محمد الزعيم عقوني: ''الأجراء لايستهدف إدانة الحرافة'' حقوقيون وسياسيون سبق وأن رفضوا طريقة التشدد في معالجة الظاهرة أمر أمس وكيل الجمهورية لدى محكمة عنابة الابتدائية بإيداع 18مرشحا للهجرة غير الشرعية، تم توقيفهم في عملية مطاردة ماراطونية ومثيرة في عرض البحر على بعد أربعة أميال شمال شرق شاطئ الشط ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء، رهن الحبس المؤقت في انتظار محاكمتهم بتهمة محاولة مغادرة التراب الوطني بطريقة غير شرعية. في حين استفاد قاصر من إجراءات الاستدعاء المباشر. ويعد الإجراء سابقة في تاريخ مغامرات الهجرة السرية في الجزائر ومؤشر على التحول نحو مزيد من التشدد في معالجة الظاهرة التي أخذت أبعادا مخيفة في الآونة الأخيرة بشكل يوحي أن التعديلات التي طرأت على قانون العقوبات بتجريم ''الحرافة'' وسجنهم قد وضعت حيز التنفيذ. وكانت المجموعة الإقليمية لحرس السواحل قد نجحت الليلة ما قبل الماضية في إحباط محاولة جديدة للهجرة غير الشرعية، قام بها فوج مشكل من 20عنصرا على متن قارب صيد تقليدي الصنع، حيث تم القبض على 91 عنصرا. فيما لاذا العنصر الأخير بالفرار على متن القارب في عرض البحر تحت جنح الظلام مستغلا المشادات والمناوشات التي اندلعت بين اعوان خفر السواحل والموقوفين. وحسب المتحدث باسم المجموعة الإقليمية، فإن عملية المطاردة التي تكفلت بها العائمة رقم 360المسماة ''المنتصر'' ودامت قرابة ساعة كاملة قد شهدت مقاومة شديدة من قبل الشباب، حيث هدد ''الحرافة'' بالانتحار الجماعي حرقا بالبنزين بشكل فجر مشادات ساخنة مع أعوان الفرقة الذين تلقوا وابلا من الاهانات والشتائم قبل أن يسيطروا على الأوضاع وتوقيف المجموعة التي من بين عناصرها قاصر لا يتعدى 17سنة وينحدر من حي سيدي سالم بالبوني. إلى ذلك، كشفت التحقيقات الأولية التي أجرتها المحطة البحرية الرئيسية لحرس الشواطئ أن بقية الموقوفين تتراوح أعمارهم بين 20/47سنة، تسعة من بينهم من ولاية عنابة و5 من خنشلة، إضافة إلى 3 من ولاية فالمة وعنصر وحيد من ولاية جيجل. وقد اعترف عناصر المجموعة بأنهم اتفقوا مع أحد المختصين في تنظيم رحلات الحرقة ودفعوا مبالغ مالية تتراوح بين 4 و7 ملايين سنتيم على ان تكون نقطة الإبحار من شاطئ سيدي سالم في الحادية عشر ليلا، غير أن الرحلة توقفت عند الميل الرابع شمال شرق شاطئ الشط بالطارف. فيما يتواصل البحث عن العنصر الفار والذي يفترض أن يكون قائد الرحلة. وستتم محاكمة ''الحرافة'' الذين يقبعون رهن الحبس المؤقت وفقا للمادة 175من القانون 90/10 المؤرخ في 25فيفري 2009المعدل والمتمم للأمر 66/651 المؤرخ في 8 ماي 1966المتضمن قانون العقوبات. للعلم، فإن كل التجارب السابقة بينت أن المرشحون للهجرة غير الشرعية عند توقيفهم يستفيدون من إجراءات الاستدعاء المباشر وتتم إدانتهم فيما بعد بالسجن غير النافذ. ورغم أن وزير العدل حافظ الأختام سبق وأن أكد أن التعديلات لا تستهدف الشباب ''الحراف'' باعتبارهم ضحايا خلال مرافعته لصالح مشروع التعديل القانوني الذي جعل من الهجرة السرية جريمة أمام نواب الشعب، إلا أن الهجرة السرية في الجزائر أصبحت بداية من أمس جريمة، طبقا للقانون الجنائي المعدل بقرار لمجلس الحكومة يوم الأحد 31أوت 2008والذي يجعل ''الحرافة'' عرضة للسجن لستة أشهر كاملة. فيما تشتد العقوبة بالنسبة للمتورطين في الاتجار بالبشر أو مساعدة شبكات الهجرة وتصل إلى عشر سنوات. وقد أثار إقرار هذا القانون ردود فعل شديدة وساخطة من قبل بعض الحقوقيين والمنظمات المدافعة عن الشباب. كما لم تحظ العقوبات الجديدة بإجماع السياسيين وساندت جبهة التحرير الوطني رفقة التجمع الديمقراطي الوطني، التشدد الذي تبنته الحكومة واعتبراه ضروريا لفرملة الظاهرة، لكن الأحزاب الإسلامية والجبهة الوطنية الجزائرية عارضته بمعية حزب لويزة حنون. وفي هذا الشأن، قال المحامي محمد عقوني ناشط في حقوق اللاجئين، إن الأمر يعتبر إجراء قانوني عادي ''لا أظن أنه يستهدف إدانة ''الحرافة'' خلال جلسة المحاكمة والهدف منه ردع المترشحين للهجرة السرية وهو موقف لا يتناغم بصفة كبيرة مع الموقف الذي عبرت عنه في وقت سابق المحامية فاطمة بن براهيم التي دعت الرئيس إلى ''العفو عن الحرافة''، قائلة إن السجن لن يردع الشباب اليائس من معاودة المحاولة. وأضافت ''إن موكلي الذين هم كلهم شباب يائس عازمون على مواصلة المحاولة فور خروجهم من السجن''. وأوصت باتخاذ تدابير إدارية بديلة للعقوبة الجنائية في محاربة الظاهرة.