أخذت الاحتجاجات المتواصلة في مدينة الحسيمة، منحى تصعيديا بعد التدخل العنيف لقوات الأمن المغربية التي اشتبكت مع المتظاهرين، مما أسفر عن سقوط عشرات الجرحى. وشنت وحدات الدرك والشرطة حملة اعتقالات واسعة عكست حالة الارتباك الذي سببه حراك الريف للسلطات المغربية. ويبقى الوضع "مضطربا" بعد سبعة أشهر من اندلاع حركة الاحتجاج في هذه المنطقة، حسبما نقلته وسائل الإعلام المحلية. وحسب حصيلة رسمية تناقلتها وسائل الإعلام، فقد تم تسجيل 83 جريحا من بين أعوان الشرطة والمتظاهرين بسبب استعمال الشرطة الغاز المسيل للدموع لوقف هذه "المظاهرة غير المسموح بها". وأدان شهود عيان عبر شبكات التواصل الاجتماعي عدم احترام قواعد استعمال القنابل المسيلة للدموع التي تخضع لمعايير، حيث أكدوا أنها استهدفت مباشرة المتظاهرين بدلا من قذفها على الأرض وهذا ما أدى إلى تسجيل إصابة عدد كبير من المدنيين. وحسب نفس المصادر، فإنه لم تسجل جروح خطيرة لدى المتظاهرين غير أنهم رفضوا التنقل إلى المستشفى خوفا من الاعتقال، غير أنه تمت الإشارة إلى وجود حالة خطيرة. وفي الوقت الحالي لازال الوضع "مضطربا" في الحسيمة بؤرة الاحتجاج منذ أزيد من 7 أشهر، حيث لم يثن منع المظاهرة السلمية إصرار وعزم سكان المدن والقرى المجاورة عن التوافد بكثرة إلى الحسيمة، حسب الصحافة المحلية. وحسب عدة مصادر، فإن "العديد من المتظاهرين الذين حاولوا التوجه إلى الحسيمة قدوما من إمزورن وبني بويعاش وتماسينت والمدن والقرى المجاورة سجلوا في قوائم حمراء أو منعوا من مواصلة طريقهم من قبل الدرك أو الشرطة المتواجدين بمداخل المدينة". كما لم تسلم وسائل الإعلام من هذا القمع، إذ قررت نيابة محكمة الحسيمة فتح تحقيق ضد الصحافي حميد المهداوي مدير موقع بديل بتهمة "التحريض" على الخروج للمظاهرة رغم المنع. وأعلن موقع بديل مؤخرا عن توقيف الصحافي عندما كان بالحسيمة لتغطية المظاهرة. بالفعل، فإن الوضع في هذه المنطقة من الريف يشهد توترا منذ 2016 بعد مقتل بائع سمك محسن فكري سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات وهو يحاول استرجاع بضاعته التي حجزتها قوات الأمن. وقد أثارت هذه المأساة الوعي بالظلم الاجتماعي والسياسي المفروض على سكان هذه المنطقة منذ أكثر من 60 سنة وتبقى مشاعر الحرمان قائمة في أوساط سكان الريف. وتحولت المظاهرات المطالبة بتحقيق العدالة في قضية وفاة محسن فكري إلى حركة احتجاجية تطالب بالمزيد من الاستثمارات الحكومية لاستحداث مناصب شغل في المنطقة. وكان الهدف من المسيرة السلمية الكبرى ليوم الخميس المنقضي هو المطالبة بالإفراج عن معتقلي الحراك والاحتجاج "ضد القمع" والإبقاء على النضال الشعبي ضد السلطة القائمة في المغرب. ومنذ إعلان السلطات المغربية يوم 8 جوان عن اعتقال 86 شخصا، تتواصل عمليات التوقيف بكل من الحسيمة والناظور.