أفاد مصدر قضائي ل"البلاد"، أن عميد قضاة القطب الجزائي المتخصص بوهران، باشر تحقيقا معمقا في ملف النقل غير الشرعي للعملة الصعبة نحو مصارف خارجية، والاستيراد المشبوه للتجارة الخارجية، علاوة على التصريح الكاذب والتهرب الضريبي، في قضية يشتبه فيها بتورط ما لا يقل عن 10 أشخاص، بينهم ثلاثة أشقاء لهم شركة تصدير واستيراد الإكسسوارات الخاصة بالزجاج العازل "السيكوريت" باهظ الثمن، وتم استدعاء هذا العدد المشكل من شهود ومتهمين، بينهم جمركيان يشتغلان على مستوى مصلحة التصريح الجمركي، ووكيل عبور، ورئيس مصلحة بالبنك الجزائري الخارجي في وهران. وحسب المعطيات المتوفرة لدينا، فإن الشبكة التي يتزعمها ثلاثة أشقاء في تهريب الأموال بين الجزائر إلى تركيا، استطاعت نقل ما لا يقل عن 17 مليون يورو و39 مليون دولار أمريكي إلى تركيا مع كل التحفظات. وتتابع الوجوه المتهمة في ملف الحال، بالتهرب الضريبي، لمطالبة مديرية الضرائب بتسديد ما يفوق91 مليار سنتيم، كمستحقات قانونية ضريبية عليها بسبب إحجام الشركة عن دفعها منذ سنة 2009، أي منذ فترة قليلة عن إنشاء الشركة، التي كانت تقوم بإدخال مادة الزجاج العازل من تركيا عبر ميناء وهران دون توقف. وتلفت المصادر نفسها، إلى أن التحقيق القضائي في هذا الملف المهم على مستوى القطب الجزائي، جاء نتيجة تحقيقات أمنية على قدر عال من الجدية، من قبل الفرقة المالية والاقتصادية لأمن ولاية وهران، على خلفية تقرير استعلاماتي أظهر وجود انتهاك صارخ لقانون الاستيراد ونقل العملة الصعبة نحو الخارج بشكل غير شرعي، ما ترتب عنه مخالفة حركة نقل رؤوس الأموال من وإلى الخارج، التهرب الضريبي، التصريح الكاذب على مستوى مفتشية الجمارك، علاوة على تبديد المال العام والتواطؤ. وذكر المصدر، أن فصول القضية تحركت بعد امتناع محافظ الحسابات المتعاقد مع شركات التصدير التي كانت تتعامل على مستوى ميناء وهران التأشير على أكثر من 33 عملية مالية من الشركة المختصة في استيراد مادة "الزجاج العازل" من اسطنبول التركية، ومختلف الإكسسوارات الخاصة ل"السيكوريت". وحسبما توافر من معطيات، فإن التحقيق أثبت عدم تقيد الشركة المهتمة بالاستيراد أكثر من تصدير المواد المحلية، بالقانون الجزائري في مجال تحويل العملات الأجنبية إلى الخارج. وكشفت المصادر أن محافظ الحسابات رفض تحمل مسؤولية التجاوزات ودوّن تحفظات عن عمليات نقل الأموال بطرق مخالفة للقانون، زيادة على تركيزه في تقريره على عمليات استيراد غير حقيقية، وأن قيمة السلع المستوردة أقل من العوائد المالية، نجم عنها تهريب 17 مليون يورو، و39 مليون دولار أمريكي. وأفضت التحريات الأولى التي أحيلت على عميد قضاة القطب الجزائي المتخصص، إلى أن المعدات المستوردة التي جلبها أرباب الشركة، وهم أشقاء يقيمون في وهران، ماهي إلا غطاء لتحويل العملة الصعبة، وجاءت نتيجة تسهيلات مريبة من قبل وكالة البنك الجزائري الخارجي في خميستي بوهران، التي كانت ممنوعة من تمويل التجارة الخارجية لتورط بعض كوادرها في فضائح تحويل العملة الصعبة إلى فرنسا وإسبانيا. وأثبتت التحريات، أن التسهيلات تلخصت في لجوء هؤلاء المستوردين والأشقاء وشركائهم بتوطينات غير قانونية بالبنك، وهو ما أدى إلى توقيف ستة أشخاص أحيلوا في وقت سابق، على العدالة تم حبس ثلاثة منهم، ورفض المحكمة الإفراج عنهم بعد تأييد غرفة الاتهام أوامر الحبس المؤقت، بينما تم وضع ثلاثة منهم تحت الرقابة القضائية، وهم إطار بمفتشية الجمارك ووكيل العبور ورئيس مصلحة بالمؤسسة المصرفية ذاتها. ولم تستبعد المصادر المقربة من التحقيق شروع النيابة العامة لدى مجلس قضاء وهران باتخاذ تدابير إنابة قضائية لمطالبة القضاء التركي بإيفاده معلومات حول شركة تركية مصدرة لمعدات "الزجاج العازل" لفائدة الشركة الجزائرية التي يديرها الأشقاء الثلاثة، فيما بيّنت التحقيقات في العموم أن نية الواقفين وراء هذه الشركة التي كانت تقوم بأكثر من 3 عمليات استيراد في الشهر الواحد لتهريب الأموال نحو الخارج وضخها في مصارف تضمن سرية الأرصدة البنكية بمساعدة مصرفيين وجمركي ووكيل عبور، ولا علاقة للاستثمار والتجارة الخارجية بالموضوع، حسبما توصلت إليه التحقيقات الجارية إلى حد الساعة. للعلم، أفاد تقرير محافظ الحسابات، استلمت خلية الاستعلام المالي المكلفة بمكافحة عمليات غسيل الأموال، صلة التقرير بعمليات الاستيراد غير الشرعي، وتوطينات بنكية مشبوهة لأكثر من 3 عمليات في الشهر الواحد، كما وجهت مديرية الضرائب بوهران، عدة إنذارات للتقرب من مصالحها لتسوية وضعية الشركة، لكن امتنعت هذه الأخيرة عن التجاوب مع هذه الإنذارات المستمرة.