إلغاء رحلات ساعات الذروة خلق اكتظاظا بين الجنسين يُحرج الركاب!
عادت أزمة الطوابير من جديد على مستوى محطات القطارات وأنهك الاكتظاظ مسافري شركة النقل بالسكك الحديدية بضواحي العاصمة وما جاورها من مدن، بعدما أقدمت الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية على إلغاء عشرات الرحلات من محطة الجزائر إلى محطتي العفرون والثنية الضاحيتين الغربية والشرقية على التوالي، وكذا محطة زرالدة- نهاية السفر- الأمر الذي فاجأ الزبائن وأثر بشكل مباشر على تنقلات المواطنين المستعملين لهذه الوسيلة من النقل التي ينتظر منها تحسين خدمتها تجاه زبائنها.
ربورتاج/ حليمة هلالي
الساعة كانت تشير إلى التاسعة والنصف صباحا، عندما كنا في محطة الرغاية في انتظار القطار القادم من الثنية، وجدنا حشدا كبيرا من زبائن "الشيمينو" عبر هذه المحطة مصطفين منذ أكثر من 20 دقيقة، وقبل اقتنائنا تذاكر السفر نحو أغا أكد لنا بائع التذاكر أن القطار القادم نحو الجزائر سيكون في المحطة على الساعة 10.20 بالمحطة أي بعد قرابة ساعة من الزمن من الانتظار، توجهنا بعدها إلى أماكن الانتظار التي كانت اكتظت على الآخر. دقت الساعة العاشرة وعشرون دقيقة ولم يأت القطار مثلما هو مسجل في تذكرة السفر انتظرنا مثلنا مثل الزبائن وبدورنا توجهنا نحوهم من أجل رصد انشغالاتهم وإلقائها على مسمع مسؤولي الشركة لعلهم يقومون بإجراءات أخرى تسهل عملية تنقل المسافرين وتبرمج قطارات تريح وتنقص من معاناة الانتظار اليومية. أكد المسافرون عبر القطارات ل"البلاد" "أن شركة النقل بالسكك الحديدية حرمتهم من السفر في قطارات غير مكتظة وتوفر الأمن والأمان ومساحات تهوية"، مؤكدين "أن ساعة من الزمن أو أكثر في انتظار قطار يقلهم إلى محطة أغا أصبح يشبه الدخول إلى معركة البحث عن مكان شاغر ومساحة يقف بها المسافر باحترام، مفيدين أن هذه الإجراءات الأخيرة أصبحت تعرقل مصالحهم خاصة الطلبة والعمال الذين يعتبرون أكثر زبائن الشركة، مفيدين أنهم ينتظرون إجراءات تساهم في القضاء على التأخرات اليومية للقطارات وليس إلغاء الرحلات التي ستزيد من همومهم". إلى ذلك، قالت السيدة أمينة التي تقطن في الثنية "إن قطار ساعات الذروة يكون مكتظا عن آخره خاصة في الفترات الصباحية، حين يأتي القطار مكتظا عن آخره ويتسبب في احتكاك المسافرين ببعضهم البعض وإحراجهم وفي كثير من الأحيان"، مضيفة "ينتج عن ذلك مناوشات وتحرشات جنسية وفي بعض الأوقات سرقات نظرا إلى كثرة المسافرين"، مشيرة إلى "أن الشركة وضعت إجراءات تخدمها هي بالدرجة الأولى وليس الزبائن". بدوره، أكد امحمد الذي يشتغل بالعاصمة أنه "أصبح يفضل التوجه عبر حافلات النقل جالسا ودون التصاق مع المسافرين بدل التوجه في القطارات التي أصبح عددها لا يلبي احتياجات المسافريين". وقال زبائن القطارات بضواحي العاصمة إنهم "سجلوا في الأيام الأخيرة بمختلف محطات القطار بالعاصمة والضاحيتين الشرقية والغربية اكتظاظا كبيرا داخل القطارات بسبب إلغاء رحلات كانت مبرمجة في السابق خاصة في الفترة الصباحية"، مما أدى إلى اكتظاظ المحطات بالمسافرين الذين أصبحوا ينتظرون قرابة الساعة لقدوم القطار دون احتساب وقت التأخير، الأمر الذي أثار استياء زبائن الشركة الذين عبروا عن سخطهم الكبير للخدمات التي أصبحت تقدمها في الأيام الأخيرة".
