يعود فيلم ''سالت'' للمخرج الأسترالي ''فيليب نويوسي'' الذي يعرض حاليا ب''قاعة الموفار'' في العاصمة، إلى أجواء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وذلك من خلال رصد أمريكا لشبكة تجسس تعمل لصالح موسكو على طريقة ''الخلايا النائمة'' تتمثل مهمتها في تجنيد المصادر السياسية وجمع المعلومات لصالح روسيا للنقد والتحليل· ويحيل اسم الفيلم إلى اتفاقية الحد من الانتشار النووي ''سالت'' الموقعة سنة .1972 ويعد هذا الفيلم تعاونا من نوع خاص بين المخرج الأسترالي والممثلة الأمريكية الشهيرة ''أنجلينا جولي'' المعروفة بنشاطاتها الإنسانية ومساندتها لقضايا اللاجئين في العالم· وتنطلق القصة من عميل المخابرات السوفييتية ''فاسيلي أورلوف الذي يجسد دوره الممثل البولوني ''دانيال أولبروجزكي''، إذ يحمل هذا الرجل عقيدة خاصة يؤمن فيها ب''عظمة الاتحاد السوفييتي''، فيشرف على مشروع جهنمي، حيث يبدأ باختطاف أطفال روس، وافتعال حوادث مختلفة لتصفية عائلاتهم، ليكونوا يتامى· وبعدها يتكفل بتربيتهم تربية عقائدية عمياء من خلال غسل أدمغتهم بالولاء المطلق له ولبلاده· وهنا تظهر في الفيلم مشاهد الأطفال وهم يقبلون يد ''أرولوف''، حيث لم ينس المخرج أن يضع في أصبعه خاتما يحمل علامة المطرقة والمنجل، ثم يتم زرع الأطفال في المجتمع الأمريكي، لينشأوا هناك كمواطنين أمريكيين أصليين· وحين يكبرون يتفاجأ المشاهد بأن العديد منهم نالوا أعلى المناصب في أجهزة الدولة خصوصا الأمنية·وفي السياق ذاته، يوظف العميل السوفييتي هؤلاء الأطفال في تنفيذ مخطط هدفه تدمير أمريكا، وإعادة الهيبة لروسيا التي بدا ''أورلوف'' ناقما على ضعفها الحالي· ولاحقا، تظهر ''إيفلين سالت''، وهي أحد هؤلاء العملاء النائمين، حيث تبرز في بداية الفيلم معتقلة في سجون كوريا الشمالية، وتتعرض إلى أقسى أنواع التعذيب، غير أنها تصمد ولا تعترف وتصر على أنها مجرد سيدة أعمال· وهنا يتم إطلاق سراحها عبر عملية استبدال مع عميل كوري·من ناحية أخرى، لم يأت فيلم ''سالت'' بجديد من حيث نوعية أفلام الحركة الأمريكية، التي تتطور فيها القصص والأحداث من دون مبررات منطقية من أجل الإثارة والتشويق، حيث نشاهد فيه مطاردات وصدامات عنيفة، وإطلاق نار لبطلة لا تخطئ الهدف، وقدرات خارقة في الجري والقفز وتسلق الجدران واختراق الأماكن المحصنة إلكترونيا، إلا أن اللافت هو سطوة الطابع الإيديولوجي عبر كافة المشاهد، حيث ينظر كل طرف في الفيلم إلى الآخر على أنه ''العدو والمجرم الذي يتوجب القضاء عليه بأي طريقة''، وهو نفس التصور الذي كان سائدا في سنوات الحرب الباردة بين المعسكرين·