بعضهم تعرض للاعتداء والسب.. وآخرون استقبلوا بالاحتجاج والتصفير كشفت الحملة الانتخابية لسباق برلمانيات 2012، عن حجم الغضب الدفين الذي يكنه بعض الشباب لقيادات الأحزاب السياسية في الجزائر، والتي يحملها هؤلاء مسؤولية ما يتخبطون فيه من وضعية حرجة، رغم كل الإمكانيات التي سخرتها الدولة في السنوات الأخيرة للتكفل بانشغالات هذه الشريحة الواسعة ضمن مكونات المجتمع. كما أن بعضها الآخر يرتبط بمواقف إيديولوجية وسياسية تجاه بعض الأحزاب. وقد تجسد هذا الاستياء العريض من الرموز الحزبية عبر سلسلة من الأحداث المتوالية التي شهدتها جولات هؤلاء في بعض الولايات، على غرار عنابة والبويرة والأغواطوالمدية وتيزي وزو، حيث تمت مقابلة تلك القيادات بالحجارة وقارورات المياه والتشويش وحتى العزوف والإعراض عن حضور تجمعاتها الشعبية. وقد سجلت الحملة الانتخابية في أسبوعها الأول، تعرض موكب قادة أحزاب «تكتل الجزائر الخضراء» لمحاولة اعتداء من طرف شباب غاضب في حي سيدي سالم الشعبي بمدينة عنابة، الذين قاموا بشتمهم ورميهم بمختلف المقذوفات، تعبيرا عن عدم رضاهم عن أداء بعض نواب أحزاب التكتل في العهدة المنقضية، حيث تدخلت قوات الأمن المرافقة لوفد التكتل لتفريق الشباب الغاضب في سيدي سالم، وسحب الوفد الذي كان على رأسه أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم وفاتح ربيعي، رئيس حركة النهضة وحملاوي عكوشي، رئيس حركة الإصلاح وبعض البرلمانيين المنتهية عهدتهم، تحت حراسة أمنية كثيفة. وقد تكرر ذات المشهد الغريب، في إطار جولة جوارية إلى قصر البخاري جنوبي المدية، حين انهال شباب غاضبون رشقا بالحجارة والتعنيف اللفظي، مستهدفين قادة التكتل بالصراخ في وجوههم «ارحلوا»، ولولا تدخل أعوان الأمن لإجلاء الموكب لحدث ما لا يحمد عقباه. كما تعرضت الأمينة العامة لحزب العمال إلى محاولة اعتداء بفعل الشغب الذي عرفه تجمعها بدار الثقافة بتيزي وزو، حيث قامت مجموعة من الشباب بالتشويش على لويزة حنون، متهمين إياها ب« التخندق في صف النظام»، وقد دخلت الأمينة العامة لحزب العمال ساحة دار الثقافة بموكب أشبه بمواكب الوزراء، ودقائق بعد بداية الخطاب بدأ شبان يرددون شعارات رافضة للخطاب، خصوصا وأن الأمينة العامة استهلت حديثها بالتهجم على أنصار دعاة الحكم الذاتي، وقد وصل الأمر حد الاشتباك بالأيدي بعد تدخل المنظمين الذين عجزوا عن إعادة النظام إلى القاعة، مما اضطر أعوان الشرطة للتدخل وإخراج مجموعة من الشباب، في حين تم قطع الكهرباء عن القاعة التي عقدت فيها تجمعها الشعبي لمدة تجاوزت الساعة. كما لم يسلم الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، هو الآخر من سيناريو مشابه تماما لما وقعت فيه نظيرته حنون، حيث هاجم شباب تجمعه بولاية البويرة، مرددين شعارات موالية للمطالب الأمازيغية التي خذلها أحمد أويحيى، حسب زعمهم، رغم كونه من أصول أمازيغية. أما عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، فقد اضطر إلى إلغاء تجمعه بمدينة الأغواط، بعد الإعلان عنه عبر الملصقات الإشهارية، ورغم بلوغه مدخل المدينة، إلا أنه تراجع في آخر لحظة عن عقد التجمع، بعدما أبلغه المنظمون أن عدد الحاضرين لا يتجاوز العشرات، رغم كون المنطقة تعرف بطابعها المحافظ وميولاتها الإسلامية. وإذا كان البعض قد أدرج مثل هذه التصرفات ضمن خانة الغضب وعدم الرضا الذي يلاحق تلك الزعامات، فإن ثمة من له تفسير مخالف، إذ يوعز تلك الوقائع المذكورة إلى أعمال مفتعلة من طرف المنافسين، بعد استئجار ما يوصفون ب «البلطجية» والمرتزقة على حد وصفهم، من أجل الإساءة إلى بعض الأحزاب التي أصبحت تهدد عروشهم السياسية، مع تضاؤل فرص التزوير في موعد 10 ماي المقبل، يضيف هؤلاء الضحايا.