قال أويحيى لمقربيه إنه ليس لديه ما يعلنه لسائليه بشأن حكومته القادمة، عدا تأكد بقائه للإشراف على قيادة الطاقم الذي يعلن رئيس الدولة على رسمه وفقا لاقتراحات قادة التحالف الرئاسي الذين طرحوا قوائم إسمية، كما سبق وأن طلبه عبد العزيز بوتفليقة مباشرة بعد تأديته اليمين الدستورية. وما لم يقله الوزير الأول أنه لم يتلق تكليفا رسميا بقيادة الجهاز التنفيدي، بيد أن التحاليل كلها تجمع على حظوة الرجل بثقة رئيس الجمهورية للمرة الثالثة خلال عشرية من حكمه. كما لم يكشف أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي لمعاونيه مضمون قائمة التجمع التي اقترحها على القاضي الأول للبلاد. صيام الوزير الأول عن الكلام له مايبرره، لأنه في الحقيقة ليس من عادة الرجل المتميز بالواقعية والبراغماتية إفشاء ''أسرار الباب العالي'' ثم تجنب الإحراج لدى محيطه الأكثر ترقبا لجديد الحكومة المقبلة. وعلى هامش صمت قادة التحالف وغياب تقليد التشاور بين أحزاب الأغلبية البرلمانية، فرض تكتم صاحب صلاحية تشكيل الفريق الحكومي وتوزيع المهام حظر تجوال على الشخصيات على اختلاف مستوياتها ومشاربها الحزبية. والتزم الطامحون والطامعون الآملون وحتى الحالمون الحذر والترقب الشديدين. وبين الحذر والترقب راحت تتقاطع حكومات ينسج ملامحها الراسخون في المضاربة السياسية والمعتادون على تغذية بورصة الشائعات والإعلانات المجانية لملأ الفراغ الإعلامي وغياب التحاليل الموضوعية في غياب المعطيات والمؤشرات التي يمكن اعتمادها لبناء أفكار وأطروحات سليمة لاحتمالات تقترب للصواب وتحمل بين حروفها الخطأ. وقد عاش الجزائريون أسبوعا مليئا بالحكومات راحت تروج لها دوائر ضيقة تقتبس من مزاعم أدعياء ومقربين من مصدر الخبر. ولا تخلو هذه الادعاءات والاحتمالات من طرافة. فنجد مثلا حكومة الظل وهي الحكومة الأوفر قربا من الموضوعية. يزعم أصحابها أنها تتشكل من أصحاب حقائب ووزارات السيادة، وزراء الدولة وأسماء كانت وراء صنع نجاح عبد العزيز بوتفليقة في الرئاسيات الآخيرة لعهدة ثالثة. ويطغى على هذه الحكومة المختلطة بين جيلين العنصر الشبابي والنسوي وهي ذات أغلبية ''أرندوية'' بحكم انتماء غالبية عناصر مديرية الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي هيمن وبصورة ملحوظة على مجريات الحملة، ناهيك عن إشراف أمين عام التجمع على العملية الانتخابية من ألفها إلى يائها. وتأتي في المقام الثاني ماتوصف بحكومة الحظ وهذه التشكيلة تضم إلى جانب وزراء حقائب السيادة وهي الداخلية، الخارجية، الدفاع، المالية والعدل، إضافة إلى الوزارات الثقيلة مثل التربية، الطاقة، الصحة، الفلاحة، الاتصال، الصناعة والاستثمار والبيئة والموارد المائية، تضم أصحاب الحظوة من المحظوظين باحترام وثقة أحمد أويحيى، عبد العزيز بلخادم وأبوجرة سلطاني، كما يصفهم من روجوا لأسمائهم بأصحاب المهارات والمستقبل الواعد ممن أغفلتهم الأنانيات السياسية واحتكار المواقع الأولى في الأحزاب السياسية والهيئات الرسمية المنتخبة. وثمة تقاطع أسماء مع بعض الأحداث الوطنية وبروز بعض الأسماء في فلك الاقتصاد والسياسة كان للإعلام الدور الأهم في إبرازها. ووصفت التشكيلة التي نسجها الإعلام إعتمادا على بعض ''الوشايات'' الهاتفية التي افتعلها فضول الصحفيين وافتراضات مصادرها بحكومة الخبز، وهي طريقة أراد مدبروها التأثير على عملية انتخاب الوزراء بتوجيه الأضواء لأسماء دون غيرها أو تصويب سهام الانتقاد لآخرين بغرض انتقامي للإساءة إليهم بإيعاز من الدوائر ذاتها دون وازع علمي أو أخلاقي وهذا لإرضاء حسابات بعض الأطرف أو تلبية لمطالب أجنحة متصارعة ودوائر متنافسة. وأصبح الافتراض أداة يتعمدها مريدوها لإسقاط أسماء سطع نجمها وتستحق لفت انتباه الرئيس إليها. علما أن الآخير أكره ما يكون لأسلوب الافتراضات الخبرية.. وبين الظل والحظ والخبر تبقى الإفتراضات مجانية لاتتعدى كونها مضاربات وأصداء لأحاديث الكواليس والمكالمات الهاتفية التي لاتستند إلى واقع أو موضوعية أو يقين. وبين حكومة الشك وحكومة اليقين يبقى القول إن القرار السيد والفيصل يظل ملك يمين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المخول دستوريا بتأشير أو شطب أسماء(لا) ترقى إلى المستوى المطلوب. وإذا كان استمرارالوضع على ماكان عليه ولو على المدى القصير المنظورغير مقبول، فإن الرئيس يعي أن مسؤوليته هذه المرة أكبر في اختيار رجال الحكومة الأنسب للمرحلة. مرحلة تحتاج السرية والحسم والعزم والوقت لإنجاح رسم حكومة قادرة على رفع التحديات إلى جنب رئيس ألف التحدي.وهذا -على ما يبدو ما أخر ويؤخر إعلان الحكومة السادسة تحت حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.