تشهد المساحات التجارية الكبرى إجراءات رقابية صارمة من قبل الأعوان التابعين لمصالح قمع الغش لوزارة التجارة، التي كثفت منذ أول رمضان، عمليات التفتيش التي طالت مختلف المنتجات والمواد الاستهلاكية، خاصة تلك المعروضة للبيع بالتخفيض. وقد تأكد للفرق المتخصصة أن عددا من المواد الغذائية المسوَّقة عن طريق "الصولد"، فاسدة، وغالبا ما يقترب أجل صلاحيتها من الانتهاء، وتسابق المساحات التجارية الكبرى الزمن لتسويقها والتخلص منها تجاريا ودون أية خسارة، قبل أن تفسد بين أيديها دون أن تراعي في ذلك صحة وسلامة المستهلك. وقد التقت "المساء" بفرقة للمراقبة وقمع الغش بإحدى المساحات التجارية الكبيرة بالبويرة، وتحديدا عند مساحة العرض "أونو"؛ حيث لم يتردد الأعوان في فتح كميات من الأجبان والبسكويت ومختلف المعلبات للاطلاع على الحالة الداخلية للمنتوج.. ولدى تقربنا من أحد الأعوان تأكد لنا أن الإجراء جديد، وقد شُرع في تطبيقه منذ بداية شهر الصيام بعد لجوء العديد من مساحات بيع المواد الغذائية المتوسطة والكبيرة، إلى عرض كميات من المواد الغذائية للبيع بالتخفيض. ويشير المصدر إلى أنه غالبا ما يتم اللجوء إلى هذه الطريقة في البيع عند اقتراب انتهاء صلاحية بعض المواد خاصة المعلّبات، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة وتزامنها مع شهر الصيام، قد يسرع في تلف بعض المواد قبل موعدها المؤشر. كما إن حالة المستهلك الجسدية أثناء الصيام تكون ضعيفة، ومناعته الدفاعية قد تنهار لأبسط الهجمات البكتيرية التي تتضمنها المواد الفاسدة خلافا لحالة المستهلك خلال الإفطار، وهو ما دفع بالمتخصصين إلى مطالبة مصالح الرقابة بترقب هذا النوع من عمليات البيع. غير أن هذا الإجراء وإن ثمّنه المستهلك وحتى المتخصصين، فإن الناطق باسم اتحاد التجار والحرفيين السيد بولنوار، أكد أن هذه الإجراءات الرقابية وإن كانت شديدة، إلا أنها لن تحقق أهدافها كاملة دون القضاء على الأسواق الموازية التي تجذب أكبر عدد من المستهلكين والمتسوقين، لتكوّن بذلك المناخ الأمثل لتسويق المواد الفاسدة ومنتهية الصلاحية بكل حرية ودون رقابة أو معاينة من قبل المصالح المتخصصة؛ سواء الأمنية أو التجارية أو غيرها.. ويضيف السيد بولنوار أن عودة 20 بالمائة من نقاط البيع الموازية خلال شهر رمضان، ستضاعف من خطر التسممات خلال رمضان وبعده، مشيرا إلى أن عودة الأسواق الفوضوية أصبحت مدروسة من قبل المستوردين وتجار الجملة والممولين، الذين يسعون لتمرير مواد تكاد تنتهي صلاحيتها أو منتهية أصلا، مقابل نسب مئوية يتلقاها البائع.. وهنا يتدخل وعي المواطن ليضع حدا لمثل هذه الممارسات، التي لم تعد مسؤوليتها حكرا على مصالح الأمن أو غيرها.. ودعا السيد الطاهر بولنوار المستهلكين إلى الامتناع عن شراء بعض المواد الغذائية، وتجنب استهلاكها على الأقل شهرا قبل انتهاء مدة صلاحيتها المدوّنة بالغلاف الخارجي، مشيرا إلى أنه في الغالب ما يُسمح باستهلاك بعض المواد الغذائية حتى بعد مرور شهرين عن انتهاء مدة صلاحيتها المؤشر عليها؛ على اعتبار أن أغلب المصنعين يحددون عمرا افتراضيا لتلف بعض المواد الغذائية أو ما يسمى تجاريا ب "المدة الاحتياطية".. غير أن غالبية المواد المستوردة لم تُحترم فيها سلسلة الحفظ والتبريد، وهو ما يعجّل بتلفها. كما أن جل المستوردين والموزعين تفتقر محلاتهم ومخازنهم إلى شروط الحفظ والتبريد الضرورية. وفي مثل هذه الظروف يدعو الاتحاد إلى تجنب استهلاك بعض المواد الغذائية، على غرار الحلويات والشكولاطة والأجبان ومشتقاتها والعجائن والتوابل.. والمستهدَفة بشكل كبير في حملات "الصولد". وجاء تحذير اتحاد التجار على خلفية التخفيضات المشبوهة والمشكوك فيها، والتي طالت عددا من المواد الغذائية في الآونة الأخيرة، وهي الظاهرة التي تمت معاينتها والوقوف عليها خاصة على مستوى المساحات التجارية الكبرى، وهو ما دفع بهيئة التجار إلى إخطار المستهلكين والمسؤولين عن العروض الخاصة والمغرية الممارَسة بالمساحات التجارية. ويضيف المتحدث أن أغلب المستوردين يسعون خلال المناسبات المعروفة ب "التهافت الأعمى للمستهلكين"، للتخلص من مخزونهم الغذائي، وهم يتجنبون في هذه الحالات المحلات التجارية العادية لبيع سلعهم المكدسة بالمخازن والمعرّضة للتلف، مستغلين حيلا متطورة أو أطرافا موازية من خلال خلق منافسة غير شريفة ومضاربة في الأسعار، علما أن السلع التي تقترب صلاحيتها من الانتهاء، تباع بربع سعرها الحقيقي في الأسواق الموازية؛ الأمر الذي يستدعي الإسراع في إتمام حملة تطهير الأرصفة والشوارع من الباعة المتجولين والفوضويين، والتي تم الشروع فيها نهاية 2012.