تسارعت وتيرة الأحداث في الساحة التونسية بعد فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حيث وقعت البلاد في حالة من الفوضى والفلتان الأمني امتد ليشمل كافة أنحاء المدن والمحافظات التونسية وسط دعوات دولية لتجاوز الأزمة وحماية المواطنين من ''عصابات إجرامية'' نسبت إلى ''النظام السابق'' حولت الشوارع إلى مسرح للدم. وفور الإعلان عن مغادرة بن علي لتونس رفقة عائلته إلى جهة مجهولة تبين أنها السعودية لاحقا، خرج الوزير الأول محمد الغنوشي عبر شاشة التلفزيون الرسمي ليعلن نفسه خليفة مؤقتا لبن علي الذي ''لم يعد متمكنا في ممارسة صلاحياته في الفترة الحالية''. ولم تمض ساعات، حتى أعلن رئيس المجلس الدستوري التونسي فتحي عبد الناظر أمس، شغور منصب رئيس الجمهورية نهائيا وإعلان تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع مهامه مؤقتا وفقا للمادة 57 من الدستور، بينما ينتظر تنظيم تنظيم انتخابات رئاسية خلال 60 يوما. بن علي غادر دون أن يفوض سلطاته! وأكد عبد الناظر، في تصريحات نقلها التلفزيون التونسي ووكالة الأنباء التونسية، أنه تلقى من محمد الغنوشي رسالة أمس أبلغه فيها أن الرئيس زين العابدين بن علي غادر البلاد دون أن يفوض سلطاته إلى الوزير الأول وفقا لأحكام الفصل 56 من الدستور، مضيفا أن الرئيس لم يقدم استقالته من مهامه على رأس الدولة، وأن المغادرة تمت في الظروف القائمة بالبلاد وبعد الإعلان عن حالة الطوارئ. واعتبر أن غياب رئيس الجمهورية بهذه الصورة يحول دون القيام بما تقتضيه موجبات مهامه، وهو ما يمثل حالة عجز تام عن ممارسة وظائفه على معنى الفصل 57 من الدستور التونسي. ويقول الفصل 57 من الدستور التونسي ''عند شغور منصب رئيس الجمهورية لوفاة أو لاستقالة أو لعجز تام، يجتمع المجلس الدستوري فورا، ويقر الشغور النهائي بالأغلبية المطلقة لأعضائه، ويبلغ تصريحا في ذلك إلى رئيس مجلس المستشارين ورئيس مجلس النواب الذي يتولى فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه ستون يوما، وإذا تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النواب، يتولى رئيس مجلس المستشارين مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة لنفس الأجل''. ويضيف الفصل ''يؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية، بصفة مؤقتة، اليمين الدستورية أمام مجلس النواب ومجلس المستشارين الملتئمين معا، وعند الاقتضاء أمام مكتبي المجلسين ، وإذا تزامن الشغور النهائي مع حل مجلس النواب، يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس المستشارين وعند الاقتضاء أمام مكتبه''، كما ''لا يجوز للقائم بمهام رئيس الجمهورية، بصفة مؤقتة، الترشح لرئاسة الجمهورية ولو في صورة تقديم استقالته، ويمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة المهام الرئاسية على انه لا يحق له أن يلجأ إلى الاستفتاء أو أن ينهي مهام الحكومة أو أن يحل مجلس النواب أو أن يتخذ التدابير الاستثنائية المنصوص عليها بالفصل ,''46 بينما ''لا يجوز خلال المدة الرئاسية الوقتية تنقيح الدستور أو تقديم لائحة لوم ضد الحكومة، وخلال المدة الرئاسية الوقتية يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد لمدة خمس سنوات. ولرئيس الجمهورية الجديد أن يحل مجلس النواب ويدعو لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها''. من ناحية أخرى، قال محللون إن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع مهام الرئاسة مؤقتا، جاء استجابة للشارع التونسي الذي خرج في مظاهرات ومسيرات ترفض تولي الوزير الأول محمد الغنوشي الرئاسة خلفا لبن علي. وردد المتظاهرون هتافات مناهضة للغنوشى تتهمه بأنه جزء من النظام الحاكم التونسى وأحد رجال الرئيس زين العابدين بن على، مطالبين بتنحيته ومحاكمته. وكان الرئيس التونسي بالوكالة محمد الغنوشي بدء صباح أمس اجتماعا مع أحزاب المعارضة للتشاور في صيغة الحل السياسي لإخراج البلاد من الأزمة الحالية، وفي الأثناء، نقلت وكالة ''رويترز'' عن زعيم للمعارضة تأكيده على أن الإعلان عن نتائج مفاوضات تشكيل حكومة وحدة وطنية سيكون هذا اليوم، في وقت أعلن رئيس مجلس النواب فؤاد مبزع أن مهام الحكومة انتهت بموجب حلها والوزير الأول محمد الغنوشي مكلف بتشكيل حكومة جديدة.