الضاحية الغربية.. "حشر" كبير في الفترات المسائية
أما على مستوى الضاحية الغربية باتجاه العفرون، فلا يحسد ركاب القطارات على الوضع الذي يعيشونه خاصة في فترات خروج العمال والموظفين من مقرات عملهم، فما زاد على الاكتظاظ العادي هو وجود جماعات كبيرة من الأفارقة المهاجرين يصطحبون معهم أطفالا صغارا، هؤلاء الأطفال قد تدوسهم الأقدام وسط ذلك الزحام وتسمع صراخهم، ومحاولات البحث عنهم من قبل أمهاتهم بعدما يختلط "الحابل بالنابل" ساعة الركوب وبالأخص في محطة الحراش، أين يتخوف البعض من الحجم الهائل من تعداد الركاب لدرجة يصعب حتى غلق الأبواب ويتطلب الأمر دقائق ليستطيع أعوان الأمر "حشر" المسافرين لتسنح الفرصة للركاب جميعا بالصعود وبالتالي السماح للقطار بالانطلاق بعد صيحات السائق عبر مكبر الصوت المدمج في قاطرة القيادة.
هكذا رد مسافرو القطارات على الإجراءات الأخيرة لشركة "الشيمينو"
بعد انتقال "البلاد" عبر مختلف محطات القطار للضاحية الشرقية للعاصمة مثل الرغاية والرويبة والدار البيضاء مرورا بواد السمار والحراش، رصدنا تصريحات زبائن "الشيمينو"، الذين رددوا عبارات السخط على الشركة المسؤولة على إلغاء عدد الرحلات قائلين "الله لا تربحكم يا شومينو حرمتونا من السفر جالسين أرغمتمونا على الالتصاق مع بعضنا البعض"، في حين أوضح آخرون أن هذه الإجراءات التي قامت بها الشركة تخدم مصالحها ولا تخدم الزبون الذي يكاد يجد وسيلة محترمة تقله إلى وجهته.
عودة التأخرات ترهق المسافرين..
تعد محطة الحراش نقطة الفصل بين مختلف المحطات القطار التي تؤدي لضواحي العاصمة وما جاورها من مدن مثل العفرون وزرالدة والثنية وأمام الإجراءات التي اتخذتها شركة النقل بالسكة الحديدية أصبحت هذه المحطة الأكثر احتواء للزبائن بعد محطة آغا كون المسافرين يقصدونها من مختلف الجهات خاصة العمال الذين يعملون بالمنطقة الصناعية مثل واد السمار والدار البيضاء وكذا الطلبة الذين يأتون من جامعات المنطقة الشرقية على غرار جامعة باب الزوار وجامعة بومرداس. بعد أن تم إلغاء أزيد من 20 رحلة نحو العاصمة باتجاه الثنية والعفرون وزرالدة أغلبها مبرمجة خلال الفترة الصباحية ما بين الساعة السادسة والعاشرة والنصف وهي الرحلات التي تشهد إقبالا كبيرا سواء من قبل العمال أو طلبة الجامعات والمتوجهون نحو المستشفيات، حيث تم إلغاء رحلات 06:10 من الرغاية نحو العاصمة وأخرى على الساعة 6.55 على نفس الخط ورحلة أخرى على الساعة 07:45 وهي الرحلات التي تتزامن مع مواعيد التحاق العمال بمناصب عملهم وطلبة الجامعات، الأمر الذي أدى إلى ازدحام كبير خلال الأيام الأخيرة على مستوى المحطات، خاصة الكبرى منها الرويبة وبومرداس، والكل أبدى استياءه من إلغاء هذه الرحلات في وقت كانوا ينتظرون التكثيف منها في إطار تحسين الخدمة.
زجاج القطارات المكسور وأعطاب تقنية وراء إلغاء الرحلات بالعودة إلى الوراء، فقد أضرب عمال شركة "الشيمينو" وشل حركة سير القطارات نظرا إلى غياب إجراءات أمنية وقائية حفاظا على سلامة أمنهم وأمن القطارات بعدما لحقت عدة أضرار على مستوى الزجاج وتوالي الحوادث الأخيرة. وكشف مصدر من المؤسسة في حديثه ل"البلاد"، أن سائقي القطارات عزموا على تطبيق تعليمات بكل صرامة بعد أن أصبح السائق يمارس عمله في قطارات تتخللها عدة شوائب وتفاديا لوقوع أي حوادث لجأ السائقون لتفادي استعمال القطارات التي تحوي على زجاج مكسور أو بها خلل تقني تفاديا لوقوع مكروه ما بعدما تأخرت شركة الشيمينو في تجديد وعصرنة خدمة النقل بالسكة الحديدية. وأمام اتخاذ هذه الإجراءات الوقائية من طرف السائقين وجدت شركة الشومينو نفسها مجبرة على إلغاء الرحلات وتقليص عدد القطارات ، مبررة ذلك بمشاكل عديدة منها نقص عدد زبائنها في تلك الفترة أو نقص في قاطرات النقل، الناتج عن أعطاب ميكانيكية، حيث أصبحت القطارات في الأسابيع الأخيرة تسير بقاطرتين بدلا من ثلاثة، إضافة إلى نقص عدد السائقين.
