قال الكاتب البريطاني المتخصص في الشؤون العسكرية ”جيرومي تايلور” في مقال له في صحيفة ”ذي إندبندنت” البريطانية، إن السلطة اليوم في ليبيا في أيدي المليشيات التي أسقطت العقيد الليبي الراحل القذافي· ورأى أن تلك المليشيات المسلحة بكثافة ليست الحاكم الشرعي لليبيا اليوم، ورغم ذلك تسعى الحكومة البريطانية إلى المضي قدما في خططها لبيع السلاح لليبيا· وتقول الصحيفة إنها تلقت معلومات عن وفد بريطاني يمثل الصناعات الدفاعية، يخطط للسفر إلى ليبيا خلال أشهر على أمل أن يكون الحكام الجدد لليبيا المدعومين من الغرب زبائن دائمين لصناعة السلاح البريطانية· وترى الصحيفة أن إقدام الحكومة البريطانية على مثل هذه الخطوة سيكون بمثابة جرس إنذار لمنظمات حقوق الإنسان التي أمضت الأشهر التسعة المنصرمة في توثيق استخدام الأنظمة المتسلطة في المنطقة العربية للأسلحة المستوردة في قمع الاحتجاجات الشعبية· وتصر مصادر الحكومة البريطانية من جهتها على أن الوفد المزمع إرساله إلى ليبيا لا يعتزم بيع أو تسويق أسلحة عسكرية، بل معدات أمنية تستخدم في فرض الأمن والقانون· وذكر متحدث باسم هيئة التجارة والاستثمار البريطانية ”أن ليبيا لا تزال تحت حظر تصدير الأسلحة الذي تفرضه الأممالمتحدة، وأي مبيعات سلاح يجب أن تمر عبر أروقة الأممالمتحدة”، مضيفا أن ”مهمة الوفد هي استطلاع إمكانية تقديم مساعدة بريطانية لفرض الأمن مثل تدريب قوات الشرطة ودوريات الحدود”· وكان وزير التجارة والاستثمار البريطاني اللورد غرين قد زار العاصمة الليبية طرابلس الشهر الماضي لاستطلاع الدور الذي من الممكن أن تلعبه بريطانيا في إعادة إعمار ليبيا· وتقول الصحيفة، من الواضح إن شهورا من القتال قد أعطت فكرة واضحة للشركات العالمية بأن هناك فرصا هائلة لتحقيق الأرباح في ليبيا، وأن الدول التي شاركت في حملة الناتو، خاصة فرنسا وبريطانيا، مصممة على أن تقبض ثمن دعمها للثوار الليبيين واستعادة جزء من التكاليف التي تكبدتها· ويقدر بعض المراقبين أن صفقات النفط والبنية التحتية في ليبيا قد يصل حجمها إلى 200 مليار جنيه إسترليني· وفي السياق ذاته، انتقدت منظمة ”الحملة ضد الاتجار بالسلاح” البريطانية خطط بريطانيا لإرسال وفد إلى ليبيا، وقالت عضو الحملة كاي ستيرمان ”تقول الحكومة البريطانية إنها تدعم قيام مستقبل آمن وديمقراطي لليبيا، ولكن مع ذلك وحتى قبل أن ينتهي الليبيون من إحصاء قتلاهم وجرحاهم هاهي تعد العدة لإرسال وفودها لبيع أسلحة لشعب مكلوم”· وتقول العديد من التقارير إن مخزونات الأسلحة والذخيرة في شرق ليبيا لا تزال دون حراسة محكمة، مما جعلها عرضة للسرقة، وحتى الأطفال صاروا يعبثون بها، وذلك رغم وعود الحكومة الانتقالية بتأمين الترسانة الهائلة الموجودة في البلاد· وتمثل وفرة الأسلحة دون رقيب تحديا كبيرا للمجلس الانتقالي بينما يسعى لفرض النظام بعد الانتفاضة التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي· ففي مجمع مخابئ كان هناك آلاف الصواريخ والألغام وقذائف الدبابات وطوربيدان بحريان، متراصة ومستعدة للنقل دون أي حراسة واضحة· وفي مستودع للذخيرة قرب بنغازي كانت هناك مقاتلة وسط مساحة شاسعة مليئة بالمخابئ التي تمتد على مرمى البصر· وقال المتحدث باسم المجلس الانتقالي جلال القلال إن الوضع خطير، لكنهم يعانون من الضغط ولا يريدون تولية من هم خارج نطاق سيطرة المجلس مسؤولية تأمين المواقع، مضيفا ”إنهم يشعرون بالقلق ولكنهم ليسوا مذعورين”· وقال القلال إن الحكومة تعمل على تأمين الترسانات لكنها تفتقر إلى الأموال اللازمة لتدفع مقابل التأمين، موضحا أنهم يبيعون النفط لكن ليست لديهم السيولة اللازمة لهذا الغرض، لأن الأموال التي كانت مجمدة خلال حكم القذافي لم تصل بعد· ويخشى بعض المحللين من احتمال استخدام فلول الموالين للقذافي أو أطراف أخرى غير راضية عن أداء المجلس الانتقالي للأسلحة المتاحة دون حراسة، لشن حرب عصابات، مما يحبط إدارة المجلس للبلاد واستئناف إنتاج النفط في ليبيا· كما تمثل الأسلحة خطرا على الدول المجاورة لليبيا خاصة على الحدود الجنوبية للبلاد التي يسهل التسلل منها مع دول بها اضطرابات مثل السودان والنيجر وتشاد·