البلاد.نت- حكيمة ذهبي- تأجلت المحاكمة التي وقف فيها اليوم، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، وثلاثة وزراء للصناعة ومجموعة رجال أعمال، في ملف تصنيع السيارات، إلى يوم الأربعاء، بسبب الفوضى التي عمّت الجلسة واقتحام عشرات المواطنين مقر المحكمة، رغبة منهم في رؤية مسؤولين سابقين، ناقم الشعب عليهم، يقفون أمام القاضي للحساب. كانت الساعة تشير إلى حدود الثامنة والنصف صباحا، عندما فتحت محكمة "سيدي امحمد" أبوابها، تحسبا لمحاكمة "تاريخية"، توافد إليها جمهور غفير من المواطنين، الذين جاؤوا لمشاهدة فصول المحاكمة، التي يقف فيها رئيسا حكومة سابقين وثلاثة وزراء وثلاثة متعاملين للسيارات وأزيد من عشرين إطارا من وزارة الصناعة.
شيوخ، عجائز، نساء، شباب وحتى أطفال توافدوا من مختلف الولايات لرؤية أويحيى وسلال شيوخ، عجائز، شباب وكهول وحتى طفلة، كانت بصحبة والدتها، كانوا يقفون أمام بوابة المحكمة، اخترقوا الحاجز الأمني الذي كان يشدد الإجراءات التأمينية للمحاكمة التي ينتظرها كل الجزائريين. تقول سيدة التقيناها أمام بوابة المحكمة ونحن نهم بالدخول: "جئت لأراهم .. أنا محرومة من السكن والعمل لم يعد يهمني سوى رؤية هؤلاء المسؤولين خلف القضبان". عجوز أخرى كانت وصديقتها تتدافعان أمام بوابة المحكمة، سألتها محامية: "يا الحاجة الفوضى هنا ونخاف عليك من الإغماء" لترد: "أريد أن أراهم". أمام قاعة الجلسات، كانت المهمة جد صعبة، أُغلقت الأبواب بإحكام وانتشر أعوان الأمن بالزي الرسمي والمدني وعمال إدارة السجون، ظلوا يرابطون أمام تلك البوابة الضخمة، تعلوها آية كريمة: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"، تقف يتخيل إليك أن أويحيى وسلال وثلة من مسؤولين نافذين ورجال أعمال، سيدخلون هذه القاعة، لم تعد المحاكم حكرا على عامة المواطنين، بل بات يدخلها حتى "النافذون" وكمتهمين. الوضع كان يبدو صعبا، بل يستحيل على أي شخص مهما كانت صفته، الدخول، حتى المحامون، الذين توافدوا لمتابعة تفاصيل المحاكمة، منهم أتى به الفضول وآخرون يعرضون خدماتهم ومنهم من يريد متابعة المرافعات لاكتساب خبرة، كذلك المحامي المتربص، الذي كان وسط الحشود يتدافع. بحثت النساء المحاميات عن مدخل، "لا يوجد مثلك مثل باقي الشعب"، هكذا رد عليها عون السجن، الذي كان يقف يشد بوابة قاعة الجلسات.
شاشات عملاقة ببهو المحكمة ... دون جدوى ! سرعان ما انتبه الإعلاميون، الذين وجدوا أنفسهم يصارعون الزحام، هم أيضا، ومنعوا من الدخول إلى قاعة الجلسات، بسبب اجتياح المواطنين لبهو المحكمة، انتبهوا إلى تنصيب ثلاث شاشات عملاقة قبالتهم، لكن، وبسبب الفوضى، بالكاد ترى صورة تتراءى بضبابية كبيرة، دون الحديث عن الصوت القادم من قاعة المحاكمة الذي لا يوجد له أثر.
المحامي مجدوب: "التنظيم يتحمل مسؤولية الفوضى كهيئة دفاع بشق الأنفس دخلت حرم المحكمة" علمنا أن المتهمين وصلوا إلى المحكمة، تراءى إلينا عبر تلك الشاشة العملاقة دخول هيئة الدفاع إلى القاعة، هناك بدأت تتسرب معلومات حول تأجيل المحاكمة بسبب الظروف المحيطة بها، الفوضى التي كانت خارج القاعة لا تسمح بإجراء المحاكمة، هكذا صرح المحامي عبد العزيز مجدوب، الذي كان أول المحامين المتأسسين، الذين غادروا القاعة، مضيفا: "الجو غير عادي حتى المعنويات فقدناها بشق الأنفس أنا كنقيب دخلنا حرم العدالة .. جو مكهرب أفقدنا المعنويات من المستحيل القيام بمهامنا"، وحمل المحامي "التنظيم" مسؤولية الفوضى، معربا عن رفضه الحديث عن التسييس، حيث قال: "أنا رجل قانون ولن أعطي حكما مسبقا ... يمكنني القول إنه جرى برمجة كل القضايا دفعة واحد ويعالجها قاضي واحد".
روايات المحامين ... المتهمون دخلوا بالأغلال وهكذا كان هندامهم ومعنوياتهم محبطة خرجت هيئة الدفاع تعلن عن قرارها بتأجيل الجلسة إلى يوم الأربعاء 4 ديسمبر، بالكاد كان يتسنى التقاط محامي ليروي تفاصيل ما جرى، بعدما لم يُسمح للصحفيين بدخول القاعة. سئل أحد المحامين، عن المتهمين، وهو غير متأسس في قضيتهم، فقال لقد كانوا حوالي أربعين إلى ستين متهما، حضروا كلهم. كانت معنوياتهم محبطة، فقدوا الكثير من وزنهم، شاب شعرهم، هندام سلال لا يختلف عن خرجاته غير الرسمية، بلباس رسمي لكنه منهك، كذلك كان أويحيى الذي ظهر ب "جاكيت" أسود. هكذا انتهى اليوم الذي انتظره الجزائريون لمحاكمة رؤساء حكومة سابقين ومسؤولين نافذين، بتأجيل الجلسة إلى يوم الأربعاء، وفي الختام أعلنت هيئة الدفاع أنها ستقاطع الجلسة، وهو الأمر الذي يجعلها مرجحة للتأجيل مرة أخرى.