البلاد.نت- حكيمة ذهبي- إذا نجحت السلطة بتركيبتها الجديدة في تفكيك ألغام تراكمات سياسية خلفها النظام السابق على المستوى المركزي، تبقى الانشغالات المحلية التي تعاني منها الساكنة، ملفا أثقل بكثير، في ظل وضع اقتصادي استثنائي تعيشه البلاد، مؤشراته تتجه نحو الخط الأحمر وتراجع احتياطي الصرف إلى ما دون 50 مليار دولار. تظهر عملية مسح بسيطة في قائمة الولاة، الذين أنهيت مهامهم بموجب حركة واسعة، أجراها الرئيس عبد المجيد تبون، أنها عملية تطهير للأجهزة التنفيذية المحلية، من ولاة وردت أسمائهم في قضايا فساد، في حين، مايزال جهاز العدالة، يطارد الأميار الضالعين في الفساد، والذين تصدر قرارات توقيفهم بشكل يومي، في انتظار الإفراج عن قائمة رؤساء الدوائر الجدد. ويواجه الولاة المنصبون حديثا، ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة، جراء تراكمات التهميش والإقصاء من المشاريع التنموية التي يعاني منها المواطنون، سيما في الولايات الداخلية، فضلا عن مشكل السكن، الذي ورغم العدد الهائل من السكنات التي تم تشييدها، فقد تسبب غياب سياسة إسكان عادلة، حال دون حل هذه المعضلة.
أميار، رؤساء الدوائر والولاة ملزمون بإعادة بناء ثقة المواطن بالدولة يُجمع محللون على أن معظم حالات التشنج والاحتقان، التي تولدت بين الدولة والمواطن، سببها مسؤولون محليون، رؤساء بلديات، رؤساء دوائر وولاة، تقاعسوا في الاهتمام بالانشغالات البسيطة للمواطن، من ماء وغاز وكهرباء وتشغيل وسكن، تراكمت على بعضها لتشيد جدار انعدام الثقة، أكثر من ذلك وباعتراف وزير الداخلية كمال بلجود، يخرج مسؤولون محليون في أحايين كثيرة لممارسة طقوس الزعامة على المواطن البسيط، يجعلونه "يلهث" وراء حق يكفله له دستور الدولة الاجتماعية. كل ذلك، سيجعل السلطة التنفيذية مركزيا ومحليا، أمام معضلة كبرى، في تبديد تلك الهوة بين الحاكم والمحكوم، لن تكون سوى باقتناع المسؤولين المحليين، أنهم في خدمة الشعب وليسوا "زعماء" عليه.
الحكومة تضخ 40 مليار دينار للبلديات لامتصاص غضب المواطنين لا تخفي الحكومة قلقها من شدة الاحتقان المتراكمة من فترة خلت، فقبل أيام، أعلنت وزارة الداخلية عن صب 40 مليار دينار، كمساهمة من ميزانية الدولة للتجهيز لفائدة مخططات البلدية للتنمية. السلطة بتركيبتها الجديدة، التي ورثت ملفات سياسية واقتصادية ثقيلة، من تراكمات النظام السابق، يصعب عليها اليوم، في ظل انكماش المداخيل، التكفل مركزيا بانشغالات محلية للمواطنين، بل يظهر جليا من خلال التعليمات الشفوية والكتابية، المرسلة إلى المسؤولين المحليين لتقييدهم بترشيد النفقات. ولم يخف وزير الداخلية كمال بلجود، غضبه من أميار، يجعلون الحكومة تتدخل لحل مشكل الطرقات والإنارة العمومية والكهرباء، حيث خاطبهم خلال تنصيبه والي العاصمة اليوم: "ليس من المعقول أن تتدخل السلطة التنفيذية لحل إشكاليات من قبيل تهيئة المدارس بالمقابل البلديات هي التي تتكفل بذلك".
خبراء قانون: "الحل يكمن في تعديل التشريعات وتوسيع صلاحيات البلديات" يقول أستاذ العلوم القانونية بجامعة الجزائر، لخضر عليان، ل "البلاد.نت"، إن إعادة النظر في المؤسسات المحلية الموجودة والهياكل الموجودة داخل البلدية بات ضروريا، ليصنع جسر تواصل بينها وبين هيئات أخرى. موضحا أنه من الضروري أيضا إعادة توزيع الصلاحيات، بما يكفل للبلدية صلاحيات أوسع، خاصة في الشق الاقتصادي لتتكامل مع الهيئات الأخرى. ويطرح الأستاذ عليان، فكرة كان قد سبق للداخلية فتح ورشة فيها، وهو التشريع المتعلق بقانون موحد للجماعات الإقليمية، على غرار النموذج الفرنسي، لافتا إلى أن مراجعة القوانين والتركيز على الهيئات المنشأة حديثا، مثل الولايات المنتدبة يعتبر إيجابيا، يستدعي رسم إطار واضح للعلاقة بين الولاية المنتدبة والبلدية لتكون فاعلا حقيقيا في التنمية.