أكثر من نصف قوائم المرشحين تضم أسماء موظفين في قطاع التعليم يبدو أن حمى التنافس بين الطامعين للظفر بمقعد نيابة في قصر زيغوت يوسف، لم تقتصر على التشكيلات السياسية والحزبية وحدها، بل طالت أيضا قطاعات أخرى في المجتمع يفترض أن تكون بمنأى عن هكذا سباق. فقطاع التربية الذي يعاني أصلا من جملة تراكمات خلفتها التجاذبات الحاصلة بين الوزارة والنقابات المستقلة، إلى جانب ما سببته الاضطرابات الجوية الأخيرة في انقطاع الدراسة وبالتالي تأخر التلاميذ في تلقي دروس المقرر، زادته حمى الانتخابات التشريعية المقررة في 10 ماي المقبل تأزما بسبب الهجرة الجماعية من مسؤولي مديريات التربية ومدراء وأساتذة المدارس لمناصبهم وانشغالهم بمجريات الترشح والحملة الانتخابية كما هو حاصل في غالبية ولايات الوطن. مدير التربية مشغول: عن «التربية» في آخر ولاية من حيث نتائج البكالويا.. تعكس «هرولة» شريحة كبيرة من عمال قطاع التربية، أساتذة، معلمين ومدراء بالخصوص، لتبوؤ قوائم الأحزاب بولاية الجلفة، الحالة المتردية لقطاع التعليم على العموم، حيث تأتي مصلحة التلميذ في ترتيب آخر، لا علاقة له بترتيب قوائم التشريعيات، وحسب العديد من أهل القطاع، ممن تحدثوا ل «البلاد»، فإنه في السابق كانوا يسمعون، عن وجود نشاطات موازية لنشاط التعليم يقودها بعض المعلمين والأساتذة كحال التجارة، مما كان له تأثير سلبي على تقديم الدروس داخل حجرات الدراسة، زيادة على إدخال التدريس بحد ذاته إلى التجارة من خلال الدروس الخصوصية التي أضحت بديلا عن المدرسة، إلا أنهم تفاجأوا منذ مدة باكتساح معلمين وأساتذة لقوائم التشريعيات في أحزاب معروفة وأخرى مجهرية، مما جعل العديد من المؤسسات التعليمة، خاوية على عروشها، ونحن على بعد مرمى من امتحانات نهاية السنة. ويؤكد محدثون ل «البلاد»، أن هذه «الهرولة» نحو الترشح، تعكس تدني مستوى التعليم بالولاية، خاصة أن حمى التشريعيات مست كل الأطوار التعليمة بدون استثناء، بما في ذلك مدير التربية الذي ترأس حركة الوفاق الوطني في ولاية سوق أهراس. وقد تقدم مترشحو قطاع التعليم بالجلفة في تشريعيات 2012، بطلبات انتداب جماعية لمديرية التربية، والأكثر إثارة في القضية، أن العديد من الأساتذة والمعلمين، كان هدفهم الأول لدخول الانتخابات، ليس خوض التشريعيات، لكن الهدف الحقيقي والمخفي هو الهروب من التعليم وربح أيام من أجل «التفرغ» لنشاطات أخرى كالتجارة التي أضحت تستهوي أهل القطاع بشكل لافت جدا، وقال متحدث باسم المكتب الولائي لنقابة «أس أن تي يو» بالجلفة، إنه منذ البداية تمت الإشارة إلى هذه القضية، وإنه من موقعه كمدافع عن مصلحة التلاميذ، رفض منح الانتداب لعمال القطاع، بمبرر الانتخابات التشريعية، مؤكدا أن التلاميذ الآن يدفعون ثمن «تخلي» المعلمين والأساتذة عن مهامهم بصفة مقننة، وأن هذا «الانتداب» الجماعي لعمال القطاع، أضحى يهدد بنتائج كارثية أخرى مثلما حدث في المواسم الماضية وسينسف أي مجهود أوإصلاح. تلاميذ يحالون على العطلة الإجبارية بسبب جنون النيابة في السياق ذاته، حملت العديد من