حدد مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قائمة المناصب "الحساسة" الممنوعة على مزدوجي الجنسية. وقد اشتغلت لجنة رئاسية خاصة منذ شهر مارس الماضي على إعداد النص القانوني الذي يشترط التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية. ويأتي تعجيل السلطات بطي هذا الملف الذي أسال الكثير من الحبر وأثار جدلا وسط الأحزاب في أعقاب التعديل الدستوري الأخير متزامنا مع حديث حول تعديل حكومي واسع خلال شهر سبتمبر المقبل. وبعيدا عن الخوض في تفاصيل المناصب التي شملت مثلما كان متوقعا المناصب الأكثر حساسية في تسيير الشأن العام الوطني على غرار مناصب الولاة والوزراء والسفراء بالإضافة إلى المهام السامية الأخرى في رئاسة الجمهورية أو المجلس الدستوري والمناصب الحساسة التي تمسّ الأمن القومي والأمن المالي، على غرار محافظ البنك المركزي والمدير العام للأمن الوطني ورئيس المحكمة العليا. وتنص المادة 63 من الدستور الجديد الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه في شهر فيفري الماضي، على المساواة بين "جميع المواطنين في تقلّد المهام والوظائف في الدولة بدون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون، كالتمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية، بينما يحدد القانون قائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية المعنية بذلك، حيث يتطابق توسيع المادة 63 ونص المادة 27 الذي يمثل مادة جديدة وردت في الدستور، والتي تنص أيضا على أنه "تعمل الدولة على حماية حقوق المواطنين في الخارج ومصالحهم، في ظل احترام القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة مع البلدان المضيفة والتشريع الوطني وتشريع بلدان الإقامة". كما تشير المادة إلى أن "تسهر الدولة على الحفاظ على هوية المواطنين المقيمين في الخارج وتعزيز روابطهم مع الأمة، وتعبئة مساهمتهم في تنمية بلدهم الأصلي". وجاءت هذه النصوص لإغلاق باب المزايدات السياسية بالملف بعد الجدل الذي أثير حوله بين مختلف الأحزاب والشخصيات الوطنية. ومعلوم أن عديد البلدان في العالم لجأت إلى تشديد الإجراءات بخصوص تولي مزدوجي الجنسية للمسؤوليات السامية، فدول مثل ألمانيا والصين واليابان وغانا وإثيوبيا تمنع مواطنيها من الحصول على جنسية ثانية، كما أن دولاً أخرى تمنع مزدوجي الجنسية من الوصول إلى بعض مناصب المسؤولية، مثل أستراليا، رغم أنها دولة تشهد إقبالاً كبيراً من المهاجرين. وكلما أثير ملف مزدوجي الجنسية تتعالى أصوات تطالب الرئيس بوتفليقة بإجراء عملية تطهير حتى تكون بعض المناصب في منأى عن دائرة الجدل حيث تتهم تشكيلات سياسية في المعارضة بتواجد عدة وزراء في حكومة الوزير الأول، عبد المالك سلال، من مزدوجي الجنسية بالإضافة إلى مئات المسؤولين الكبار في الدولة الذين يتولون مناصب تنفيذية عالية في المؤسسات والمديريات العامة، وينسحب هذا الأمر أيضا على السفراء والقناصلة حسب بعض المصادر. ويجري حديث وسط أحزاب الموالاة عن اعتزام الرئيس بوتفليقة إجراء عملية جراحية واسعة على حكومة سلال في سبتمبر القادم، لتتولى وجوه جديدة الإشراف على بداية الدخول الإجتماعي ثم التحضير للانتخابات التشريعية بداية 2017.