هذه هي الرحلات التي تم إلغاؤها
وكانت البلاد قد نشرت في أعددها السابقة رحلات القطارات التي تم إلغاؤها وهي الجزائر - الرغاية 06:10 - 12:40. الرغاية - الجزائر 06:55 - 13:50. الجزائر - الثنية 07:45 - 10:45 - 13:50 - 17:00 الثنية - الجزائر 09:20 - 12:35 - 15:45 - 18:40. الجزائر - العفرون 12:05 العفرون - الجزائر 14:00. آغا - زرالدة 09:45 - 11:15 - 14:20. زرالدة - آغا 10:00 - 12:55 - 15.33.
قلة المردودية أدت إلى معاقبة الزبائن بإلغاء الرحلات
أوضح المدير الجهوي لضاحية الجزائر العاصمة مراد تازدايت، "أن الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، قلصت عدد الرحلات بسبب انخفاض عدد المسافرين المستعملين للقطار في بعض الرحلات، التي قال إن بعضها يكون فيها المسافرون شبه منعدمين، خاصة في الرحلات المنطلقة بعد وقبل ساعات العمل، كما أضاف ذات المتحدث أن ذلك سيسمح بالحفاظ على القطارات واستعمالها عند الحاجة. وفي سياق متصل، أكد تازدايت أن الرحلات التي تنطلق في ساعات العمل ونهاية العمل، لن يتم تغييرها، ولن تحذف أي رحلة منها، خاصة أن أغلب المسافرين يعتمدون على القطار في الوصول إلى مراكز عملهم، مطمئنا بذلك زبائن الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية.
هذا ما وعدت به شركة "اس ان تي اف" لزبائنها
كشف عبد الرزاق مكربي مدير المعدات والجر بشركة النقل بالسكة الحديدية في حديثه مع "البلاد"، أنه تم إبرام اتفاقية مع الشركة الفرنسية الستوم لاقتناء 17 قطارا من فئة 6 مركبات ستربط كل من الجزائر العاصمة بوهران وعنابة وقسنطينة بطاقة استيعاب 254 زبونا. وتحوي هذه القطارات -حسب المتحدث- 60 مكانا من الدرجة الأولى و194 من الدرجة الثانية ومجهزة بكل التقنيات العصرية الحديثة، كما تحوي الكسوة الخارجية التي تعكس الطبيعة الخارجية حسب المنطقة التي يكون بها. وقال المتحدث إن سعر التذكرة لن يتغير وسيبقى مثلما عليه. وتأتي هذه الإجراءات لعصرنة الشبكة الجزائرية للسكك الحديدية واقتناء قاطرات ذات سرعة فائقة يتطلبان تكوين الموظفين و من ثمة إبرام هذه الاتفاقية. ويجدر الذكر، أن وزير النقل كان قد صرح "أن القاطرات الجديدة ذات سرعة فائقة قد تبلغ 220 كلم في الساعة ستدخل الجزائر في جانفي 2018 وستوجه في بداية الأمر للخطوط الجديدة الجاري إنجازها".
اتفاقية مع شركة أجنبية لتدارك العجز
وقّعت مؤخرا، شركة النقل بالسكك الحديدية اتفاقية مع الشركة البلجيكية كلود فونتينوي من أجل إتاحة المجال لشركة شومينو إمكانية التكوين ويمكن لهذه الخدمات أن تشمل مهام الخبراء ونشاطات التكوين المتعلقة بمختلف التقنيات الخاصة بالسكك الحديدية وتسيير النوعية والسلامة واستغلال الشبكة التقليدية وذات السرعة الفائقة وهذا لتدارك العجز المسجل على مستوى الشركة. وشملت الاتفاقية أيضا ضرورة تقديم الخدمات الخاصة بالدراسات والمساعدة التقنية والخبرة في دراسة قطع الغيار أو التجهيزات ومراقبة عتاد الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدة داخل المصنع.