بارونات يجلبونها من دول أجنبية برعاية قانونية والأسواق السوداء تروجها تغيب ثقافة تاريخ انتهاء صلاحية المواد الاستهلاكية عن مائدة الجزائريين الذين أضحوا اليوم يتهافتون على اقتناء سلع لعلامات تجارية عالمية تعرض في الأسواق بأسعار زهيدة وبتاريخ منتهي الصلاحية؟؟.... شوكولاطة فرنسية وأجبان سويسرية ومواد أخرى سريعة التلف ترمى في مزابل الدول المنتجة لقرب نفاذ صلاحيتها بينما تجلب إلى الجزائر بطريقة قانونية لتباع للزبائن الذين وقعوا بين مصيدة الأزمة الاقتصادية وسندان الأسواق السوداء. ... النوعية والجودة والسعر أهم ما يلتفت إليه المستهلك الجزائري، حيث يتجاهل كثيرون أثناء اقتناء المواد الغذائية سريعة التلف التأكد من تاريخ نهاية الصلاحية، لغياب الثقافة الاستهلاكية والصحية لدى معظم الجزائريين، إذ تكاد شكاوى المواطنين حول بيع مواد غذائية منتهية الصلاحية تنعدم، خصوصا قبل استهلاك تلك البضاعة، حيث تم تسجيل بعض الشكاوى لدى مصلحة حماية المستهلك، كلها جاءت بعد تناول تلك المادة، أو عقب حدوث تسممات ونقلهم إلى مصالح الاستعجالات ويقدم كثير من الجزائريين على اقتناء شوكولاطة، بسكويت، مصبرات، مشروبات غازية، أجبان، مايونيز وحبوب الأطفال وغيرها.. من المواد الغذائية التي انتهت صلاحيتها، والتي تقدم لهم بأسعار بخسة يتهافتون عليها عبر الأرصفة والطرقات، متجاهلين ما لذلك من آثار جانبية وخيمة على صحتهم، لما تتسبّبه من تسممات قد تكون حادّة تؤدي بصاحبها للموت، في ظل عدم وجود قانون يمنع استيراد المواد التي شارفت على انتهاء صلاحيتها. كشفت تحقيقات ميدانية عن وجود بارونات مختصين في استيراد مواد منتهية الصلاحية أو تشارف على انتهائها من دولها الأصلية بعدما يرمى بها هناك، بأسعار بخسة لتتم إعادة بيعها في الأسواق الموازية بثمن بخس للمستهلك دون مراعاة لصحته وصحة أبنائه، في ظل انعدام قانون يعاقب على إدخال البضاعة المنتهية الصلاحية للجزائر.
تعرض في "مارشي نوار".. مواد مشكوك فيها تستهدف بطون الجزائريين!!
هو ما اطلعت عليه "البلاد" من خلال خرجة ميدانية الى بعض الأسواق الشعبية والمساحات التجارية الكبرى بالعاصمة وتحديدا بأحياء باب الواد وساحة الشهداء وميسونيي، حيث لاحظنا تهافت الزبائن على مثل هذه المواد المعروضة دون مراعاة العواقب الوخيمة من استهلاك مواد أغلبها منتهية الصلاحية، فثقافة الاستهلاك لدى بعض الجزائريين مرتبطة بالمال، لا سيما في ظل انخفاض القدرة الشرائية بسبب سياسية التقشف التي تعرفها البلاد، فبات غلاء المعيشة وإرتفاع الأسعار هوالدافع والمبرر لإنقاذ جيوب المواطنين من التهاب الأسعار التي لا يقدر عليها سوى أصحاب الجيوب المنتفخة.
