استقبال بوتفليقة للغنوشي له علاقة بتهدئة الوضع في ليبيا قالت مصادر دبلوماسية غربية إن دورًا جزائريًا فرنسيًا خلال الأسابيع الأخيرة في الملف الليبي، ساعد على انتقال المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إلى العاصمة طرابلس. وذكر الموقع الفرنسي "أفريكا أنتيليجنس"، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، أن الجزائر والمملكة العربية السعودية شنتا "في المرحلة النهائية حملة دبلوماسية سرية من أجل تسهيل وصول فائز السراج إلى العاصمة الليبية"، حيث سارع في وقت متأخر من الأسبوع الماضي عدد من دبلوماسيي البلدين إلى تونس لتسهيل لقاءات بين رئيس حكومة الوفاق فائز السراج وبعض الأطراف المسيطرة على طرابلس. ولم يذكر المصدر تحديدًا دور السعودية، التي تبدو ظاهريًا بعيدة عن تفاصيل الأزمة الليبية، عكس ما تبدو عليه كل من قطر وتركيا والجزائر التي يظهر دورها أكثر وضوحًا في علاقتها القريبة من هذه الأزمة، بحكم التواصل مع جماعة الإخوان في ليبيا، ورئيس حزب الوطن القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج.وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، أدى زيارة خاطفة إلى الجزائر قبل أسبوعين حيث يكون قد التقى بلحاج برعاية جزائرية قبل أن يعود إلى تونس للاجتماع مع وزير الخارجية الفرنسي الذي كان في زيارة إلى تونس آنذاك، في سياق ترتيبات المجلس الرئاسي وحكومته إلى طرابلس. ونقل عن مصادر دبلوماسية أن الجزائر نسّقت مع رئيس حركة النهضة التونسية، راشد الغنوشي، خلال زيارته الجزائر أخيرًا ولقائه الرئيس بوتفليقة فيما يتعلق بتخفيف معارضة قوى "الإسلام السياسي" لتحركات فائز السراج، و"أهمية التعاون بين البلدين في احتواء الوضع الليبي بما يحقق الاستقرار في المنطقة"، وفق حركة النهضة التونسية. وبدت فرنسا أكثر الدول الغربية استعجالاً واندفاعًا في التعامل للدفع باستقرار حكومة السراج في طرابلس، وهو ما تعكسه تصريحات كان أدلى بها وزير الخارجية، جون مارك أيرلوت، دعا خلالها المجتمع الدولي إلى مساعدة الحكومة الجديدة حتى ولو طلبت تدخلاً عسكريًا. وفي هذا الصدد، يشير الدكتور الجزائري صالح سعود من المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية بالجزائر، ورئيس هيئة تحرير "مجلة العلوم السياسية للدراسات الإستراتيجية"، إلى المساعي الفرنسية لإقناع بلاده بالقيام بدور لتمهيد الطريق أمام حكومة الوفاق للوصول إلى طرابلس، قائلاً في تصريح إلى "بوابة الوسط" إن فرنسا تدرك جيدًا أنها لن تستطيع التقدم في القضية الليبية إلا بالتعاون مع الجزائر لموقعها الإستراتيجي وموقفها التاريخي وعلاقاتها المتجذرة مع الأطراف الليبية، ولهذا سعت إلى توظيف تلك المكانة مع السلطات الرسمية لحكومة السراج أو مع تلك الفصائل المهمشة أو الرافضة للحوار ليتم التصالح معها. وأضاف المحلل السياسي صالح سعود أن الجزائر لها أوراق مؤثرة في هذا الجانب وظفتها فرنسا لدفع الأطراف الليبية للوصول إلى طرابلس دون إراقة الدماءو مشيرًا إلى أن هذا السيناريو إيجابي، إلا أن فرنسا تريد أيضًا الدفع بالجزائر لكي تقبل بعض أهداف الأطراف الفرنسية والأوروبية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على المدى المنظور.