لا يطالب الناس في البلاد العربية بالمستحيل·· لا يطالب خلق الله في العالم الإسلامي إلا بالقليل·· القليل·· الحرية·· لا يمكن أن تظل الحكومات منغلقة منكفئة على نفسها، متهمة الأيادي والأجندات الأجنبية بالتحريض وتهديد سلامة الوطن والمواطن· لقد أعطت الثورات العربية الأخيرة والتي ستكون لها الكثير من الانعكاسات الخطيرة على مدار هذا العقد برمته، هذه الثورات أعطت الانطباع بأن القضية مرتبطة بالعالم العربي فقط، والصحيح أنها مسألة تخص أزيد من مليار مسلم، وأن الكثير من البلدان الإسلامية معنية بهذا الحراك وتطوراته، وأن القضية الفسلطينية والتطبيع والعلاقات مع إسرائيل وقيام الدولة الفلسطينية على حدود حرب حزيران وعاصمتها القدس، ستكون المحرك الرئيسي لبقية الانتفاضات، وإذا كان العرب يطالبون في بداية ثوراتهم كشعوب بالحرية والتحرر من عبودية الأنظمة التي شاخت حكوماتها وتكلست، فإنهم لن ينسوا قضيتهم الأولى التي سوّقتها تلك الأنظمة الهرمة للمقايضة من أجل استقرار حكم قادتها·البارحة اجتهد رئيس الوزراء الإسرائيلي وتساءل، ما إذا كانت هذه الثورات على طريقة أوروبا الشرقية أو ثورة الإمام الخميني الإسلامية في إيران·· وبدا جليا أن إسرائيل معنية هي الأخرى بالحراك العربي والإسلامي في المنطقة لأنها بدأت تفقد أعمدة الدعم العربي المتمثلة في أنظمة التطبيع، وعندما يسقط سند إسرائيل فلا شك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وباقي القوى الغربية ستعمل على تدارك تأخرها والإسراع في تطويق الظاهرة، لذلك نرى تسريبات إسرائيلية كثيفة هذه الأيام تتحدث عن عمليات تهريب كبرى لغاز الخردل والأعصاب من ثوار ليبيا إلى حماس وحزب الله بواسطة ضابط اتصال من الحرس الثوري عبر السودان والبحر الأحمر، وهي الأخبار التي سوقتها عملية بورتسودان الأخيرة في الخرطوم على أنها صادقة·لقد بدا واضحا أن المطلب الشعبي البسيط·· الحرية وفقط·· غالي التحقيق·· بل هو أغلى مطلب يمكن أن تتنازل عنه الحكومات لشعوبها، ما يؤدي اليوم للقول إن هذه الثورات ستمتد على مدار العشر سنوات القادمة·