لا يمكننا الحديث عن الرقمنة وسرعة تدفق "الأنترنت" ضعيفة دعا المستشار في التنمية والمختص في الذكاء الاقتصادي والتحول الرقمي، عبد الرحمان هادف، إلى ضرورة التوجه نحو الرقمنة والانفتاح الاقتصادي، مشيرا إلى أنه لا خيار لدينا في المرحلة القادمة سوى السير نحو هذا التوجه، مؤكدا أن فيروس "كوفيد 19" أعطانا دروسا وكشف التأخر الحاصل في الأنظمة العمومية والمؤسسات الاقتصادية لتسيير الأزمة. وأكد المتحدث أن الأمن القومي الحاصل في العالم لم يعد يرتكز على الغذاء والسلاح والطاقة فقط، بقدر ما هو مرتكز على العولمة والرقمنة بالنظر إلى حجم الجرائم "السبريانية" الحاصلة في العالم وقرصنة معلومات أكبر البنوك والمؤسسات والتحكم في الموارد المعلوماتية وتقديم الخدمات عن بعد. غياب الرقمنة جعلنا نتأخر في إحصاء الخسائر الناجمة عن الفيروس وقال الخبير في التحول الرقمي، إن بعض دول الجوار تسابق الزمن لتفتح مصانع ذكية، في الوقت الذي لا تزال الجزائر تتحدث عن سرعة تدفق الأنترنت. وأضاف في تصريح ل«البلاد"، أن مخطط الحكومة تحدث عن مشروع الانتقال الرقمي حتى يصبح قيمة مضافة للدخل الوطني، مفيدا أن الوقت حان لتثمين المقومات في ميدان المعلومات، مشيرا إلى أن الانعكاسات الحالية في تأخرنا عن الركب كشفت حجم الخسائر غير معلن عنها بسبب غياب نظام رقمي، لذلك حسب المختص في الذكاء الاقتصادي والتحول الرقني أنه لو كان عندنا نظام مبني على الاقتصاد المعرفي، فإننا ندرك القطاعات المشلولة والتي عرفت خسائر كبيرة، مفيدا أن العولمة والأنظمة العالمية تجاوزت التسيير التقليدي. وأفاد هادف في تصريح ل«البلاد"، أن التأخر في التوجه الرقمي وإدراج الذكاء الاصطناعي فضح العيوب المسجلة في مختلف القطاعات الاقتصادية التي وقفت عاجزة عن التحكم في مواردها أمام "كوفيد 19"، لذلك لا يمكننا أن نستمر في التسيير بهذه الطريقة، مشيرا إلى أن النظام الجديد مبني على الرقمنة وطريقة التحكم فيها حتى عن بعد. وحسب هادف، فإن التحول الرقمي شكل من أشكال التطور التكنولوجي، حيث يستخدم في تطوير اقتصاد الدول والمجتمعات على كافة اختلافاتها، وهذا ما يجب أن نتبناه مستقبلا. للإشارة، فقد ألقى التطور التكنولوجي بظلاله على الشركات والمؤسسات حول العالم، حيث أدى هذا التطور إلى فقد العديد من الشركات لبريقها بعد أن أصبحت غير قادرة على الصمود أمام المنافسة الشديدة، في حين استطاع البعض الآخر الاندماج والتكيف. من ناحية أخرى، استطاع خطر الاندثار السيطرة والتغلب على بعض الشركات وجعلها تختفي عن الوجود. وبوضع إسقاطات علينا ، فإن أغلب المؤسسات الجزائرية والإدارات تفتقد لنظام الرقمي، ما جعل مهامها في جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال ضعيف، خاصة وأن البنوك والمؤسسات المالية لا تزال تقليدية، في حين أن المؤسسات في العالم تحولت إلى أرقام والبنوك تحولت إلى عالم افتراضي مضبوط بقوانين عن بعد، و لا نزال نحن تحت رحمة الإدارة والبيروقراطية والسوق الموازية التي تعتبر من العراقيل للتطور الاقتصادي. امتيازات التحول الرقمي.. تكاليف صغيرة ومداخيل كبيرة وحسب هادف، فإن الجزائر بعد "كوفيد19" يجب أن تتعلم الدرس وتستفيد من التجربة، مشيرا إلى أن بعض الدول ترتكز على ما نسبته 60 بالمائة من دخل القيمة المضافة على النشاطات الحاصلة في مجال الرقمي، مضيفا أن الرقمنة بإمكانها خلق ثروة وتوفير مناصب شغل، ناهيك على أنها ترتكز على بنك معلوماتي يمكن من إحصاء وإعطاء النتائج بسرعة دون تكلفة كبيرة ولا استنزاف للملايير مثلما حدث مع بعض القطاعات التي نهبت الخزينة دون فائدة على غرار قطاع السيارات. وكشف هادف أن الأموال التي ضخت في قطاعات أثبتت فشلها لو تم استثمارها في الأنظمة المعلوماتية أو إنشاء مؤسسات رقمية لكنا تحصلنا على 10 مرات مداخيل مالية فقدنها في مصانع السيارات. علينا اغتنام فرصة الشراكة مع الصين والغرب وتحويل التكنولوجيا إلى بلادنا من جهة أخرى، قال الخبير في الرقمنة أنه على المستوى الاستراتيجي يترتب على الجزائر إنشاء شراكة مع الدول التي تملك تكنولوجية عالية مثل الصين وأمريكا وتستفيد من خبراتها وتغتنم فرصة وجود بعض مؤسساتها بأرض الوطن لخدمة مصالحنا بالدرجة الأولى، وذلك عن طريق نقل التطور الصناعي والرقمي إلى مؤسساتنا، مفيدا أن الصين والهند مثلا بإمكانها أن تقدم لنا خدماتها أكثر من الغرب المرتكز على الرأسمالية. وطالب الخبير بضرورة بعث الأقطاب التكنولوجية والرفع من قدراتنا التكوينية والتعليمية، والشراكة مع الجامعات الأجنبية لنيل منها التطور الحاصل في مجال التكنولوجية.