دروكدال خطط لاغتيال علي تونسي وتفجير مديرية الأمن الوطني كتيبة الأرقم وراء التخطيط لتفجيرات 11 أفريل 2007 بحزام ناسف أو سيارة مفخخة يفجر نفسه بعد أن هانت عليه حياته، يسير نحو حتفه محفوفا بمظلة دينية نسجت خيوطها فتاوى. كانت الساعة في حدود العاشرة وخمس وأربعين دقيقة صباحا بتاريخ 11 أفريل 2007، استيقظت العاصمة على وقع انفجاريين انتحاريين الأولين من نوعهما، سمع الانفجار الأول من باب الزوار حيث استهدفت جماعة إرهابية مقر المقاطعة الشرقية للشرطة القضائية باستعمال سيارتين مفخختين تسببتا في إزهاق أرواح مواطنين عزل أبرياء،. الانفجار الأول وقع عند المدخل الرئيسي لدخول السيارات إلى مقر المقاطعة. عثر المحققون بمحيطه على أجزاء من السيارات بها أشلاء بشرية، والمتأثرة بشكل واسع وصل مداه ثلاثين مترا. وبداخل الحفرة التي أحدثها الانفجار تم العثور على الرقم التسلسلي لهيكل السيارة المفخخة والطراز وعدة أجزاء من محركها على مستوى الطريق المؤدي إلى مطار هواري بومدين، كما عثر على جزء لمسدس ناري مجهول. ووقع الانفجار الثاني على بعد خمسة وخمسين مترا عن الانفجار، الأول خلف بناية الفرق العاملة بالمقاطعة أحدث حفرة في الطريق، فقتل عدد من موظفي الشرطة وراح ضحية الانفجار مواطنون ذنبهم الوحيد أنهم مروا بالطريق. وانهار جدار بناية فرق المقاطعة وتضررت سيارات كانت بجانب البنايات وسكنات المواطنين القريبة الواقعة بمدرسة كتابة الضبط ومقر كتيبة الدرك الوطني حي 5 جويلية. السيناريو نفسه وقع بمقر قصر الحكومة حيت الفاجعة كانت أكبر لإحاطته ببنايات تعج بالسكان، ماذا وقع بالضبط من كان وراء هذه العمليات الإرهابية؟ بداية القصة... من القبة إلى الثنية باتجاه الهدف بدأت القصة مع خالد المتهم الأول في القضية، يقطن خالد ذو 29 سنة في حي الجبل، الحي الذي خرج من رحمه الانتحاري بودينة مروان، تعرف في بداية سنة 2007 على شخص يدعى سليمان المكنى محمود عندما كان يتردد على منزل عمته الكائن بحي العناصر القبة لكونه يقيم بنفس الحي. تطورت العلاقة بين خالد وسليمان وأصبحا صديقين، كان خالد يتردد على حي الجبل ببوروبة لزيارة أخيه جعفر الذي سافر إلى العراق ''للجهاد''، وفي شهر فيفري 2007 اتصل سليمان بخالد هاتفيا وطلب منه أن يلتقيه بمقر سكناه بحي العناصر فذهب إليه، وهناك تكلم معه عن الجهاد في الجزائر. في البداية لم يكن خالد مقتنعا بالفكرة لكن سليمان لم يتردد في إعطائه أمثلة عن بن لادن وساعده الأيمن أيمن الظواهري، وقال له إن العلماء قاموا بتزكية بن لادن والظواهري. بعد ''غسيل مخ'' اقتنع خالد بفكرة الجهاد في الجزائر ووافق على العمل معه وانضم إلى صفوف الجماعة الإرهابية. قبل ذلك استفسر خالد سليمان الذي كان يعتبر الوسيط بينه وبين أمير كتيبة الأرقم أو ما باتت يعرف حاليا بكتيبة الوسط، المسمى أبو هريرة، أخبر سليمان خالد بأن مهمته تتمثل في الترصد لرجال الأمن بالمديرية العامة للأمن الوطني بباب الوادي وهذا أمام ثانوية الأمير عبد القادر من الجهة المقابلة للباب الرئيسي للمديرية العامة للأمن الوطني وتسجيل الوقت الذي يدخل فيه موكب دخول مدير الأمن علي