أساتذة يفرغون ”جنونهم” في الأقسام لقد ضربتني المعلمة رغم أني لم أفعل شيئا·· إني مريض رأسي يؤلمني لا أستطيع حتى الوقوف·· ماما أتريدينني أن أذهب إلى مدرسة يضربني فيها أطفال أشرار ويجبرونني على أكل الطبشور··! وغير ذلك من الأسباب التي يخلقها الأطفال حديثي العهد بالمدرسة والتي للأسف تجد لها آذانا صاغية من الأولياء·· وويل للمعلم مدرس الطفل الخوف! سيرشق بالاتهامات بالتقصير وسيقع في فخ تلميذه الصغير الذي يكذب فقط لأنه يخاف الذهاب إلى المدرسة! الخوف من المدرسة هو نوع من الخوف المرضي قوامه قلق وخوف مبالغ فيه يسيطران على الطفل وهو مرتبط بمثير وأوضاع تتعلق بالمدرسة بشكل مباشر أو غير مباشر· يلجأ الطفل الخواف من المدرسة كآلية نفسية دفاعية، إلى تمويه خوفه وقلقه عبر وسائل متعددة كادعاءات مرضية تظهر على الطفل مثل الشعور بالصداع الحاد والإسهال وآلام المعدة والأمعاء والتهاب الحنجرة··· وهذه الأعراض النفسية تعرف بأعراض خواف المدرسة، حيث تختلف هذه الأعراض عن الأعراض المرضية ذات المنشأ العضوي بأنها تظهر بشكل مفاجئ لحظة اقتراب موعد ذهاب الطفل الخواف إلى المدرسة أو في حالة إجباره عنوة من قبل أحد والديه وسرعان ما تختفي هذه الأعراض بمجرد تيقن الطفل الخواف من عدم ذهابه إلى المدرسة· كما يلجأ الكثير من الأطفال حديثي العهد بالمدرسة إلى محاولات متكررة ودؤوبة لإعطاء صورة رديئة وسلبية عن المعلم أو المعلمة والتلاميذ·· والأدهى أن بعض الأولياء يصدقون أكاذيب التلميذ· سنتناول في هذا الموضوع قصصا واقعية لتلاميذ دخلوا السنة الأولى ومعها بدأت معاناة الأولياء خصوصا الأمهات منهم كذلك المعلمون ···· المعلمون يتحولون في أحيان كثيرة إلى مفرغ غضب الأولياء وأطفالهم، فتهم بالتقصير وأخرى بضرب التلميذ والحفرة والمحاباة إلى غير ذلك من التهم، التي يقصف بها المعلم بالجملة رغم أنه في أحيان كثيرة لا حول له ولا قوة وأن الأمر لا يعدو عن كونه أزمة مرضية نفسية يجب التعامل معها بحزم حتى لا تنعكس سلبا على حياة التلميذ· ابني يمرض كلما حمل المحفظة! لا أدري ما الذي يحدث له كلما حمل المحفظة، مرة يشعر بألم في رأسه ومرة في معدته! مرة يغمى عليه ومرات عدة يسقط أرضا وتنتابه لحظات غضب جنونية ··· لا أدري هل هي عين أصابته أو مرض ظهر بعد دخوله المدرسة هذا ما صرحت به خليدة التي أبدت استياءً كبيرا جراء امتناع ابنها عن الذهاب إلى المدرسة، معتبرة أن الأمر عين حسود، وبالرغم من توفيرها كل مستلزماته إلا أنه يرفض بشدة ويتظاهر بالمرض، تقول- مرة وحين رأيت أنه أغمي عليه ثم انتابته حمى فظيعة أخذته إلى الطبيب وحين شرع في حقنه صرخ وأكد أنه بخير بل وطلب مني أن آخذه إلى المدرسة، وزالت الحمى والأعراض بمجرد رؤيته للحقنة، في البداية ارتبت في أمره وقلت إنه ربما خوف من المدرسة لكن الآلام التي كانت تنتابه جعلتني أصدق أن السبب عضوي·· إنني حائرة فلقد مر أسبوع ولم يذهب فيه إلى المدرسة، أخشى أن تبدأ الدروس ويبقى رهين المرض· حالات كثيرة مشابهة تلك التي يتظاهر فيها الأبناء بالمرض· رشيد مثلا يقول إنه صرف على ابنه مبالغ فاقت مبالغ التمدرس فقط في شراء الأدوية فمرة يقول إن رأسه يؤلمه ومرة أخرى معدته الأمر الذي دفعه للريبة والشك في احتمال إصابة ابنه بمرض خفي، ”أجريت له كل التحاليل المخبرية والتي أثبتت أنه لا يعاني من أي عارض مرضي ··· ظننت حينها أن الأمر عين حسود استعنت بالرقاة على شاكلتهم ولكن دون جدوى، كلما حان وقت المدرسة احتقن وجهه وانتابته حمى فظيعة فأذهب حينها إلى المدرسة وأخبر المعلم بأنه مريض، لم أنتبه أن يكون العارض نفسيا وليس عضويا إلا بعد استشارة أحد أصدقائي الذي أخبرني بأن ابنه عانى من نفس الحالة والتي سببها نفسي في أحيان كثيرة· ابنتي تريدني أن أدرس معها وفي الوقت الذي يتظاهر فيه الكثير من الأبناء حديثي العهد بالمدرسة بالمرض، تهربا من المدرسة، يلجأ آخرون إلى إجبار أمهاتهم على الذهاب معهم إلى المدرسة· حياة مثلا تقول إن ابنتها (أسرار) ترغمها على البقاء معها في القسم، تضيف ”كان دوري في البداية أن آخذها إلى المدرسة وأتركها في الصف، لكنها أصبحت تترجاني باكية أن أصعد معها إلى