سراي: "المصدرون يهرّبون ثلث أموال الدولة المخصصة للدعم" شرعت اللجنة الوزارية المشتركة، المنصبة من طرف الوزير الأول، والمكلفة ببحث إشكالية تصدير المواد الغذائية التي تستعمل المدخلات المدعمة، بالعمل، ومن المنتظر أن ترفع تقريرها المفصل لعبد المجيد تبون قبل نهاية شهر أوت الداخل، الذي من المرتقب أن يحمل العديد من المفاجئات، أبرزها أن "مافيا" التصدير تتلاعب بأكثر من 400 مليار دينار من الدعم الاجتماعي. تواصل الحكومة، تحت إشراف الوزير الأول عبد المجيد تبون، محاصرة رجال المال والأعمال، الذين يستغلون دعم الدولة، وهذه المرة الدور على مصدري المواد الغذائية التي تستعمل المدخلات المدعمة، ولذلك عقد الوزير الأول اجتماعي وزاري مشترك حضره كل من وزيري المالية والتجارة، وأيضا محافظ بنك الجزائر، والمدير العام للجمارك، ورئيس جمعية البنوك والمؤسسات المالية. وقد عرض وزير التجارة تقريرا أمام الوزير الأول، سمح بإبراز "الاختلالات التي تطبع سير بعض الفروع التي تنتج مواد قابلة للتصدير"، وهو التقرير الذي يشير إلى أن "التناقضات والاختلالات المسجلة متعلقة بمختلف المستويات وتخص نظام التموين والإنتاج والتوزيع على حد سواء". وفي ختام اللقاء، أمر الوزير الأول المسؤولين الحاضرين "بتنصيب لجنة وزارية مشتركة برئاسة وزير المالية، حيث يمثل فيها أيضا وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري"، ستتولى اللجنة مهمة "إعداد تقرير مفصل حول هذه الإشكالية في أجل لا يتعدى شهرا"، على أن تعرض النتائج التي ستفضي إليها الخبرة على الوزير الأول بغرض تقييمها، ومن المقرر أن ترافقها اقتراحات حلول من شأنها أن تضع حدا للانعكاسات المباشرة المترتبة عن هذه الظاهرة "لاسيما الأضرار المسجلة في مجال تطوير الاقتصاد الوطني". وفي السياق، حذر العديد من الخبراء والمختصين الاقتصاديين، من السياسة المنتهجة فيها هذا المجال، خاصة ما تعلق ب«الخسائر الكبيرة" التي تتكبدها الخزينة العمومية، حيث أوضح الخبير عبد المالك سراي في اتصال ب«البلاد"، أن هذه القضية مرتبطة ب«تركيب أسعار بيع المواد الموجهة للتصدير"، مؤكدا أن "جزءا كبيرا من هذه المواد مدعمة من أموال الخزينة العمومية"، موضحا "يعني أن المصدرين يصدرون أموال الدولة" و«يهربونها"، مضيفا أن القمح والزيت والفرينة مدعمة، وفي توضيحه لهذا المسار الذي قال عنه "خاطئ"، قال سراي "إن صاحب المطحنة يستفيد من منحة الدولة، ومن يصنع أيضا السباغيتي والمعكرونة يستفيد من دعم الدولة ثم تصدر هذه المواد"، متهما هذه الفئة أنها "لوبيات يصدرون أمورا ليست ملكهم"، مشيرا إلى أن "حوالي ثلث 1/3 ما يصدرونه من أموال الخزينة العمومية"، محذرا من استمرار هذه الوضعية التي نتج وينتج عنها -حسب المتحدث- "سرقات كبيرة". عبد الرحمن مبتول: "حذرت سلال.. ووضعت ملفا مفصلا على طاولته" من جهته أخرى، حمل الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن مبتول، مصالح وزارة المالية، خاصة الجمارك مسؤولية الاختلالات التي حصلت في هذا الملف، قائلا إنه "كان يفترض إعداد حسابات التصدير مفصولة عن المواد المدعمة"، مشيرا إلى أن العقود العالمية "تمنع دخول الأسواق بالنسبة للمواد المدعمة"، الأمر الذي كبد -حسبه- الخزينة العمومية "خسائر كبيرة بالعملة الصعبة"، مضيفا "على وزارة المالية إجبار المصدرين على فصل حساباتهم بين المواد المدعمة وغير المدعمة، ليعود فرق السلع المدعمة للخزينة العمومية"، مذكرا أن "الدعم موجه لاستهلاك الداخلي وليس للتصدير والاستهلاك الخارجي". فيما هون مبتول من القيمة المالية التي تهرب في إطار تصدير مواد غذائية تستعمل المدخلات المدعمة، رغم تأكيده على أن حذر الوزير الأول السابق، عبد المالك سلال من هذا الأمر، قائلا "وضعت ملفا مفصلا على طاولته"، وذكر أن الصادرات خارج المحروقات لم تتجاوز 3 بالمائة سنة 2016، من بينها 50 بالمائة كمواد بيتروكيماوية، مما يعني -حسبه- أن 1.2 مليار دولار صادرات خارج المحروقات، لا تتجاوز قيمتها مواد غذائية 30 إلى 40 مليار دولار. من جهة أخرى، فإن المطلع على بعض تفاصيل قانون المالية للسنة الحالية 2017، يكتشف أنه تم تخصيص مبلغ 8ر1.630 مليار دج للتحويلات الاجتماعية، وهو ما يمثل 7ر23 % من ميزانية السنة، ومن مجموع هذا المبلغ، تم توجيه 5ر413 مليار دج إلى دعم العائلات، لاسيما من خلال دعم أسعار المواد الأساسية (الحبوب، الحليب، السكر والزيوت الغذائية)، وهي المواد التي تدخل في كثير من السلع التي تصدر، مما يعني أن المصدرين يستغلون دعم الدولة الموجه أصلا للعائلات والاستهلاك الداخلي، ويستفيدون منه بشكل مباشر ويصدرون جزء منه، وهو الأمر الذي دفع الوزير الأول للتحرك، لوقف هذا النزيف من العملة الصعبة.