لا تراجع عن تكريس التعددية السياسية وحقوق المعارضة والتداول الديمقراطي" "الظرف الدولي العصيب يفرض مزيدا من التعبئة والتشاور في اتخاذ القرارات الوطنية" رافع رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، لمواصلة سياسة "الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية الجارية وتعميقها" بما يتيح "تحقيق الاستقلال الاقتصادي الحقيقي للجزائر في عزّ الأزمة النفطية". ويؤشّر تناول رئيس الدولة مسألة الاستقلالية في اتخاذ القرار الاقتصادي لمواجهة ما قال إنها "ظروف دولية صعبة" وأن الجزائر تواجه فعلا تحدّيات للمحافظة على توازناتها المالية بعد أسابيع قليلة من الجدل الحاد الذي خلّفته زيارة الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، وفشله في افتكاك "صفقات نوعية" لإنقاذ اقتصاد بلاده. ودخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ تلك الزيارة مرحلة فتور أرجعها سياسيون ومراقبون إلى الانتكاسة التي توجت نتائج زيارة فالس وتجلّت تداعياتها في صورة غير أخلاقية بثها المسؤول الفرنسي على حسابه في "تويتر" وخلّفت ردود فعل قوية من الجانب الجزائري. وشدّد الرئيس بوتفليقة في رسالة له بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشغل قرأها المستشار بالرئاسة محمد بن عمر زرهوني أمس أن "التحكم في توازناتنا المالية والاقتصادية في الظروف الصعبة التي نمر بها حاليا على غرار جميع البلدان المنتجة للبترول لا يترك لنا خيارا آخر سوى توخي الصرامة التامة في إدارة الأموال العمومية وفي استعمال مواردنا الطبيعية ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية الجارية وتعميقها". وأكد رئيس الجمهورية أن هذه الصرامة "يجب أن ترافق بخيارات تحافظ بقدر الإمكان على مبادئنا الاجتماعية وخاصة الحفاظ على مستوى معيشة ذوي المداخيل المتواضعة". وقال الرئيس إن "التعديل الدستوري الأخير يتيح اليوم للجزائر خوض شوط جديد على درب تعزيز الديمقراطية وترسيخ بناء ركائز الهوية الوطنية ورسم نموذج البلاد التنموي". وشدد على أن الدستور المعدل سيمكن الجزائر "من استكمال مسار الإصلاحات التي بدأت خلال السنوات الماضية، على المستوى السياسي، وذلك بمواصلة تعميق دولة الحق والقانون، وتعزيز ضمانات حماية حقوق المواطن وحرياته، وتكريس التعددية السياسية وحقوق المعارضة والتناوب الديمقراطي". وذكّر باعتماد الجزائر قبل سنوات على إستراتيجية الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى والدفع المسبق للديون الخارجية وتكوين احتياطات الصرف قصد التمكن من مواجهة التقلبات التي قد تحدث على الساحة الاقتصادية الدولية. وأوضح بوتفليقة أن تلك السياسة الحذرة سمحت للجزائر "بالتقليل من آثار الأزمة المالية العالمية وخاصة بمواجهة عواقب الانخفاض الفادح لإسعار النفط حاليا". وأوضح رئيس الدولة أن الجزائر دخلت مرحلة تقتضي مزيدا من التعبئة والتشاور بين كافة الفاعلين الاقتصاديين والمؤسسات والإدارات الاقتصادية والعمال وقياداتهم النقابية حول الأولويات الاقتصادية، داعيا الى توحيد الجهود وانتهاج التجديد وتنافسية المؤسسات والإنتاجية لتسريع تنمية الاقتصاد وإعطائه طموحا صناعيا يكون في مستوى ما يواجهه من التحديات. وتابع "إن اجتماع الثلاثية المقبل المزمع عقده عن قريب سيكون مناسبة للتشاور حول مواصلة التنمية الاقتصادية بما يعزز الدينامية التي انطلقت قبل بضع سنوات في مجال إنشاء النشاطات والتخفيض من نسبة البطالة لاسيما بطالة فئة الشباب حاملي الشهادات وتحسين النظام الوطني للتكوين بما يتماشى مع الاحتياجات من حيث اليد العاملة المؤهلة". وأكد رئيس الجمهورية أن دسترة المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي "سيكون لها أثر إيجابي على التنمية" باعتباره "فضاء هاما لتلاقح الأفكار وإيجاد الحلول". وأضاف قائلا: "صحيح، إن الجزائر اليوم تمر بمنعرج اقتصادي صعب جراء أوضاع اقتصادية عالمية ليست لنا مسؤولية فيها لا نحن الجزائريين ولا العديد من الشعوب التي تناضل يوميا من أجل نيل حقها في التنمية والتقدم"، مؤكدا أن "هذا المنعرج لا يزعزع عزمنا في المضي قدما بوتيرة التنمية الجزائرية وسنحقق ذلك بعون الله وبجهد جميع أبناء وطننا الغالي، الغيورين على استقلال الجزائر في جميع المجالات بما في ذلك في المجال الاقتصادي. وخاطب الرئيس مسؤولي المركزية النقابية مشيدا بمواقف العمال في دعم القضايا العادلة قائلا "إن اختيار الاتحاد العام للعمال الجزائريين، الاحتفال هذه السنة، بعيد الشغل تحت شعار، التضامن مع شعب الصحراء الغربية ينم بجلاء عن تمسك منظمتكم، على غرار الشعب الجزائري قاطبة، بمساندة القضايا العادلة عبر العالم وبالدفاع عن مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها".