البلاد - خ.رياض - برزت مجددا حملة مكافحة الفساد لتطال رؤساء المجالس البلدية، في سياق التحقيقات الواسعة المستمرة، التي شنتها الدولة ضد الفساد ورموزه في الجزائر، وأفضت نتائج التحقيقات التي تستهدف "الأميار" بشكل واسع في الفترة الأخيرة، إلى توقيف رئيسي بلديتي الخضارة ونائبين عن المجلس البلدي لمتابعتهم بجرم تبديد أموال عمومية بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، كما شمل سهم التوقيف رئيس بلدية الزعرورية المتابع بدوره في قضية فساد، جرّت ما لا يقل عن 6 أشخاص، إلى أروقة المحاكم. وحسب مصادر رسمية، فإن والي الولاية بوزقزة لوناس، لم يتوان عن توقيف المنتخبين الأربعة بينهم رئيسا البلديتين. ولم يكتف هذا المسؤول التنفيذي بهذا الحد، بل أمر بفتح تحقيق في بلديات أخرى لتسليط الضوء على ملف التسوية الخاص بقانون 1508، على خلفية تدفق عدة شكاوى إلى مصالحه تفيد بوجود تلاعب في حالات عديدة من قبل منتخبين وبعض الموظفين. كما وصلت حملة مكافحة الفساد المستمرة، التي لم تتأثر بجائحة "كورونا"، ولاية بومرداس، حيث تقرر توقيف رئيسي بلديتي دلس وشعبة العامر ومنتخبين آخرين بهذه البلدية الأخيرة، واستند والي الولاية، قراراته، التي اتخذها لوضع حد لنشاط هؤلاء المنتخبين، على نص المادة 43 من قانون البلدية، وهذا إلى غاية صدور أحكام نهائية عن الجهات القضائية المختصة ببراءة المنتخبين الموقوفين تحفظيا أو إدانتهم بشبهات الفساد التي تلاحقهم. وتفيد المصادر بأن المصالح القضائية في مجلس قضاء بومرداس، راسلت مؤخرا الوالي بخصوص متابعات قضائية شملت أيضا منتخبين عن بلديتي سي مصطفى والأربعطاش، أحدهم محكوم عليه بالحبس النافذ. وفي عاصمة الغرب الجزائري، ضربت العدالة بالثقيل رؤساء بلديات حولوا مجالسهم إلى "إمارات للفساد"، إذ أدانت رئيسي بلديتي بئر الجير "م ا ق« و«ب ي«، بعقوبة 4 سنوات حبسا لكل واحد منهما، وتغريمهما ب1 مليون دينار، لمتابعتهما بتهم حمل سلاح ناري دون رخصة، تبديد أموال عمومية، إساءة استغلال الوظيفة ومنح امتيازات غير مستحقة. كما دكت الحرب المستعرة "حصون الفساد"، لتشمل بلديات أخرى في الجنوب الغربي للوطن، وطالت ولايات بشار، سعيدة، النعامة، إذ قرر والي بشار أحمد مباركي توقيف رئيسي بلديتي بني عباس وبشار بشكل تحفظي، على إثر ورود متابعات قضائية في حق ما لا يقل عن 12 منتخبا على مستوى البلدتين، أورد المصدر أن نيابة محكمة العبادلة على بعد 92 كلم جنوب ولاية بشار، لم تتأخر في مراسلة الوالي لاتخاذ قراراته بعد تفجر فضائح من العيار الثقيل، تخص قضايا فساد، الأولى تعني مير بني عباس المنتمي إلى الأرندي، الذي تم إخضاعه لنظام الرقابة القضائية بمعية أعضاء لجنة الصفقات العمومية بأوامر صادرة عن قاضي تحقيق محكمة العبادلة، في أعقاب التحقيقات المطولة التي طالت 11 شخصا بينهم منتخبون وإطارات في البلدية بخصوص التلاعب في إبرام صفقات وعدم الامتثال لأحكام التشريع. ومعلوم أن الرقابة القضائية مست كلا من رئيس البلدية والأمين العام ورئيس قسم التعمير والبناء ومنتخبين ومقاولين، توبعوا بتهم تبديد أموال عمومية وإبرام صفقات مخالفة للتشريع والتنظيم، مخالفة قانون الصفقات العمومية لغرض منح امتيازات وإساءة استغلال الوظيفة واستغلال نفوذ الأعوان العموميين. حملة مكافحة الفساد لم تطو صفحاتها، بل واصلت لتضرب بلديات كبيرة في عين تموشنت، باستهداف أغلى بلدية صناعية في التراب الوطني، حيث تم توقيف رئيس بلدية بني صاف بعد ورود متابعة قضائية ضده، على خلفية إخضاعه لنظام الرقابة القضائية بأمر صادر عن محكمة حمام بوحجر، رفقة عدد من الموظفين السابقين للبلدية لمتابعاتهم القضائية بتهم تتعلق بتبديد أموال عمومية في قضايا فساد خاصة بقفة رمضان 2019 وقضايا أخرى. ويعد هذا التوقيف الثاني من نوعه بولاية عين تموشنت في أقل من 10 أيام، بعد إيداع رئيس بلدية عاصمة الولاية، الحبس المؤقت وتعيين رئيس بلدية آخر خلفا له والثالث من نوعه في ظرف شهر بعد تجميد والي ولاية عين تموشنت المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين الأربعاء. كما أحيل ملف رئيس بلدية وادي العنب التابعة لدائرة برحال بولاية عنابة، على التحقيق أياما فقط بعد صدور قرار تحفظي بتوقيف المير المنتمي لحزب جبهة التحرير الوطني، عن ممارسة مهامه الانتخابية بسبب وقوعه تحت طائلة تدابير المتابعة القضائية، حسبما علم من خلية الاتصال لولاية عنابة. هذه القضايا التي تتصدر جداول قضايا محاكم الاختصاص في الجزائر، تعطي الانطباع بقوة أن حملة مكافحة الفساد لم تخلد إلى فترة نقاهة، بل يواصل "المنجل" حصد العديد من الرؤوس التي ثبت تورطها في الفساد، وهو ما يجسد تعهد الرئيس تبون الذي التزم بمواصلة محاربة الفساد و«تطهير الجزائر ممن أوصلوها إلى الوضع الراهن".