تونسي. حدد سليمان لخالد تاريخ 12 فيفري 2007 لترصد مدير الأمن الوطني لكن خالد ذهب إلى سليمان في ذلك اليوم وأخبره بأنه لا يمكنه القيام بالمهمة التي أسندت إليه كون أخيه جعفر سيسافر إلى العراق،. أخبر سليمان المدعو أبو هريرة الذي لم يجد في الأمر إشكالا. توطدت العلاقة بين خالد وسليمان وازداد الحديث بينهما عن الجهاد في الجزائر والعراق. في 9 أفريل 2007 التقى سليمان خالد بحي باش جراح بعد صلاه العصر وأخبره بأن أمير كتيبة الأرقم يريد رؤيته في 11 أفريل 2007 وهو تاريخ القيام بالعمليتين الإرهابيتين. عشية التفجيرات التقى خالد سليمان في حي العناصر وذهبا على متن دراجة نارية من ''نوع فيسبا ''زرقاء اللون إلى بلدية تيجلابين. كان سليمان خلال الطريق يتصل في كل مرة بالأمير أبو هريرة الذي طلب منه التوقف ببلدية تيجلابين لكنه بعد عشر دقائق طلب منه مواصلة الطريق والتوقف ببلدية الثنية. اضغط على هذا الزرّ تلق َ ربك بعيدا هنيئا... توغل سليمان وخالد داخل الأحراش ببلدية الثنية حيث التقيا الأمير المدعو أبو هريرة الذي كان بانتظارهما رفقة مجموعة إرهابية تقدر بعشرين شخصا وبحوزتهم أسلحة رشاشة من نوع كلاشينكوف، حيّا الأمير خالد الوافد الجديد وأوكل إليه مهمة قيادة شاحنة صغيرة من ''نوع شانه'' إلى الجزائر العاصمة رفقة الانتحاري أبو الزبير المعروف إعلاميا بالزبير أبو ساجدة• سلم أمير كتيبة الأرقم لسليمان كاميرا كاميسكوب فانصرف على متن دراجته باتجاه العاصمة، خلالها رسم شخص مجهول الهوية لخالد على الأرض مخططا والطريق الذي كلف بأن يسلكه والمؤدي إلى المقاطعة الشرقية للشرطة القضائية، وطلب منه أن يسلك الطريق السريع في اتجاه الدارالبيضاء وأمره بأخذ الطريق الخلفي للمقاطعة. رافق خالد الشخص المجهول داخل الأحراش في الغابة حيث كانت هناك شاحنتان من الحجم الصغير ومن نوع ''شانا''. ركب خالد إحدى الشاحنتين رفقة الانتحاري أبو الزبير وكان معهما شخص آخر مهمته التصوير بكاميرا كاميسكوب. كان هذا الشخص يردد على أبو الزبير الأناشيد الجهادية وقال له ''اضغط على هذا الزر تلقَ ربك بعيدا هنيئا''. أخرج الإرهابيون الثلاثة رفقة الانتحاري الشاحنة من دون تشغيل المحرك. كانت مهمة خالد هو نقل الانتحاري أبو الزبير وتمكينه من تجاوز نقاط التفتيش من دون أن يكتشف أمره أحد. خرج الاثنان إلى الطريق السريع، فقام الانتحاري بوضع كانت داخل الشاحنة وكانت هناك شاحنة أخرى اتبعت نفس المخطط. وفي الطريق كان خالد يتلقى باستمرار اتصالا من أمير الجماعة يطلب منه فيها الحذر حتى لا تتقطع خيوط القنبلة المركبة في الشاحنة، وصلت الجماعة الإرهابية إلى الحاجز الأمني ببودواو الأمر الذي دفع خالد إلى أخد الجهة اليسرى بناء على طلب أمير الجماعة، خلالها تجاوزت شاحنته سيارة من نوع كليو بيضاء اللون، أشعل صاحب السيارة الأضواء لخالد وأكمل السير في الطريق السريع. ولما وصل إلى محور المعرض الدولي قام بالدوران في اتجاه الديار الخمس تم حسان باي تم حي الراديوز والعاليا ثم رابية الطاهر باتجاه 5 جويلية. وصل خالد إلى مستوى مسجد 5 جويلية، عندها أمر بالنزول ليكمل الانتحاري أبو الزبير