القسم وتحت صراخها يضطر المعلم للسماح لي بمرافقتها إلى قسمها وحين أصل تجبرني على المكوث معها أو اصطحابها إلى المنزل· وغالبا ما أغادر القسم وأتركها تصرخ وتصرخ و الحالة نفسها يعاني منها الآباء ولكن بأقل حدة ·· نبيل مثلا يقول إن إبنه يلح دوما على بقائه معه الأمر الذي دفعني يقول إلى البقاء خلف السور المطل على الساحة حتى أظل تحت أنظار ابني· أقسم مرة أنني اضطررت نظرا لارتباطاتي إلى وضع قبعتي على سور المدرسة حتى يتراءى لابني بأنني هنا أمامه ولا يغادر بذلك المدرسة باكيا· المعلمون الوحوش !! وبينما يختفي بعض التلاميذ خلف ستار المرض لتبرير تهربهم من المدرسة، يلجأ آخرون كثر إلى حيل أدهى وأمر حين يرمون التهم على المعلمين، فواحد يتهمه بضربه وآخر بأنه لا يبقى في القسم ويتركهم لوحدهم وهم المساكين يخافون البقاء وحدهم، وحجج كثيرة يرشق بها المعلمون·أسيا مثلا معلمة تقول إنها لطالما تعرضت للانتقادات من قبل الأولياء الذين لا يجدون بدا في تصديق أبنائهم الصغار وتكذيب المعلم تقول فمرة بينما كنت ألقي الدرس جاءت والدة تلميذة وبدأت في إفراغ غضبها متهمة إياي بأنني ضربت ابنتها على رأسها وكون خاتمي كبير فقد أسال دمها ولحسن حظي أنني لا أضع أي خاتم كبير كان أم صغيرا باختصار لأني لم ألبس ذهبا في حياتي وحين أخبرتها بهذه الحقيقة التي لم أكن أريد التصريح بها ضحكت باستهزاء وقالت ”ما تزيديش تعاوديها”· بكاء من أجل المقعد الأول يتحول المقعد الأول إلى هاجس لدى التلميذ الذي ينظر إليه على أساس أنه امتياز، بينما يجد المعلم نفسه في حيرة من أمره خصوصا إذا كان معظم التلاميذ بنفس الطول· ماذا يفعل التلميذ في هذه الحالات؟ بشير مثلا، أكد أن معظم التلاميذ يعتبرونه سببا في تخليهم عن الدراسة، وغالبا يضيف ما يقصدني أولياء التلاميذ ويتهمونني بأنني السبب في كره ابنهم للمدرسة لأنني في نظرهم حفار وأترك المقاعد الأولى فقط لأبناء ذوي النفوذ· الخوف من المدرسة مرض نفسي! يقول أحمد يوسف إن هناك نمطين من الخوف المرضي من المدرسة يختلفان بحسب فترة العلاج ومدى تأثيره في حياة الطفل النفسية والاجتماعية· وهذان النمطان هما الخوف الحاد من المدرسة يتميز بأنه لا يترافق بمشكلات سلوكية ونفسية وفي الوقت نفسه لا يكون الطفل المصاب به قد وقع ضحية مشكلات نفسية سابقة، وفي هذه الحالة يكون خوفه من المدرسة محصورا في المدرسة فقط بينما تسير حياته خارجيا سيرا طبيعيا· رئيس جمعية أولياء التلاميذ ل”البلاد” :”500 ألف تلميذ يصابون بفوبيا المدارس سنويا” قال رئيس جمعية أولياء التلاميذ أحمد خالد، في حديثه ل”البلاد”، إن 500 تلميذ سنويا يعانون من فوبيا المدارس أي يحجمون عن الذهاب إلى المدرسة ويتحججون بأسباب تبدو واهية· وقال في هذا الإطار إنه بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية تم تكوين لجنة يقودها مختصون في علم النفس التربوي من أجل مرافقة التلاميذ الذين يعانون من فوبيا المدارس حيث تمت معالجة العديد من الحالات وإنقاذ مسارهم الدراسي وإخراجهم من الرسوب بسبب ذلك المرض· وتتجسد فوبيا المدارس في الغيابات المتكررة للتلاميذ، وتتعامل الإدارة مع هذه الحالات بشكل إداري أي العقاب أو إحالة التلميذ إلى مجلس التأديب، بالإضافة إلى وجود أعراض أخرى تتعلق بالحالة الصحية للتلميذ الذي يعمد إلى اختلاق أمراض وهمية قد تتحول إلى حقيقة إذا لم يجد الإطار المرافق له لإخراجه من الدوامة التي وقع فيها· كما أضاف المتحدث أن نسبة 10 إلى 20 بالمائة من التلاميذ لا يريدون بذل مجهود في الدراسة، ويحمّلون المعلم مسؤولية فشلهم، مع العلم أن هذه المسؤولية يتقاسمها الأولياء والتلاميذ والمعلمون· وفي سياق آخر، أكد رئيس جمعية أولياء التلاميذ أن 60 حالة سنويا من المعلمين يلجأون إلى الضرب كعقوبة للتلاميذ، ووصل العديد من الحالات إلى أروقة العدالة أو إلى قاعات المستشفى بسبب الإصابات الخطيرة التي تعرض لها التلاميذ· يحدث هذا في الوقت الذي منعت فيه وزارة التربية الوطنية استعمال الضرب داخل المؤسسات التربوية كوسيلة لتأديب التلاميذ أو ترهيبهم بقرار صدر سنة ,1989 بعد أن تفاقمت ظاهرة اعتداء بعض الأساتذة على التلاميذ·