انعكاسات خطيرة على القدرة الشرائية للمواطنين بلغ سعر صرف العملة الوطنية "الدينار" في السوق الرسمية بين البنوك تراجعا تاريخيا جديدا مقابل العملتين الرئيسيتين "الأورو" و"الدولار"، حيث تجاوز سعر الوحدة من العملة الأوروبية الموحدة "الأورو" 124.16 دينار جزائري، فيما حققت الورقة الخضراء "الدولار" مكاسب قياسية على حساب الدينار ليبلغ سعر الدولار الواحد 110.24 دينار جزائري. ويرجع هذا السقوط الحر في قيمة الدينار الجزائري- الذي يخضع سعر صرفه لنظام "التعويم الموجه"- إلى سياسة ينتهجها بنك الجزائر يتعمد من خلالها تخفيض قيمة العملة من أجل تقليص اصطناعي للعجز في الميزانية، وفي نفس الوقت تعظيم قيمة الواردات في إجراء يهدف إلى تخفيف وطأة عجز يتوقع أن يسجل رقما قياسيا نهاية السنة الجارية وكذا للضغط على متعاملي التجارة الخارجية بتقليل ربحية معاملاتهم بهدف تقليص فاتورة الواردات ولكن بنك الجزائر في هذه الحالة يبدو كأنه يحاول "إحداث التوازن بين هدفين متعاكسين": الحد من الواردات والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن" ومعلوم أنه من الخطر دائما بالنسبة لأي اقتصاد دولة التلاعب بسعر عملتها نظرا إلى التبعات المباشرة والخطيرة على القدرة الشرائية للمواطنين، إذ يجد البنك المركزي نفسه مخيرا بين خفض العملة وبالتالي الحد من الواردات مما يخفض استهلاك العائلات أو الإبقاء على سعر صرف العملة وبالتالي الإبقاء على سير الاستهلاك بشكل عادي دون الاكتراث لفاتورة الاستيراد التي تستنزف احتياطات النقد الأجنبي المتآكلة بسرعة شديد بفعل تراجع أسعار المحروقات -المصدر الوحيد للعملات الصعبة - ويبدو أن بنك الجزائر قد قرر انتهاج الخيار الأول عبر تخفيض الدينار بشكل تدريجي رغم الآثار الوخيمة لذلك على أسعار السلع والمواد الاستهلاكية. ويقول بنك الجزائر إنه يعتمد على سعر صرف معوم وموجه وعكس سعر الصرف الثابت في هذه الحالة لا يمكن الحديث عن تخفيض الدينار فالدينار ينخفض أو يرتفع آليا وفق معادلة سعر النفط وفارق التضخم وفارق الإنتاجية بين الجزائر وشركائها الأجانب، لكن لو صدقنا بنك الجزائر فلما لم يرتفع الدينار حينما كان سعر النفط يبلغ 140 دولار للبرميل؟