المهمة والسير بالشاحنة في اتجاه المقاطعة الشرقية للشرطة القضائية. وقبل مغادرته قل لخالد: ''الملتقى في الجنة''. مشى خالد حوالي 100 متر فسمع انفجار قوي وسمع مرة ثانية انفجار آخر. أكمل سيره إلى باب الزوار وشكر سليمان خالد على العملية التي لم يكن على دراية بها حسب روايته، حيث اعتمدت الجماعة على التكتم وعدم إعلام مجنديها تحسبا لأية عملية توقيف من قبل مصالح الأمن . الأمير أبو هريرة الذي لم يقض عليه عرض الأمير أبو هريرة على خالد عن طريق سليمان تسليمه سيارة، لكن خالد رفض خوفا من أن يتم استغلاله للقيام بعملية أخرى. تعرف خالد على سليمان عن طريق أخيه جعفر الذي كان يمارس الرقية الشريعة قبل أن يقتل في العراق. كان سليمان يتردد على حي الجبل ببوروبة ليلتقي صديقه جعفر، هناك تعرف على مروان بودينة مفجر قصر الحكومة.استمرت العلاقة بين سليمان وجعفر إلى غاية يوم زفافه حيت طلب منه مساعدته في تكاليف الزفاف، في تلك الفترة توطدت العلاقة بين جعفر ومروان. وفي يوم من الأيام التقى الثلاثة رفقة عدد من الأشخاص بشاطئ الكرمة بزموري، وكان هناك رجل مجهول يقف على بعد أمتار منهم توجه إليه الانتحاري بودين مروان وزوده بمسدس ناري تم أعاده إليه، سأل سليمان مروان وأخبره عن هوية الشخص المجهول فأجابه مروان بأن لديه 14 سنة في الجبل وتوجد بينهما ثقة كبيرة، لم يكن الشخص المجهول سوى الأمير أبو هريرة الذي حاول تغليط الشرطة بخبر مقتله في الجبل. غادر سليمان المخيم وترك للجماعة دعوات الزفاف لعرسه. بعدها بأيام اتصل مروان بسليمان وطلب منه رقية خالته بمقر إقامته بالمقارية، هناك استغل مروان الفرصة وعرض على سليمان الانضمام إلى الجماعة الإرهابية وأخبره بأن الانضمام سيكون حسب المستطاع وطلب منه تجنيد شباب لصالح الجماعة السلفية، خلالها أحضر سلميان لبودينة شابا يدعى بشار المقيم بالمنظر الجميل وأخبره بأن بشار مستعد للعمل ضمن الجماعة. في تلك الفترة تمكنت مصالح الأمن من توقيف عنصرين من الجماعة السلفية بتهمة الدعم والإسناد، اتصل مروان بسليمان وأخبره بأنه مضطر للصعود إلى الجبل خشية كشف أمره وأنه سيبقى على اتصال معه. كلمة السر الخاصة بترصد علي تونسي ''فتحية كنية'' بعد فترة اتصل الانتحاري معاذ بن جبل، واسمه الحقيقي مروان بودينة، بسليمان وطلب منه شراء جهاز نقال وشريحة جديدة• خلالها كشف بودينة لسليمان أن الشخص الذي التقى به في المخيم ما هو إلا أمير كتيبة الأرقم المدعو أبو هريرة• دخل سليمان في اتصال مستمر مع أمير الكتيبة الذي أطلق عليه اسم محمود، وانقطع الاتصال مع مروان بودينة بعد صعوده للجبال في انتظار موعد القيام بمهمة تفجير قصر الحكومة. التقى سليمان الأمير في مكان جبلي خال، كان معه شخص حامل سلاحين من نوع كلاشينكوف على كتفيه. سأل الأمير أبو هريرة سليمان عن المجندين الجدد وطلب منه الصبر والتضحية وسلمه مبلغ 10 ملايين سنتيم وآلة كاميسكوب. وفي المساء وبعد عودته اتصل الأمير مجدد بسليمان وأخبره بأنه سيعلمه عن قريب عن المهمة التي ستوكل إليه. خلال تلك المدة اشترت كل العناصر الإرهابية المنضوية تحت إمرة أبو هريرة هواتف نقالة وشفرات تستعمل