البلاد - بهاء الدين.م -ستشكل زيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الجزائر قبل نهاية السنة الجارية فرصة مناسبة للتطرق إلى الملفات الشائكة التي لا تزال تعترض "تطبيعا حقيقيا" للعلاقات بين البلدين على غرار قضايا الذاكرة وحرية تنقل الأشخاص، إلى جانب تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين من أجل إعطاء ديناميكية جديدة للاستثمارات الفرنسية في الجزائر. ومن المرتقب أن يزور ماكرون الجزائر خلال الأربعة أشهر المقبلة في إطار جولة تقوده لدول مغاربية ومنطقة الشرق الأوسط. وذكرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية في عددها الأخير، أن ماكرون سيزور الجزائر وتونس والمغرب وليبيا والسعودية قبل نهاية السنة وستكون الزيارة القادمة الثانية للرئيس الفرنسي للجزائر الثانية له منذ توليه المنصب، حيث سبقتها زيارة في ديسمبر 2017 التقى خلالها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وأبرزت المجلة أن زيارة المسؤول الأول في قصر الإليزيه ستتمحور حول الشراكة الاقتصادية مع بلدان المنطقة، بالإضافة إلى ملفات الهجرة السرية ومواجهة الإرهاب في منطقة الساحل. زيارة الرئيس ماكرون التي تندرج في إطار الشراكة الاستثنائية التي يعكف البلدان على إقامتها، ستكون فرصة للطرفين، خاصة أثناء المحادثات بين رئيسي الدولتين لبحث "السبل الجديدة لتعزيز التعاون والشراكة والتشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك". وسيكون مرفوقا بوزير أوروبا والشؤون الخارجية، جون ايف لودريان ووفد حكومي هام سيتحدث عن التعاون الثنائي في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي وعن القضايا الدولية والإقليمية، لاسيما ليبيا والمالي والساحل وكذا عن قضية الذاكرة وملف الهجرة. وفي مجال التعاون الثنائي، ينتظر من زيارة ماكرون الثانية من نوعها منذ توليه الحكم، فتح آفاق جديدة لشراكة تمس مختلف ميادين النشاط وهي شراكة مدعمة بفضل الاتفاقات الموقع عليها بمناسبة اللجنة الاقتصادية المختلطة الفرنسية - الجزائرية. وكان ماكرون قد أعرب خلال زيارته الأولى إلى الجزائر في ديسمبر 2017 عن إرادته في ترقية "نظرة مستقبلية" للشراكة بين الجزائروفرنسا. وقال ماكرون آنذاك "رغبتي هي ترقية نظرة متفتحة وديناميكية ومستقبلية من أجل تعزيز التعاون بين الجزائروفرنسا"، مضيفا أن العلاقات بين البلدين شهدت تحسنا خلال السنتين الأخيرتين، معربا عن أمله في "تدعيم العلاقات القنصلية والعلمية والثقافية واللغوية بين البلدين من أجل تكوين نخبة على المستوى الأكاديمي". على الصعيد البشري، اعتبر ماكرون أن الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا تمثل "جسرا حيا يربط البلدين" وتجسد "ذاكرة مشتركة"، معربا عن رغبته في "تقوية ومواصلة مسار مصالحة الذاكرة الذي تم الشروع فيه في السنوات الأخيرة". ويقصد ماكرون بمسار مصالحة الذاكرة معالجة القضايا الشائكة وفي مقدمتها أرشيف الثورة والمفقودين خلال الثورة، وتعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية بصحراء الجزائر (1962- 1966)، واسترجاع بقايا عظام قادة الثورات الشعبية التي قامت غداة الاحتلال، المعروضة ب«متحف التاريخ" بباريس. وكان وزير المجاهدين الطيب زيتوني قد أظهر مؤخرا حزما بخصوص عدم التخلي عن أي واحد من الملفات الأربعة، التي قال إنها "تشكل أولوية لدى الجزائر" وبأنها تسبق التعاون الاقتصادي المكثف مع فرنسا. في حين أثارت وسائل إعلام فرنسية قضية أخرى تتصل بمشروع لتأمين عودة الحركى وهو ملف تتحفظ عليه الجزائر بقوة وأكدت على لسان وزير المجاهدين أنه غير مطروح للتفاوض. كما تطرق الرئيس بوتفليقة في برقيات عديدة أرسلها إلى نظيره الفرنسي إلى "فتح آفاق جديدة تعد بتقبل الذاكرة بحقيقة كل ما تنطوي عليه وصداقة استوى نضجها ومصالح متكافئة المنفعة". وبخصوص القضايا الاقليمية فإن زيارة ماكرون إلى الجزائر تمنح البلدين فرصة "تعزيز" شراكتهما على المستوى الديبلوماسي والأمني، حيث عملت كل من الجزائر وباريس خلال السنوات الأخيرة على إيجاد حلول كفيلة بضمان عودة السلم والاستقرار لبعض البلدان، لاسيما ليبيا ومالي وكذا المسألة المتعلقة بمكافحة الإرهاب.