سجلت ليبيا رقما قياسيا في أعداد القتلى الذين سقطوا خلال ثلاثة أيام فقط نتيجة الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيل القذافي وتغيير النظام، حيث كشفت منظمة ''هيومان رايتس ووتش''، أن قوات الأمن الليبية قد قتلت أكثر من 84 شخصا· وارتفعت حصيلة أعمال العنف التي تهز ليبيا منذ الثلاثاء الماضي بشكل تدريجي، إذ اتهمت المنظمة ومقرها نيويورك السلطات الليبية بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين ''المسالمين''، وبتوعدهم برد ''صاعق'' في حال استمرار الاحتجاجات· وقالت المسؤولة عن قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة الحقوقية ''سارة واتسون'' إن ''الاعتداءات الهمجية التي شنتها قوات الأمن الليبية على متظاهرين مسالمين تكشف حقيقة وحشية تعامل معمر القذافي مع أي حركة معارضة داخلية''، مضيفة أن مئات ''المتظاهرين المسالمين نزلوا إلى الشوارع في البيضاء وبنغازي ودرنة وأجدابيا وزنتان''· وذكرت تقارير إخبارية أن الاحتجاجات الشعبية في لبيبا اتسعت لتشمل مدن طبرق وتاجورا وأجابيا ودرنة وشحات والبيضاء وبنغازي وطرابلس وزنتان· وأضافت التقارير أن قوة ليبية خاصة هاجمت أمس مئات المعتصمين أمام المحكمة الابتدائية وسط مدينة بنغازي شمال شرق ليبيا وفرقتهم بالقوة· فيما شيع آلاف المواطنين في مدينة البيضاء بعض من سقطوا في المواجهات مع الأمن· كما اجتمع متظاهرون في مدينة الزاوية للمطالبة برحيل القذافي وإسقاط النظام· وفي الأثناء، أمر النائب العام في ليبيا المستشار بفتح تحقيق في ''أعمال العنف'' التي وقعت خلال التظاهرات· ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر مطلع قوله إن ''النائب العام أمر بفتح تحقيق حول أسباب الأحداث وحصيلتها في بعض المدن، ودعا إلى تسريع الإجراءات لمحاكمة جميع الذين يدانون بالقتل والتخريب''، ولم يقدم مزيدا من التفاصيل· وفي السياق ذاته، قطعت السلطات الليبية خدمات الانترنت كليا في البلاد في حوالي منتصف ليلة أول أمس ، بحسب ''أربور نيتووركس'' الشركة المتخصصة بمراقبة حركة الانترنت المتواجد مقرها في الولايات المتحدة· وكان متظاهرون قد حرقوا الجمعة مقر الإذاعة المحلية في بنغازي، وذلك بعدما انسحبت منه قوات الأمن التي كانت تتولى حماية المبنى· وقال شهود عيان إن ''مقر الإذاعة يحترق''· فيما أفاد شهود آخرون أن قوات الأمن التي كانت تتولى حماية المبنى انسحبت منه بعد الظهر، فعمد المتظاهرون إلى دخوله وأضرموا النار فيه· وتزامن ذلك مع معلومات تفيد بفرار العديد من السجناء من سجن الكويفية في بنغازي إثر حركة تمرد حصلت في السجن·من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة ''الشرق الأوسط'' اللندنية في عددها الصادر أمس أن عددا من أعضاء مجلس القيادة التاريخية للثورة الليبية قدموا استقالاتهم رسميا إلى الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، احتجاجا على تصاعد أعداد القتلى والجرحى في الاشتباكات الدامية بين القوات الليبية والمتظاهرين· وقال مسؤول ليبي للصحيفة إن اثنين على الأقل من أعضاء مجلس قيادة الثورة، الذي قاد مع العقيد القذافي الانقلاب العسكري الذي أطاح في الأول من سبتمبر 1969 بحكم الملك الراحل إدريس السنوسي، بعثا باستقالات مكتوبة إلى القذافي، تعبيرا عن رفضهما لقيام قوات الشرطة ومكافحة الشغب بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرات سلمية احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد· وتظهر هذه الاستقالات وجود انقسام بين القذافي وباقي أعضاء مجلس قيادة الثورة، الذين نجح القذافي على مدى 42 عاما من سنوات حكمه في تحييدهم وتعيينهم في وظائف هامشية والانفراد بالسلطة من دون منازع· وتأتي هذه التطورات في وقت كشفت مصادر متطابقة أن مدينة بنغازي، ثانية كبريات المدن الليبية ومدنا عديدة بشرق البلاد أصبحت خارج سلطة الحكومة الليبية، بينما اتسعت فيها دائرة المظاهرات المطالبة بتنحي القذافي·