قوائم المترشحين الذين دخلوا سباق التشريعيات المقبلة بولاية الأغواط، رزنامة كبيرة من الأسماء المحسوبة على قطاع التعليم من أساتذة ومدراء ومراقبين، الأمر الذي ترك الأولياء بالعديد من بلديات الولاية يعبرون عن اندهاشهم العميق من إحالة أبنائهم على عطلة إجبارية ويتساءلون عن مصيرهم المجهول الذي قد يعصف بمشوراهم الدراسي. وحسب آراء بعض ممثلي جمعيات أولياء التلاميذ الذين استجوبتهم «البلاد»، فإنه من غير المعقول أن تتبخر كل المساعي المبذولة في انتشال الولاية من شبح الرتبة الأخيرة وطنيا التي سجلتها خلال العام الفارط في شهادة البكالوريا، وذلك أمام تدفق العشرات من الأساتذة في اللهث وراء التفويضات التي تمكنهم من الدخول إلى المعترك السياسي سواء ضمن قوائم التشكيلات السياسية أو الأحرار بما في ذلك نشاط اللجان المكلفة بمراقبة الانتخابات. كما حذر البعض الأخر من العواقب الوخيمة التي ستترتب على غياب الأساتذة طيلة فترة الانتخابات وما لذلك من انعكاسات سلبية على المردود الدراسي للتلاميذ المطالبين بمحو انتكاسة العام الفارط التي أصبحت حديث العام والخاص كلما اقتربنا من موعد الامتحانات. كما لم يتردد رؤساء جمعيات أولياء التلاميذ من توجيه أصابع الاتهام إلى الجهات الوصية بالحكومة لاختيارها الوقت غير المناسب لإجراء الانتخابات التي جاءت في مرحلة يرونها مصيرية وحساسة قد يروح ضحيتها التلاميذ بالدرجة الأولى . وكان الأجدر بها حسب الناقمين من هذه الوضعية أن تفكر في مصلحة المتمدرسين على الأقل أولئك الذين هم بحاجة ماسة إلى تلقين الدروس خاصة ونحن نعيش مرحلة العد التنازلي من اقتراب موعد امتحانات شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا. الأولياء متخوفون.. والأساتذة يردون «ليست أول مرة»! لم يقف رجال التعليم بولاية باتنة خلال الأيام القليلة الماضية موقف المتفرج على حراك التحضير للانتخابات التشريعية المقبلة والسعي وراء حجز اسم في قائمة انتخابية حرة أو الانضواء تحت لواء التشكيلات الحزبية سيما المعتمدة مؤخرا، حيث أكدت معلومات موثوقة أن العشرات من الأساتذة في مختلف الأطوار التعليمية رشحوا أنفسهم للانتخابات، وتضمنت قوائم المترشحين التي أودعت لدى مديرية التنظيم والشؤون العامة بولاية باتنة كثيرا من أسماء المشتغلين في حقل التعليم كأساتذة أو مستشارين أو إداريين، وإن كان الكثيرون لا يرون في الأمر أي جديد باعتبار أن الأساتذة كثيرا ما يقحمون أنفسهم في المعترك السياسي، لأسباب مختلفة ظاهرها البحث عن واقع أفضل بحكم أن واقع التعليم أصبح متعبا للكثيرين وهو ما عبرت عنه الحركات الاحتجاجية التي ترفع هنا وهناك من قبل الأساتذة الساعين لتحقيق مطالب مهنية واجتماعية، وأن الفوز في الاستحقاقات الانتخابية يمكن أن يغنيهم عن الاحتجاج، بل ويغير موقعهم من مشتكين إلى مشتكى لهم. ولا يرى الكثيرون في هذا السياق أن الأستاذ الفائز في الانتخابات سيسعى من موقعه بالضرورة إلى تغيير واقع زملائه إلى الأفضل، وفي كل الحالات هناك إجماع أن التلميذ هوالرقم المفقود في معادلة الأستاذ والانتخابات، حيث لم يخف الأولياء طلبة الأقسام النهائية تحديدا تخوفهم من التأثير السلبي لانشغال رجال التعليم بالانتخابات على حساب وظيفتهم الأساسية السامية، وهناك من طالب أن يحاط ترشح الأستاذ بإجراءات وتدابير صارمة تحفظ حق التلميذ بالدرجة الأولى، وتجنب المؤسسات التعليمية العجز في التأطير، وفي اتصال ل «البلاد» بمديرية التربية بباتنة أكد مسؤول خلية الإعلام والصحافة أنه فعلا هناك تأثيرات سلبية على سير الدروس بسبب التفويضات التي تمنحها الأحزاب للأساتذة المناضلين من أجل الاشتغال بالأنشطة الحزبية في وقت يفترض فيه تواجدهم داخل الأقسام، مع الإشارة إلى أن مشكل التأطير يعد أساسيا في الكثير من المؤسسات التعليمية، وقد بلغت ظاهرة الاستخلاف نسبة 75 بالمائة في بعض مؤسسات الولاية، ما أدى إلى تدهور نتائج البكالوريا بالولاية خلال السنوات الأخيرة التي احتلت فيها المراتب الأخيرة ، وقد حرك ذلك لجانا ولائية ووطنية للتحقيق في سلبية النتائج رغم الإمكانيات الكبيرة من حيث الهياكل والمبالغ الضخمة المرصودة للقطاع، وعلى الرغم من المناصب المالية المفتوحة من سنة إلى أخرى. الاستخلاف.. حل ترقيعي لمواجهة طوفان الترشيحات أوقعت ظاهرة الانتدابات والتفويضات لعمال قطاع التربية لا سيما الأساتذة منهم، إحراجا كبيرا لقطاع التربية بولاية المدية الذي وجد نفسه مضطرا للاستخلاف تداركا للشغور الذي أفرزته الساحة السياسية والذي أثر بشكل أكبر على قطاع التربية سيما مع بداية العد التنازلي للامتحانات الرسمية التي تزامن دق طبولها وأبواق الانتخابات التشريعية، وسط ترشح كبير لعمال القطاع حيث ملأت أسماؤهم القوائم الانتخابية فيما استعين بالكثير منهم ضمن اللجنة الولائية لمراقبة الانتخابات وفروعها، فضلا عن تفويضات الأحزاب السياسية. واستغلت العديد من الأحزاب السياسية المعلمين والأساتذة الذين يحظون بشعبية وسط تلاميذهم وأوليائهم لتكوين قاعدتهم الانتخابية بأصوات تربوية وسط تحفظات الشارع اللمداني الذي يرى أن المعلم برلماني في قسمه وفقط. كحال معلمي وأساتذة دائرة قصر البخاري الذين اجتاحوا بامتياز القوائم الانتخابية. ليخلفوا وراءهم على غرار باقي دوائر الولاية أقساما خاوية على عروشها وسط تذمر الأولياء وابنائهم لاسيما المتمدرسين بالأقسام النهائية. لتقع مديرية التربية بين مطرقة تنفيذ التعليمة الوزارية رقم 268 والمتضمنة تسهيل عمل المستخدمين المعنيين بعضويتهم في اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات وفروعها مع الإبقاء على مرتباتهم والمزايا القانونية والتعاقدية وسندان حالة الشغور الرهيب لدى التأطير الإداري والتربوي. يحدث هذا في الوقت الذي بلغ فيها تعداد المنتدبين في بلدية بني سليمان حوالي 10 أساتذة في الطور الثانوي أغلبهم يشرفون على الأقسام النهائية. وكحل أولي لجأت مديرية التربية لتعويض أساتذة الأقسام النهائية بأساتذة مرسمين بينما غطت باقي أقسام السنوات الدراسية بالاستخلاف في انتظار تعليمة وزارية يتوقع أن ترسلها الوصاية لتغطية المستحقات المالية للمستخلفين.