لم يكن أحد من الحاضرين بجلسة محكمة الحراش، نهاية الأسبوع، يتوقع أن الخطوات المتثاقلة لعجوز تجاوزت الستين للوصول إلى القاضية ستكشف عن معاناة مريرة ظلت غامضة والحقيقة فيها تشوبها الشكوك، حيث إن الوالدة التي مثلت رفقة ابنتيها وجها لوجه ضد إخوتها أكدت أن ابنها الأكبر كان سبب طردها وابنتيها من مزلها العائلي الذي باتت العودة إليه حسب تصريحاتها شبه مستحيلة بعد أن كسر ابنها قلبها كيف لا وقد بلغ به العقوق درجة تهديدها بالقتل ذبحا بقوله ”أذبحك وتعومي في دمك” هي العبارة التي رددتها الوالدة المسنة بحرقة شديدة وهي تسرد للقاضية كيف عاقبتها الأيام بعد طلاقها من زوجها، ومعاناتها مع تربية أبنائها لتجد نفسها في نهاية المطاف مشردة لدى جيران بحيها في براقي احتضونها بعد أن رمى بها فلذة كبدها· عمق الجراح لم يسعه الوقت الذي منحته القاضية لمناقشة الملف، حيث استرسلت الضحية لكنها لم تكن قادرة على التعبير عن حجم المعاناة واكتفت بالدموع، غير أن الابن ”ب·سليم” الذي رغم اعترافه بتهديد والدته نفى طردها وأكد أنها هي من اختارت الخروج بمحض إرادتها، بعد إقدامه على طرد شقيقتيه اعتراضا منه على سوء أخلاقهما، وأنه كان هو الأب الذي رعى أشقاءه بعد طلاق والديه، غير أنه حاول جاهدا أن تكونا على سيرة حسنة لكنهما انفلتتا الأمر الذي لم يتقبله خاصة أنه كان المعيل للعائلة، وطالب باحترامه واحترام العائلة لكن شقيقتيه حسب ما ذكر ضربا بهذا الاحترام عرض الحائط، وحاولتا التمادي في سيرتهما اللاأخلاقية وهوما رفضه، فقام بطردهما نافيا التهديد المتابع به أوالاعتداء عليهن· وكانت تصريحاته بمثابة صب الزيت على النار حيث انتقضت الشقيتان على الاتهمات الموجهة إليهما في أخلاقهما، وفندتا كل ما قيل وأكدتا أنهما بسببه مشردتان لدى جيرانهما، ولوكان بمثابة الأب لما سمح بذلك·ئ القضاية عقبت على القضية مستاءة مما وصل إليه حال الأسر الجزائرية من انحلال وتفكك، وانتقدت بشدة تهديد الابن لوالدته الأمر الذي دفعه لطلب العفومنها علنا وهوما رفضته· أما وكيل الجمهورية فالتمس عقوبة 3 سنوات في حق الشقيق سليم، فيما عرض على العائلة رفع دعوى لدى شؤون الأسرة من أجل قضية العودة إلى المنزل·