واجهت الكتل البرلمانية داخل مجلس الأمة الوزير الأول، بفشل سياسات الحكومات السابقة، لا سيما ما تعلق بالدعم المفرط، حسب ممثل الأرندي، ما حولها إلى دولة اجتماعية فوق اللزوم. في حين طالب آخرون بتوضيحات أكثر حول التمويل غير التقليدي. وأجمعت أغلب الكتل على ضرورة حصول انخراط جماعي لمختلف القوى السياسية والالتفاف حول مسعى الحكومة لتجاوز الأزمة الحالية، متمنين ما تضمنه المخطط، خاصة ما تعلق بالإصلاحات المرتقبة في القطاع المالي والتدابير الجديدة المتخذة لدعم التنمية. وأكد أعضاء مجلس الأمة أن المخطط قوبل ببعض المخاوف، خاصة ما تعلق باللجوء إلى التمويل غير التقليدي، وذلك خلال مداخلات رؤساء الكتل حول مخطط عمل الحكومة، مشيرين للسياسات الفاشلة لمسؤولين سابقين في الحكومات المتعاقبة، بعد خرجة مشابهة قامت بها المجموعات البرلمانية للمعارضة داخل المجلس الشعبي الوطني قبل أسبوع. وتحولت مداخلة رئيس كتلة الأرندي المسيطرة على مجلس الأمة، إلى محاكمة لسياسة "السوسيال" والتحويلات الإجتماعية والدعم التي انتهجتها الحكومات السابقة، وفق ما وصفه رئيس الكتلة عبد المجيد بوزريبة، ب "مبالغة" الحكومات السابقة في قراراتها "الإجتماعية"، قائلا: "إن الدولة رؤوفة بمواطنيها وصاحبة فضل عليهم من باباالمسؤولية لكن اجتماعيتها المفرطة عودت الناس جميعا على الخمول والاتكال وعقلية الانتظار وهذا ما جعل حتى الأجانب يطمعون في الاستفادة مما تغدقه الدولة من خيرات وامتيازات مجانية". وشدد بوزريبة على تجاوز المرحلة الاتكالية وتغليب منطق تبادل المنفعة بالتوازن بين الواجبات والحقوق، خاصة على اعتبار أن المرحلة تستدعي تغيير الذهنيات والسلوكات وتغليب منطق الاعتماد على النفس. وشدد رئيس الكتلة البرلمانية للأرندي على ضرورة توفر إرادة وطنية جماعية للإصلاح والتعبئة والانخراط التام للمؤسسات وللفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين وعموم المواطنين ووضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار وتغليب الثقة والتشاور والحوار وجعل الحفاظ على وحدة واستقرار وجاذبية وتنافسية البلاد الهدف الأسمى الذي يسعى الجميع لتحقيقه. أما رئيس كتلة الأفالان، محمد زوبيري، فوجه في خضم حديثه عن صعوبة المرحلة الحالية، دعوة للقوى السياسية بمختلف انتماءاتها للانخراط الجماعي من أجل المساهمة في التنفيذ الميداني لمخطط عمل الحكومة الذي وصفه ب«الواعد". كما ثمن زوبيري اعتماد الحكومة على الصيرفة الإسلامية في المنظومة البنكية والمالية الوطنية، والذي يأتي استجابة لدعوة ملحة ومطلب متكرر من فئات وازنة في المجتمع، بغية اندماجها في الدورة الاقتصادية والذي يعد إسهاما في دفع عجلة النمو وتحقيق تراكم الثروة الذي هو الوسيلة الوحيدة في الحفاظ على مناصب الشغل وتوسيعها بما يتلاءم مع احتياجات سوق العمل. من جهة أخرى، انتقد رئيس الكتلة البرلمانية للثلث الرئاسي، الهاشمي جيار، سياسات الحكومات السابقة، واصفا إياها بالفاشلة، حيث أكد أن البلاد عاشت مرحلة هامة غير أنها لم تكن صحية، حيث فشلت فيها برامج ما بعد الاستقلال ثم سنوات التسعينات، موضحا أن التصورات التي اعتمدت شتتت مفاهيم الدولة وظهرت بذور انشقاق للتشكيك في الثورة التحريرية، مشيرا إلى أن الأزمة لا تخص أسعار البترول بل أزمة تسيير ومواطن ضعف للإدارة العمومية لم يعط لها سابقا حقها. وانتقد جيار ظاهرة الرشوة التي باتت شبه مؤسسة في البلاد وتجزئة العقل العمومي والترويج لفكرة خاطئة عن وجود حلول سحرية لمشاكل لا يحوز عليها إلا رئيس الدولة، مشددا على ضرورة تركيز التفكير والمناقشة والعمل للتغلب على مواطن الضعف داخل الإدارة والمؤسسات وليس الانشقاقات. وقال "حان الوقت لاستعادة السيطرة بعدما تمكن الجزائريون من استعادة النفس بعيدا عن المرافعات الإيديولوجية، رغم أن الأهداف لم يتم بلوغها جميعا". وسار ممثل كتلة الرئيس في نفس مطالب الأفالان بشأن انخراط وإشراك جميع القوى السياسية لبناء المسار الديمقراطي، حيث طالب بالمساهمة في التنفيذ الميداني لمخطط عمل الحكومة الذي نعته ب "الواعد". قائلا إن المهمة جماعية. فيما انتقد بالمقابل الانتقادات والتهجمات دون التمييز بين ما هو إيجابي أو سلبي. من جهته، أعرب عضو مجلس الامة عن جبهة القوى الاشتراكية، محمد بطاش، عن تحفظه حيال اللجوء إلى التمويل غير التقليدي. كما ذهب بعض أعضاء مجلس الأمة إلى التأكيد على مسألة التعجيل وإيجاد الآليات الكفيلة بتنفيذ التمويل غير التقليدي للوصول إلى أهدافه المسطرة.