فجّر شبان عاطلون عن العمل أمس انتفاضة عارمة أمام مقر ولاية عنابة، وتمكنوا من اختراق الحزام الأمني الذي وضع لتأمين المبنى، وشرعوا فور صعودهم فوق سطح الهيئة الرسمية في تقطيع أجسادهم باستخدام الخناجر والسكاكين وشفرات الحلاقة احتجاجا على إقصائهم من مناصب شغل في الشركات الوطنية وعلى رأسها مصنع الحديد والصلب ومركب الأسمدة الفوسفاتية والميناء وورشات الأشغال العمومية. وقد أعلنت السلطات الأمنية حالة استنفار قصوى وسارع الوالي لعقد اجتماع طارئ مع مسؤولي الهيئة التنفيذية لدراسة "مواطن ضعف" في المنظومة الأمنية تزامنا مع الزيارة المرتقبة للوزير الأول عبد المالك سلال إلى عنابة. وحسب شهود عيان، فقد استخدم المتظاهرون أسلحة بيضاء وأدوات حادّة لتقطيع أجسادهم للفت انتباه السلطات المحلية، للإسراع في إيجاد حل لمطالبهم، لاسيما أن هؤلاء الشباب الذين وصل عدد من صعدوا فوق سطح مقر البلدية 3 أفراد، تسببوا في فوضى عارمة وشل النشاط العادي لمصالح الولاية. وشوهد البطالون المتجمعون أمام مقر الولاية، عراة وأجسادهم تسيل دماء، إضافة إلى حمل بعضهم شعارات تندد بالطريقة المشبوهة التي وزعت من خلالها مناصب الشغل على مستوى الشركات الوطنية في كل من سيدي عمار والحجار. وحمل المحتجون، الذين حاصروا مقر الولاية منذ صبيحة أمس، شعارات تطالب ب«العمل أو الانتحار"، في إشارة منهم إلى الفوضى والتلاعب الذي طبع عملية إعداد قوائم طالبي العمل من طرف السلطات المحلية، التي لم يتم الاعتماد فيها، حسبهم، على المعايير القانونية في دراسة حالات الاستفادة من مناصب شغل أو توظيف أشخاص من خارج المنطقة في الشركات الوطنية وورشات الأشغال العمومية. في حين ينفي مسؤولو وكالات التشغيل المحلية هذه التهم مشدّدين على احترام تعليمة الوزير الأول حول إعطاء الأفضلية لليد العاملة المحلية في هذا الإطار. وقد تدخلت القوة العمومية فور تلقي مصالحها البلاغ في محاولة منها لتهدئة المحتجين، الذين ربطوا شرط النزول من السطح وتوقيف احتجاجهم بحضور الوالي شخصيا، بصفته المسؤول الأول عن مديرية التشغيل والوكالات المحلية للتشغيل. واستوجبت الفوضى العارمة بمقر البلدية تدخل رئيس المجلس الشعبي لبلدية سيدي عمار، الذي عقد حسب مصادر مطلعة جلسة حوار مع ممثلين عن المحتجين بحضور مدير الوكالة المحلية للتشغيل وجميع أعضاء الهيئة التنفيذية لبلدية سيدي عمار. وقد أصبحت ولاية عنابة، خلال السنتين الماضيتين، من بين ولايات الجمهورية الأكثر شهرة بإقدام شبابها بمختلف الأعمار والفئات الاجتماعية من بطالين وجامعيين على الاحتجاج بطرق عنيفة، باستخدام الخناجر والسكاكين كوسيلة لتقطيع أجسادهم. وتعتبر الحركة الاحتجاجية، التي قام بها في ديسمبر الماضي، مواطنون ببلديتي البوني وسيدي عمار أمام مقر الولاية، كبداية لانطلاق مثل هذه الاحتجاجات العنيفة، حيث تمكن، حينها عشرة بطالين من اقتحام مقر ولاية عنابة، وشرعوا فور صعودهم فوق سطح مبنى مقر الولاية، بجرح أجسادهم باستعمال آلات حادة، احتجاجا على تأخر السلطات العمومية، حينها، في منحهم عقود عمل، مما تسبب في إصابة هؤلاء المحتجين بجروح بليغة على مستوى البطن والصدر، واستدعى الأمر تدخل عناصر الحماية المدنية، على الرغم من رفض بعضهم الحصول على الإسعافات.