبالرغم من معارضتها لمشروع التعديل ككل، أنها أعابت عدم فرض المسؤولية على رئيس الجمهورية وعدم السماح للأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة وعدم إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات. أما بوجمعة صويلح خبير القانون الدستوري والسيناتور السابق، فيرى أن جدوى الحديث عن استشارة الرئيس للأغلبية البرلمانية في تعيين الوزير الأول يكمن في كون أن هذه النقطة ستساهم في تطوير العمل السياسي، ولكن يبقى التساؤل هل الاستشارة ستكون مع رئيس حزب الأغلبية فقط أم للأغلبية البرلمانية مجتمعة. ولكن الملاحظ، حسب المادة التي وردت في الوثيقة، أنه ليس شرطا أن يكون الوزير الأول معينا من الأغلبية، وكأننا رجعنا إلى دستور 1996. أما التفسير الواسع والضيق للمادة فيقود إلى أن الصلاحية تبقى للرئيس، يأخذ بالاستشارة أو لا يأخذ بها. الأفلان يطالب بإسقاط المادة 51 من المشروع التمهيدي لتعديل الدستور تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض للتعديل الذي طرأ على المادة 51 من الدستور التي تساوى بين جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون، حيث تم اقتراح التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها كشرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية، وهو الشرط الذي رفضته بعض التشكيلات السياسية وفي مقدمتها حزب جبهة التحرير الوطني وطالبت بإسقاطه. كشف الأمين العام للأفلان عمار سعداني أنه سيطالب بإسقاط المادة 51 والتي تلزم على كل من يتوالى مناصب سامية في الدولة وكذا وظائف سياسية أن يكون متحصلا على جنسية جزائرية دون سواها، مفسرا ذلك بان هذا البند سيخسر الجزائر الكثير خاصة ما تعلق بإعادة الأدمغة الجزائرية وكذا الإطارات الكفاءة والمؤهلة من الخارج والتي تعول عليهم البلاد في النهوض بشتى القطاعات سواء كانت اقتصادية صحية وغيرها. وتنص المادة 51 أنه يساوي جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون، أما التعديل الذي اقترحه رئيس الجمهورية في المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، فيصيف، أنه يجب التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها كشرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية. ومن هذا المنطلق فإن تكريس هذا التعديل سيضع عدد كبير من المسؤولين الجزائريين في حرج والذين سيكونون مجبرين في حال تعديل الدستور بهذه الطريقة على الاختيار بين مناصبهم أو الجنسية الأجنبية التي يملكونها، ويرتكز دعاة إسقاط المادة على نقطة أساسية مفادها أن هناك كفاءات جزائرية تقيم بالخارج الجنسية عامل ضروري لضمان الحقوق في عديد الدول الغربية التي يصعب العيش فيها بحرية وكرامة والتنقل بداخلها في حال عدم توفر الجنسية. وإلى جانب ذلك، فقد لقي التعديل المقترح على المادة 73 من الدستور الخاصة بشروط ترشح رئيس الجمهورية، بعض الانتقادات فيما يخص إثبات إقامة دائمة بالجزائر لمدة عشر سنوات على الأقل قبل إيداع ترشحه ، حيث اعتبرها البعض مادة لمنع كفاءات جزائرية تقيم بالخارج، وبالمقابل قال أويحيى عن هذه المادة جاءت من منطلق أن من لا يعيش في الجزائر وليس له صلة بواقع الجزائريين لا يمكنه أن يتولى شؤونهم ويحكمهم وأكد أن التعديل المقترح لا يقص أي شخص في حد ذاته على عكس ما روجت له بعض الأطراف. مشروع تعديل الدستور سيقدم الإضافة للنظام الدستوري الوطني اعتبر الخبير في القانون الدستوري، مسعود شيهوب، أن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور يشكل تتويجا للإصلاحات المتعددة الأشكال الجارية في الجزائر منذ سنة 1999، مؤكدا أن التعديلات المقترحة ضمن هذه الوثيقة ستقدم الإضافة للنظام الدستوري الوطني. أوضح شيهوب بأن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور »جاء ليتوج الإصلاحات الجارية بالجزائر منذ العام 1999 خاصة في قطاعي العدالة والتربية الوطنية وأيضا في المجال السياسي (القوانين الجديدة حول الأحزاب والجمعيات والصحافة وغيرها)، مشيرا إلى الأهمية التي يمثلها هذا المشروع التمهيدي من أجل "كريس دولة الحق والقانون". وأكد المختص في القانون الدستوري بأن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور "عزز ويقوي الحريات الأساسية للأشخاص من خلال تعميق ودعم على الخصوص حماية حقوق الطفل وحرية التعبير وحقوق المعارضة«، معتبرا أن التعديلات المقترحة ضمن هذا المشروع "ستقدم الإضافة للنظام الدستوري الوطني". وأشار شيهوب إلى أن حق إخطار المجلس الدستوري الذي يمنح للمعارضة وللمواطنين وللوزير الأول يعد من بين "لنقاط القوية" التي يتضمنها المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور، مبرزا كذلك أهمية هذا المكسب في التنمية المتعددة القطاعات للأمة. كما تشكل التوازنات بين وظيفة رئيس الجمهورية والوزير الأول إحدى »العناصر البارزة« الواردة في هذا المشروع حسبما أضافه هذا الخبير الذي أوضح في هذا السياق بأن في إطار هذا المشروع التمهيدي تمنح صلاحيات للوزير الأول الذي سيصبح لدية الحق في رئاسة مجلس الحكومة وواجب تقديمه مخطط عمل الحكومة. كما يتضمن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور توازنات بين غرفتي البرلمان من خلال إعطاء حق التشريع بالنسبة لمجلس الأمة ما يمثل كذلك مكسبا يكتسي أهمية كبيرة بالنظر إلى أنه يمكن من تعزيز دور مجلس الأمة في التنمية المحلية خاصة في مخططات الجماعات المحلية و تهيئة الإقليم حسبما أضافه شيهوب. وأوضح كذلك بأن رئيس الجمهورية بموجب المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور يعد "لضامن لاستقلالية القضاء" قبل أن يشير إلى أهمية هذا المشروع التمهيدي في تعزيز استقلالية العدالة من خلال ضمان استقلالية مالية و إدارية للمحكمة العليا. وفي مجال مكافحة الفساد فإن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور يقدم أدوات للرقابة "فاعلة وناجعة" وأيضا دعم المراقبة الدستورية من خلال إعطاء دعم أكثر للرقابة البرلمانية وإعادة تنشيط وتفعيل دور مجلس المحاسبة. وذكر شيهوب كذلك تعزيز عناصر الهوية الوطنية من خلال تطوير وحماية اللغة العربية التي تشكل أيضا »مكسبا هاما« في إطار هذا المشروع التمهيدي الذي يتضمن تعديلات جوهرية وهامة. ويشكل هذا المشروع التمهيدي الذي أخذ بعين الاعتبار مقترحات وآراء الطبقة السياسية والمعارضة و شخصيات وطنية »تطورا نوعيا للحركة الدستورية في الجزائر«، حسبما اعتبره هذا الخبير الذي ألح على أهمية المشاركة والانخراط بفعالية من أجل تجسيده.