أجمع خبراء في الذكاء الاقتصادي خلال اليو م الإعلامي الذي نظمته أمس وزارة الصناعة وترقية الاستثمارات بالوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية، على أن إرساء سياسة عمومية للذكاء الاقتصادي أصبحت ضرورة حيوية ومفتاحا لتحقيق التنافسية لدى المؤسسات معتبرين، الذكاء الاقتصادي في الوقت نفسه، عنصرا أساسيا للأمن الاقتصادي وأمن الأمة. وأكدت مداخلات الخبراء أمام إطارات المؤسسات ومسؤولي القطاعات الاقتصادية العمومية والخاصة على ضرورة هيكلة هذا الذكاء الاقتصادي على مستوى القطاعات الوزارية ومختلف المؤسسات الاقتصادية وذلك من خلال تنصيب خلايا تعنى بنشر هذا التوجه في عملية الانتقال من الاقتصاد الكلاسيكي إلى اقتصاد المعرفة، وهوما أوضحه السيد محمد باشا المدير العام لمديرية الذكاء الاقتصادي والدراسات والاستشراف بوزارة الصناعة وترقية الاسثتمارات، حيث أكد على ضرورة الانتهاء من هذه الهيكلة في آفاق 2014، معتبرا، بأن الرهانات الصناعية والاقتصادية بصفة عامة هي موضوع هذا النشاط الفكري الاقتصادي المتميز بالعلمية وبالتفاعل الاقتصادي والاجتماعي من خلال نظام إعلامي تحكمه علاقة جدلية بين نشر المعلومات وتأمين النظام نفسه. وأضاف المسؤول أن الصناعة الجزائرية لابد أن تعود إلى مصادرها الذاتية في شق طريقها نحوالمستقبل، مثلما هناك رهان التصدير وعدم الاكتفاء بمداخيل المحروقات، وهناك التكوين داخل المؤسسة التي أصبحت عونا للتنمية والنمو، وكل ذلك يعتمد في المقام الأول على الذكاء الاقتصادي داخل المؤسسات. وأشار المتحدث إلى شروع السلطات العموية في إرساء هذا التوجه حيث قال "شرعنا على مستوى وزارة الصناعة في إنشاء بنك معلومات يكون في صالح جميع المؤسسات الاقتصادية وذلك بالتنسيق مع مختلف القطاعات الوزارية ومؤسسات وهيئات الدولة" إضافة إلى التوقيع على اتفاقيات مع جامعة التكوين المتواصل وجامعة باتنة والغرفة الوطنية للصناعة والتجارة من أجل تقديم تكوين عال في الذكاء الاقتصادي لإطارات المؤسسات. وأشارت الخبيرة في الذكاء الاقتصادي السيدة أليس غيون، مديرة مركز الدراسات والأبحاث التطبيقية في "المانجمنت" بفرنسا، في مداخلة حول الدور الحاسم للذكاء الاقتصادي في عالم اليوم إلى ضرورة المرور بمرحلة التحسيس والتربية لإنجاح مسار الذكاء الاقتصادي قبل خوض سياسة تكوينية نوعية (ماستر في الذكاء الاقتصادي). وأبرزت في محاضرتها أن الذكاء الاقتصادي هو مسار التحكم في المعلومة الاستراتيجية للتقليل من المخاطر، وهو أيضا عنصر أساسي للأمن الاقتصادي للأمة وأمنها الشامل. وتضيف المتحدثة أن تجسيد نظام الذكاء الاقتصادي يتوقف على السلطات العمومية (الحكومة)، ولكن لابد لكي ينجح ويعمم من إشراك المؤسسات ومختلف هيئات المجتمع، وأشارت في هذا السياق إلى التجربة الفرنسية التي قالت أن عمرها أكثرمن عشرين سنة إلا أنها لم تنضج من حيث الوعي بها وبضرورة تطبيق سياسة تكوينية لها إلا سنة 1994، وهي الآن تعرف صعوبات سيما على مستوى كبريات أقطاب التنافسية عندما صارت المؤسسات الكبرى أمام هاجس ضرورة نشر المعلومات وتوزيعها في مقابل الخوف على تأمين هذا النظام المعلوماتي. وتناولت الخبيرة في السهر التكنولوجي والذكاء الاقتصادي، الدكتورة حياة قندل، مساهمة الذكاء الاقتصادي في نمو الصناعة الجزائرية وأوضحت أن الذكاء الاقتصادي يرتكز أساسا على معرفة القدرات وحصر مواطن الضعف على المستوى الداخلي، وعلى الانفتاح على العالم ومعرفة الفرص المتاحة مع حساب المخاطر التي قد تنجم عن ذلك على المستوى الخارجي، وأشارت إلى بعض الصعاب التي تقف في طريق إرساء الذكاء الاقتصادي في الجزائر مثل ضعف التكوين وهجرة الأدمغة وعدم اهتمام المؤسسات بهذا العامل المحوري في التنمية والتطور الاقتصادي، إلا أنها أكدت من جهة أخرى، أن العولمة تتيح للجزائر بما يتوفر عليه هذا البلد من إمكانيات إضافة إلى تحسيس المتعاملين الاقتصاديين، وضع استراتيجية للذكاء الاقتصادي وتجسيدها.