بلعمبري ل "البلاد": "القرار سيؤدي إلى تراجع النوعية أو تخلي المصنعين عن الإنتاج" البلاد - آمال ياحي - وجهت 4 تنظيمات فاعلة في قطاع الصيدلة بالجزائر، مراسلة إلى اللجنة الاقتصادية المتعددة القطاعات لطلب عقد لقاء عاجل مع ممثليها بخصوص القرارات "الغامضة" المتخذة مؤخرا والقاضية بخفض أسعار الأدوية إلى مستويات غير مقبولة، تهدد بغلق العديد من مصانع الدواء، في وقت لا تزال الحكومة "تتخبط" في ملف أزمة الندرة. وأكد رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، مسعود بلعمبري، أن تنظيمه بمعية اتحاد منتجي الدواء والجمعية الوطنية لموزعي الدواء وكذا مجلس أخلاقيات مهنة الصيدلة، قرروا اتخاذ موقف جماعي حيال مسألة الإجراءات التي أعلنت عنها وزارة الصحة عن طريق اللجنة الاقصادية المكلفة بتحديد أسعار الدواء والمتشكلة من وزارات المالية والتجارة والصناعة والصحة، حيث أوضح المتحدث في تصريح ل "البلاد" أن موقعي المراسلة ينتظرون ردا من اللجنة بخصوص الاعذارات الموجهة منذ فترة إلى فئة معينة من منتجي الدواء تطلب فيها خفض ثمن بعض الأدوية دون ذكر الأسباب والدواعي. وأفاد المتحدث أن الفاعلين في القطاع اندهشوا بفحوى هذه التعليمة التي تفتقد إلى أي سند قانوني أو اعتبارات أخرى واضحة تبرر اللجوء إلى هكذا قرار، لا سيما وأن أسعار الأدوية المنتجة محليا ليست حرة وتخضع للتسقيف ومعوضة من قبل الضمان الاجتماعي. كما أنها مسجلة ولم يطرأ أي جديد على سعرها، حيث إنها كانت كلها محل دراسة ونقاش على مستوى اللجنة، فضلا عن اعتراف هيئات دولية بكون أسعار الدواء المنتج في الجزائر الأخفض عالميا. في السياق نفسه، نقل الدكتور بلعمبري استغراب وانشغال الفاعلين في قطاع الصناعة الدوائية بالجزائر "خرجة" وزارة الصحة بإلزام بعض المصنعين دون غيرهم بخفض أسعار بعض الادوية إلى مستويات دنيا، رغم علمها المسبق بتكلفة إنتاج هذه الأدوية وهو ما سيترتب عنه لا محالة تراجع في النوعية أو تخلي المصنع عن الانتاج نهائيا. وبهذا الصدد، شدد الرجل الاول في "السنابو" إلى أن العراقيل التي يتعرض لها مصنعي الدواء بالجزائر لا سيما في مجال تسعيرة الدواء دفعت بالكثير من المستثمرين إلى العدول عن مشاريعهم وحتى "العملاق" صيدال تخلى عن إنتاج عشرات الأدوية بسبب غلاء المواد الأولية في مقابل بقاء الأسعار المعتمدة محليا تراوح مكانها منذ التسعينيات، مضيفا أن هذه الوضعية إن استمرت ستعمل على تحطيم الصناعة الدوائية في الجزائر وتعميق أزمة الندرة ولن يبقى سوى رفع نسبة الاستيراد إلى أعلى مستوى وهو أمر مستبعد، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد. يشار إلى أن المتعاملين في مجال الصيدلة طلبوا أول أمس من وزارة الصحة بتخفيض أسعار الدواء إلى 50 بالمائة وهو ما اعتبروه أمرا مهددا لمستقبل الصناعة الدوائية في الجزائر. وأكد لطفي بن باحمد، رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات مهنة الطب للصيدلة، أن قرار تخفيض أسعار الدواء في الوقت الراهن لا يخدم الصناعة الصيدلانية الوطنية، حيث أوضح أن لجنة الأسعار على مستوى وزارة الصحة تطالب المصنعين الذين يتواجدون بصدد تجديد تسجيل منتجاتهم بتخفيضها بين 30 و50 بالمائة وهذا ما يضع الصناعة الدوائية في خطر. كما أنها ستجعل من الجزائر بلدا مستوردا بامتياز بعد أن قطعت الصناعة المحلية أشواطا متقدمة. واقترح المتحدث تبني سياسة تعاقدية مع المخابر في إطار النصوص التنظيمية لقانون الصحة التي دعا إلى الإفراج عنها في القريب العاجل وقبل حلول شهر جوان 2020 وفق ما ينص عليه التشريع الوطني. كما تحدث بن باحمد عن افتقاد الجزائر لمعطيات وإحصائيات شفافة في مجال الأدوية والإنتاج والمخزون الدوائي. من جهته، أكد عبد الواحد كرار، رئيس الاتحاد الوطني للمتعاملين في مجال الصيدلة، أن الجزائر استطاعت أن ترفع إنتاجها الدوائي إلى 4 مرات خلال العشر سنوات الأخيرة وأضاف كرار أنه يستحيل تطوير صناعة صيدلانية ذات جودة وفعالية بأقل التكاليف في العالم فهذه معادلة صعبة التحقيق حسبه داعيا إلى إقرار ميكانيزمات جديدة لتحديد أسعار الدواء بما يضمن لها الارتفاع والانخفاض حسب تغير الأوضاع الاقتصادية. وأوضح كرار عندما تحدث عن إجراءات تسجيل الدواء في الجزائر وأسعاره التي لا ترتفع أبدا رغم الانهيار الكبير الذي عرفه الدينار أمام العملات الصعبة، حيث تشير الأرقام إلى انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار بنحو 30 بالمائة وبنحو 35 بالمائة أمام الأورو. ولهذه الاسباب حذر المتحدث من غلق بعض الوحدات الإنتاجية الوطنية التي تضررت كثيرا من الأوضاع الاقتصادية والإجراءات الإدارية الحالية وقال كرار إن الصناعة المحلية تغطي نحو 50 بالمائة من السوق الوطنية وبإمكانها الانتقال إلى نسبة 70 بالمائة إذا ما تم الاستثمار بنحو مليار دولار إضافي، مشددا في هذا المجال على ضرورة "الإسراع في التنصيب الفعلي للوكالة الوطنية للدواء والتجهيزات الطبية" مع دعم هذه الوكالة بالموارد البشرية والإمكانيات اللازمة لتسهيل مهمتها، مذكرا بالمناسبة بأن صحة المواطن ترتبط ارتباطا وثيقا بهذه الوكالة".