في الاتصالات السرية مع أمير الجماعة. أرسل الأمير إلى سيلمان مبلغا من المال وجهاز كمبيوتر محمولا من نوع ''أسار'' جديدا وطلب منه التنسيق مع شخص آخر يسمى ''سيد أحمد''. كانت مهمة سليمان وسيد أحمد تصوير مقر الأنتربول بالدارالبيضاء. انطلق سليمان لتصوير المقر رفقة سيد أحمد حيث وصل مقر المقاطعة الشرقية للشرطة القضائية ودخلوا الحديقة المجاورة. ولتمويه مصالح الأمن وضع سيد أحمد قفصا فيه عصفور بينما شرع سليمان في التصوير وأخذ لقطات لمقر مصالح الشرطة من مدخلها الرئيسي. وبعد العودة اتصل الأمير مجددا بسليمان وسيد أحمد، أخبرهما بتكليف ''بشار'' بمهمة الترصد لمقر الأنتربول طيلة أسبوع جمع بشار المعلومات وقدمها لسليمان والتي قدمها بدوره لأمير الجماعة. أمر أبو هريرة سليمان بالتقاط صورة لمصلحة الأنتربول عن طريق الخريطة الأرضية ''قوقل إرث'' فأخذ صورة قمرية عن طريق الإنترنت وأخذ نفس الصورة للمديرية العامة للأمن الوطني وصور سليمان مقر الأنتربول عن طريق السيارة، وحام بسيارته على مقر المديرية العامة للأمن الوطني وكانت كلمة السر '' فتحية كنية'' تستعمل لترصد مدير الأمن الوطني علي تونسي. تيقن سليمان أن ''خروج فتحية'' يعني أن الأمير كان يرغب في المدير العام للأمن. بعد انتهاء المهمة سلم سليمان للأمير أبو هريرة المعلومات عن طريق فلاش ديسك بتيجلابين، وبعد فترة وصلته أخبار بالتراجع عن عملية تفجير المديرية العامة للأمن الوطني. وقال أبو هريرة لسليمان: لم يحن الموعد بعد... وعشية تفجيرات قصر الحكومة طلب الأمير من سليمان أن يحضر له خالد من أجل تنفيذ العملية باعتبار أنه يملك رخصة سياقه. سأل سليمان الأمير عن موعد العملية وأخبره أن ذلك سيكون يوم الأربعاء. نفس المخطط اتبع لتفجير قصر الحكومة حيث نقل خالد الانتحاري مروان بودينة إلى قصر الحكومة ونزل في أحد الطرقات ليترك مروان وحده، وبعد دقائق سمع دوي انفجار اهتزت له العاصمة. توجه بشار الملقب بمحمد رفقة سيد أحمد وسليمان إلى مقام الشهيد تم تيلملي من أجل تصوير تفجيرات قصر الحكومة، لكن بعد وصلوهما إلى ملعب وقنوني وقع الانفجار ولم يتمكنا من تصوير الانفجار لتصاعد الدخان. فقام سليمان بتصويره عن طريق هاتفه النقال. في المساء انتقلت الجماعة إلى باب الزوار من أجل تصوير ما خلفته العملية الانتحارية للمقاطعة الشرقية للشرطة القضائية. قام سليمان بتحويل الفيلم المصور بالهاتف للعمليتين عن طريق البلوتوث إلى جهاز الكمبيوتر. نهاية المهمة... مصالح الأمن تمكنت من توقيف خالد وسليمان وسيد أحمد وبشار وشخص آخر، كانت مهمته توفير المؤونة للجماعة أبو هريرة اسمه مراد. هؤلاء ستنطلق محاكمتهم اليوم بمجلس قضاء العاصمة، ومن المحتمل أن تكشف أطوار هذه المحاكمة عن أسرار جديدة حول تخطيطات تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال. هذا هو الواقع الذي لم يكن وليد اللحظة بل استمد تفاصيله من الدين وتراكمات الأولين، ولأن الأمر برمته تصنعه أياد نصرت الدين فخلفت الاستشهاديين في فلسطين وأخرى خذلت الدين فأنجبت إرهابيين انتحاريين يتذرعون بالإسلام البريء منهم براءة الذئب من دم يوسف..