"ميلكا.. تويستو والنوتيلا"... 3 علب ب200 دج "كول يا الزوالي"
الزائر لسوق ميسوني بالعاصمة وطرقات شارع حسيبة وما يسمى "بزنقة لحنش" المجاورة لمستشفى مصطفى باشا، يلاحظ ما يعرضه الشباب من شكولاطة وحلويات بمختلف أنواعها بأسعار بخسة. اقتربنا من احدهم كان يعرض "تويسكو" بمبلغ 200 دج لثلاث علب، فاطلعنا في ظل الزحمة من طرف النسوة على تاريخ انتهاء صلاحيتها فوجدناها أصلا "بريمي" وضعنا البضاعة ولكن البائع تفطن لنا وأشبعنا وابلا من الشتم بقوله "اشري ولا الله لا شريتي" الأمر لم يعن بقية الزبائن الذين لم يحاولوا أصلا الاطلاع على تاريخ نهاية الصلاحية. وبالمقابل تتربع الشكولاطة الفخمة المستوردة من دول أجنبية على عرش التخفيضات، فمن خلال جولتنا بباب الوادى وتحديدا بسوق الثلاث ساعات، لاحظنا الكم الهائل من التجار الذين يعرضون الشكولاطة على غرار "نوتيلا" التي وجدنا العلبة الكبيرة منها بسعر 700 دج وتنتهي صلاحيتها في 12 نوفمبر، بينما سعرها في المحلات التجارية 1150 دج. أما "ميلكا" فكانت سيدة السوق فقد روج لها بسعر 100 دج وتنتهي صلاحيتها في 10 نوفمبرو لكن الإقبال كان واسعا عليها خاصة أن سعرها وصل في المراكز التجارية الى 200 دج. وبررت إحداهن إقدامها على شراء هذة المواد أنها "فرصة للجميع يجب انتهازها ولا تتردد في اقتناء كل أنواع الشكولاطة الفاخرة التي تعجز عن شرائها في الأيام الأخرى لغلاء ثمنها. ومثل هذه المنتوجات سرعان ما تستهلك فلا خوف على صحتها". إضافة إلى "سنيكرز" و"مارس" و"تويكس" وجدناها ب 50 دج أي تقريبا نصف سعرهم العادي، بينما تنتهي صلاحيتهم في 2 نوفمبر المقبل.
.. والمعلبات لها نصيب من "الصولد"
المعلبات على غرار الفطر والفواكه، أخذت هي الأخرى نصيبها من العروض، حيث خفض سعر علبة فطر مستوردة من فرنسا وبقي 7 أيام على انتهاء صلاحيتها إلى 100دج، بينما وصل سعر الفواكه المعلبة إلى 140 دج في حين يتراوح سعرها في المحلات التجارية بين 200 و240 دج للعلبة الواحدة. مشتقات الحليب حاضرة كذلك، على غرار "كامومبير بريزيدون" المستورد من فرنسا الذي يبلغ سعره في المحلات 280 دج، فخفض سعر العلبة التى تنتهي صلاحيتها في 10 نوفمبر إلى 150 دج. ورغم حساسية هذه المواد إلا أن الزبائن اصطفوا لاقتنائه غير مبالين بالضرر الذي من الممكن أن تسببه لهم.
ماركات عالمية لمواد التجميل على أرصفة الطريق
تغرق أسواق العاصمة في مواد التجميل المقلدة والمنتهية الصلاحية التي يروج لها التجار على أنها أصلية وجديدة، فنجد البعض يقتني هذة السلع فقط من أجل سعرها الزهيد، في حين تقع أخريات في فخ عدم القدرة على التفريق بين المنتج الأصلي والمقلد، كما لاحظنا خلال جولتنا في "ساحة الشهداء" و"ميسوني" أن أغلب الزبونات لا يبحثن حتى عن مدة صلاحية هذه المنتوجات بل يقتنين البضاعة مباشرة غير مباليات بالأخطار التي يمكن أن تسببها للجلد والبشرة. على غرار كريم الأساس "قارني" الذي يباع ب 600 دج، بينما سعره الأصلي يتجاوز 2000 دج، والشيء نفسه بالنسبة للواقي من الشمس من نفس الماركة الذي يباع ب500 دج، مع تأكيد البائع للزبائن أن المنتوج أصلي ولا غبار عليه. المثير للدهشة أن أغلب المواد المعروضة لا تحمل أصلا تاريخ التصنيع وانتهاء الصلاحية، الأمر الذي يثير الشك في النفوس إذا كانت حقا هذه المواد مازالت صالحة للاستعمال؟ وكيف تروج هذه السلع المنتهية الصلاحية في الأسواق خاصة أن القانون يحرم مثل هذه المماراسات؟ وساهم غياب ثقافة التأكد من صلاحية هذه المواد، وإيداع شكوى ضد التجار في حالة ما تعرض الزبون لتسمم أو ضرر جراء تناوله هذه المواد، وبشكل كبير في انتشار وتفاقم هذه العروض الوهمية التي لا تخدم سوى مصلحة التاجر. محلات تجارية كبرى تعرض المواد المنتهية الصلاحية بأسعار بخسة المهم تفادي الخسارة. هذا هو شعار التجار غير المبالين بصحة المستهلك، فعوض التخلص من المواد التي شارفت على انتهاء صلاحيتها تقوم بتخصيص مساحة معينة من المحل في عرض المواد بأسعار بخسة بغية جلب الزبون وهو حال إحدى المساحات التجارية بحي حيدرة بأعالي العاصمة التي أصبحت معروفة عند الزبائن، بعد أن اختار صاحبها ركنا من محله لعرض المواد التي توشك مدة صلاحيتها على الانتهاء، وأن الكثير ممن يقصدون هذه المساحة يتوجهون خصيصا إلى تلك المساحة لاقتناء ما يروق لهم، خاصة أن الأمر يتعلق بمواد مستوردة و"فرنسية المنشأ"، منها الشوكولاطة والبن، فضلا عن مختلف أنواع العصائر والمشروبات التي يقول بشأنها أحد الشبان إنه يقتني كمية منها عشية انقضاء الصلاحية بعدما شاهده في إعلانات القنوات الفرنسية وأن سعرها الحقيقي مرتفع، وبالتالي فتخفيض السعر المطبق هو الذي شجّعهم على اقتنائها غير مبالين بما قد ينتج عن استهلاكها من آثار صحية وخيمة. هذا وأكد أحد بائعي التجزئة، أنه قام ببيع العديد من المنتوجات الغذائية خلال الأيام الأخيرة لنهاية الصلاحية، مشيرا إلى أنه قام ببيع شوكولاطة قبل 15 يوما من فسادها بتخفيض بلغ 50 بالمائة من سعرها. ولا يستثني الجزائريون من هذا السلوك، المياه المعدنية التي تباع في عبوات بلاستيكية تملك هي الأخرى فترة صلاحية محدودة، غير أن ما نراه هو ترك تلك العبوات لمدة طويلة معرضة لأشعة الشمس، مما يجعلها فريسة سهلة للميكروبات التي تحولها من مادة صالحة للاستهلاك إلى قاتلة. وفي هذا الصدد، تشير اختبارات أجريت على مياه معلبة تجاوزت آجال صلاحيتها، أنها تحتوي على ملوثات ليس مصدرها الماء، بل العبوات البلاستيكية نفسها والمصنوعة من مادة مشتقة من البترول، وبالتالي كلما طال أمد وجود المياه في القارورة ازدادت كميات الملوثات فيها، ويزداد الأمر تعقيدا إذا صارت منتهية الصلاحية أو اقتربت من تاريخ الانتهاء.
مسؤول جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي: لا بد من قانون يحدد مدة صلاحية المنتوج
حمّل رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي في اتصال مع "البلاد" أعوان الرقابة التابعين لمديرية قمع الغش مسؤولية انتشار الظاهرة، متسائلا كيف يعقل أن توجد مواد منتهية الصلاحية في الأسواق؟ أين هي الرقابة؟ كيف تباع المواد في أسواق بطريقة منظمة، فالمفروض ألا توجد المواد المنتهية الصلاحية بتاتا في الأسواق، ليحمل من جهة ثانية المستهلك جزءا من المسؤولية لأن أضرارها جسيمة، فالمواد المعلبة والمصبرة قد تؤدي إلى الموت بينما المواد المتعلقة بالشكولاطة والحلويات تفقد خصائصها الغذائية وتتسبب في تسممات خطيرة. وفي سؤال حول المواد المنتهية الصلاحية التي يتم استيرادها من الخارج، أكد زبدي أن القانون الجزائري لا يحدد مدة انتهاء الصلاحية، بحيث يتم جلب تلك المواد بالرغم من أن فترة انتهاء صلاحيتها ستكون بعد أسبوع أو أسبوعين بطريقة قانونية لأن القانون الجزائري لا يعاقب على مثل هذه الأفعال ولا توجد مادة تحدد مدة صلاحية المنتج، داعيا إلى تفعيل قانون خاص بتحديد المدة الزمنية المتعلقة بصلاحية المنتج حماية للمستهلك.
