أكّد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أول أمس الخميس على ضرورة إنهاء حالة الارتياب وعدم الثقة السائدة حاليًا بين المسلمين والولاياتالمتحدة.وقال خلال خطابه في جامعة القاهرة أول أمس الخميس: ''إنّنا نسعَى إلى بدايةٍ جديدة بين الولاياتالمتحدة والمسلمين حول العالم تستند إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل وحقيقة أن أمريكا والإسلام ليسا في حاجة إلى التنافس''. وشدّد أوباما في خطاب المُوَجَّه للعالمين العربي والإسلامي من جامعة القاهرة على أنّ الإسلام والولاياتالمتحدة يتقاطعان ويتشاركان المبادئ المشتركة الخاصة بالعدالة والتقدم والتسامح والكرامة لجميع البشر. وقال: إنّ ''الشراكة بين الولاياتالمتحدة والإسلام ينبغي أن تستند على جوهر وحقيقة الإسلام''، معتبراً أن التصدي للصور المغلوطة عن الإسلام يُعَدّ جزءاً من مسئوليته كرئيس للولايات المتحدة. وأضاف أنّ خطابه يأتي في وقت يملؤه التوتر بين الولاياتالمتحدة والمسلمين في العالم، مشيراً إلى أن ذلك التوتر تعود جذوره إلى قوى تاريخية تتجاوز النقاش السياسي الحالي. واعتبر أنّ العلاقة بين الإسلام والغرب تتضمن قروناً من التواجد المشترك والتعاون وكذلك الصراع والحروب الدينية، لافتاً إلى أنّ هذا التوتر تمّت تغذيته عبر الاحتلال الذي حال دونَ حصول العديد من المسلمين على الحقوق والفرص فضلاً عن حرب باردة تَمّ النظر خلالها إلى الدول ذات الأغلبية المسلمة باعتبارها توابع دون النظر إلى تطلعاتها أو وضعها في الاعتبار، فضلاً عن تغيّر كاسح بسبب الحداثة والعولمة أدّى إلى أن ينظر العديد من المسلمين إلى الغرب على اعتبار أنّه معادٍ لعادات وتقاليد الإسلام''. ورأى أوباما أنّ جماعات التشدد المائلة للعنف قامت باستغلال هذه التوترات لدى أقلية من المسلمين ومن ثَم فإن هجمات سبتمبر عام 2001والجهود المتواصلة لهؤلاء المتشددين للانخراط في أعمال عنف ضد المدنيين أدّت إلى أن يرى بعض الأمريكيين الإسلام كدين عدواني ليس فقط لأمريكا بل للدول الغربية ولحقوق الإنسان أيضاً. وقال: إنه طالما ظلّت الخلافات هي الجانب الأبرز في العلاقة بين الولاياتالمتحدة والمسلمين فإنّ ذلك من شأنه أن يزيد من الكراهية أكثر من السلام وأن ينشر الصراع بدلاً من التعاون الذي من المأمول أن يؤدي إلى تحقيق العدالة والرخاء للشعوب. وأقرّ أوباما بصعوبة حدوث التغيير في العلاقة بين الولاياتالمتحدة والمسلمين بين عشيةٍ وضحاها أو أن يقضي خطاب واحد على سنوات من انعدام الثقة مشدداً على أنّ لديه قناعة بأن التحرُّك قدمًا إلى الأمام يحتم الحديث بصراحة عما في القلوب وما يتم الحديث عنه فقط خلف الأبواب المغلقة مع بذل جهود متواصلة للإنصات والتعلم والاحترام والسعي لأرضية مشتركة. واستعرض أوباما تجربته الشخصية باعتباره نصرانياً من أب ينتمي إلى أسرة كينية ضمّت أجيالاً من المسلمين فضلاً عن قضائه سنوات من طفولته في إندونيسيا وسماعه للأذان في كل يوم وكذلك عمله في شيكاغو مع العديد من المسلمين كما استعرض مساهمات الإسلام في الحضارة البشرية والنهضة الأوروبية وكذلك مساهمات المسلمين في الولاياتالمتحدة. وأكّد على ضرورة العمل المشترك بين الولاياتالمتحدة والدول المسلمة لاسيما في أفغانستان التي اعتبر أنها تظهر الحاجة لهذا العمل المشترك. وأكّد أوباما أنّ مهمته الأولى هي حماية حياة الأمريكيين قائلاً: ''مهمتي الأولى هي حفظ أمن الأمريكيين كوني رئيساً''، مشيراً إلى أن أيّ نظام في العالم يحاول أن يمحو نظاماً آخر سوف يخسر. وقال: إنّ أمريكا لن تكون أبداً في حرب ضدّ الإسلام لكنّها ستواجه التشدد. وحول الوجود الأمريكي في أفغانستان قال أوباما خلال خطابه في جامعة القاهرة: ''نحن لا نسعَى لوجود عسكري في أفغانستان، ولكن يجب إكمال المواجهة ضدّ المتطرفين''. وعن غزو العراق، قال أوباما: إنّ ''الحرب في العراق كانت خياراً والشعب العراقي أفضل من دون نظام صدام حسين.. ونحن لا نسعَى لإقامة قواعد في العراق''، مجدّداً تأكيده على أن أمريكا ستسحب قواتها حسب الجدول الزمني المعلن. كما أكّد أوباما أن إداراته قرّرت إغلاق معتقل غوانتانامو بحلول العام المقبل سعياً لإزالة حالة الكراهية بين المسلمين والولاياتالمتحدة. وحول العلاقة المتميزة بين الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني قال: ''لا يمكن أن ننكر روابط أمريكا الخاصة بإسرائيل، لكن ذلك لن يمنعنا من إنكار معاناة الشعب الفلسطيني''. وأضاف: إن ''تهديد إسرائيل بتدميرها خطأ، لكن الفلسطينيين هجروا من أرضهم ولم يصلوا إلى السلام ونحن ندعم الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم.. وعلى الشعب الفلسطيني أن يتخلّى عن العنف''. وشدّد على أن الولاياتالمتحدة لن تتخلى عن حق الفلسطينيين بالعيش بكرامة والحل الوحيد هو حل الدولتين. وطالب حماس بالتخلي عن العنف، وقال: ''على حماس أن تدرك أن عليها مسؤولية في توحيد الفلسطينيين ويجب أن تتخلّى عن العنف، والاعتراف بحق إسرائيل بالوجود. وتعهّد أوباما بالالتزام بالسعي إلى حل الدولتين، وقال: على الفلسطينيين والإسرائيليين الوفاء بالتزاماتهم.. ولا نقبل باستمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي. أما إسرائيل فطالبها بالسماح للفلسطينيين بتطوير مجتمعهم، ووقف بناء المستوطنات وأن تقر بحق الفلسطينيين في الوجود، مشيراً إلى أنّ إسرائيل يجب أن ترقى إلى مسؤولياتها لتضمن للفلسطينيين أمنهم، مؤكّداً أن العلاقات الأمريكية والإسرائيلية قوية وغير قابلة للانكسار. وحول النشاط النووي الإيراني قال: إنّنا ''نقف اليوم في مواجهة ضد سباق التسلح النووي الذي قد يؤدي إلى خطر على العالم''. وأضاف: ''إيران تستطيع أن تستخدم القوة النووية ضمن الاتفاق الدولي لاستخدام النووي.. ونريد التقدم مع إيران دون شروط مسبقة وعلى أساس الاحترام المتبادل''.