بعدما أطاحت الفضائح المالية والفساد السياسي بنيكولا ساركوزي مرشح "الجمهوريين" اليمين الوسط في فرنسا قبل أشهر، هاهي نفس اللعنة تطارد المرشح القوي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية فرانسوا فيون الذي تلقى استدعاء من قاضي التحقيق لسماعه يوم 15 مارس الجاري في قضية وظائف وهمية لزوجته وأبنائه. دخول القضاء على الخط بعد الفضيحة التي كشفت عنها صحيفة "لوكنار أونشيني" وفتحت على إثرها الشرطة الفرنسية تحقيقا، أوقف صباح أمس عقارب الساعة عند المقر المركزي لحملة المرشح فرانسوا فيون الذي كان مرفوقا بألان جوبي وكبار قيادة حزب "الجمهوريين" اليمين الوسط، قبل أن يعلن فيون في ندوة صحافية عقدها منتصف نهار الأربعاء برفضه الانسحاب من سباق الرئاسيات، إلا أن سبرا للآراء يرشح زعيمة اليمين المتطرف ماري لوبان والمرشح المستقبل ايمانيول ماكرون لخوض سباق الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجرى الشهر القادم، ويعتقد محللون من ذوي الميول اليمينية في باريس أن الأمر يستهدف نسف حظوظ المرشح القوي في الرئاسيات الفرنسية الذي يتعرض لعملية استنزاف سياسي يصفها البعض بالاغتيال السياسي أيضا، لكن محللون يرون أن لعبة الرئاسيات الفرنسية تتطلب صفحة بيضاء وأن العملية السياسية في فرنسا خصوصا الانتخابات الرئاسية تتجه نحو تضييق دائرة الحظوظ ضمن نطاق ماكرون ولوبان، وهو الخيار الأكثر تداولا في فرنسا، خصوصا أن فيون معرّض للمساءلة القانونية أمام قاضي التحقيق منتصف الشهر القادم، مما قد يؤدي إلى نسف حظوظ اليمين الوسط، عندها كل الموازين ستنقلب، وستؤدي دون شك إلى إحداث توازنات جديدة في قلب الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي لن يكون خوضها سهلا هذه المرة، فيما لازالت الصحافة المتهم الرئيسي من لدن الجمهوريين الذين يرون أنهم يتعرضون لمؤامرة أو لمذبحة سياسية تستهدف إقصاءهم المبكر من الانتخابات الرئاسية المقبلة، بل والقضاء عليهم سياسيا حتى ضمن المنظور المستقبلي للانتخابات النيابية والمحلية في فرنسا، لصالح تيار ثنائي يمين متطرف تقدوه ماري لوبان ويتناغم مع صعود موجة اليمين المتطرف في أروبا والولايات المتحدةالأمريكية، وتيار جد معتدل يقبل بالحوار والتعايش يقوده الصاعد الجديد إلى الساحة السياسية الفرنسية ايمانويل ماكرون الذي قد يستفيد من أصوات اليمين الوسط باعتبار أن خطابه يتحدى الجميع ويقدم نفسه كبديل للطبقة الفرنسية التي أعلنت إفلاسها. نقاش ساخن في هذه الأثناء يملأ الساحة السياسية والإعلامية في فرنسا، خصوصا أن فيون وصف الأحداث المتسارعة بأجواء حرب أهلية عليه، وظهر نفس التقاطع في الاتهامات الموجهة للصحافة بين قادة اليمين في فرنسا والحكام الجدد في واشنطن.