الدكتور محمد سويس طبيب عام :أمراض وتسممات سببها مواد منتهية الصلاحية
كشف الدكتور محمد سويس، طبيب عام في اتصال مع "البلاد" خطورة تناول المنتجات المنتهية الصلاحية على صحة الإنسان، لما تسببه من تسممات قد تكون مميتة في بعض الأحيان خاصة فيها يخص المواد سريعة التلف، على غرار الاجبان والحليب ومشتقات الحليب... فطرح مشكلين الأول في حالة ما إذا كانت هذه المواد منتهية الصلاحية فتسبب أضرارا متفاوتة الخطورة، والمشكل الثاني في حالة ما إذا كانت غير منتهية الصلاحية تشكل خطورة على حياة الإنسان في حال عدم تطبيق شروط الحفظ والتبريد المناسبة، خاصة في بلدنا الذي يتميز بمناخ حار فتفسد مثل هذه المواد بسرعة، وهنا أشار إلى المواد التي تعرض في الأسواق السوداء على أرصفة الطرقات. كما دعا الدكتور سويس المواطنين إلى تفادي هذه المنتجات وتوخي الحذر بملاحظة مدى احترام التاجر لشروط الحفظ والتبريد، وكذا ملاحظة المنتج بدقة فأي تغييرات على شكله أو لونه أو رائحته يمكن ان تبين نوعيته.
صالح صويلح:انخفاض السعر وراء اقتناء المواد المنتهية الصلاحية
دعا صالح صويلح الأمين العام للتجار الجزائريين إلى تشديد الرقابة على الموزعين وأصحاب المؤسسات الذين يبيعون منتوجات منتهية الصلاحية أو المقلدة والممنوعة أساسا. كما أكد من جهة أخرى، أن ثلثي الجزائريين يعتمدون في أكلهم على شراء هذه المواد منتهية الصلاحية، محذرا من اللجوء إلى شراء مواد غذائية مخفضة الأسعار، والمعروضة حاليا للبيع عن طريق "الصولد" بكبرى المساحات التجارية، لأن 50 بالمائة من هذه المنتجات فاسدة أو ذات نوعية رديئة على الرغم من عرضها ضمن علامات تجارية معروفة، علما أنه وعلى الرغم من أن مدة صلاحيتها لم تنته بعد، إلا أنها غير صالحة للاستهلاك، وهو ما تؤكده بعض التحاليل المخبرية التي تم إجراؤها من قبل بعض المتعاملين الخواص، مشيرا إلى أنه غالبا ما يُسمح باستهلاك بعض المواد الغذائية حتى بعد مرور شهرين عن انتهاء مدة صلاحيتها المؤشر عليها، على اعتبار أن أغلب المصنعين يحددون عمرا افتراضيا لتلف بعض المواد الغذائية أو ما يسمى تجاريا "المدة الاحتياطية".. غير أن غالبية المواد المستوردة لم تحترم فيها سلسلة الحفظ والتبريد وهو ما يعجل بتلفها، كما أن جل المستوردين والموزعين تفتقر محلاتهم ومخازنهم لشروط الحفظ والتبريد الضرورية، ليبقى في الأخير المستهلك وحده من يحدد كيفية اقتنائه للمواد الاستهلاكية حفاظا على صحته وتجنبا لأي مضاعفات تنتج عن شرائه لعلبة شكولاطة أو جبن منتهي الصلاحية قد تقتله بين لحظة وأخرى.