تشهد أروقة مختلف المحاكم الإدارية أو الجنح على المستوى الوطني حالة استنفار قصوى وضغطا غير مسبوق بسبب توافد المواطنين والإقبال الكبير على استخراج شهادات الجنسية وصحيفة السوابق العدلية وكذا تصحيح الخطأ المادي... ، حيث ولد إضراب كتاب الضبط لأزيد من 15 يوما ضغطا شديدا ودفع المواطنين ليحجوا إلى المحاكم خوفا من استئناف الإضراب، حيث أضحى المواطنون يضاعفون من استخراج شهادتهم كاحتياط في حال العودة للإضراب مما ولد حالة من الفوضى والغليان. مئات المواطنين يحاصرون كتاب الضبط في شبابيك الجنسية... و«الكازيي» يعيش أمناء الضبط والعاملون من الأسلاك المشتركة في مختلف المحاكم حالة استنفار قصوى هي من مخلفات إضراب 20 يوما، حيث وجد كتاب الضبط أنفسهم بعد استئناف عملهم أمام ضغوط كبيرة فبعيدا عن الضغوط الإدارية التي يواجهونها مع وكلاء الجمهورية والنيابة، فإن المواطن هو الآخر يشكل عبئا ثقيلا نظرا لتعطل مصالحه طيلة الإضراب،مما جعل حجم المهمة أشد ثقلا على العاملين بمختلف الشبابيك خاصة المتعلقة باستخراج شهادات الجنسية وصحيفة السوابق العدلية التي تعد الأكثر طلبا، حيث ارتفع مستوى الطلب عليها حسب أحد العاملين في الأسلاك المشتركة إلى أبعد الحدود بل وتضاعف بمرتين مقارنة مع الأيام السابقة، إذ تسجل يوميا ما يزيد عن 800 طلب لاستخراج شهادة الجنسية، وبرر أحد العاملين بالشباك هذا التوافد بتخوف المواطنين من عودة كتاب الضبط للإضراب، حيث إن أغلب المواطنين أصبحوا يطالبون باستخراج 3 نسخ في اليوم، وقال محمد وهو شاب خريج الجامعة ويسعى للمشاركة في مسابقة المديرية العامة للأمن الوطني، إنه قدم طلبا لاستخراج 4 جنسيات غير أن القائمين على الشباك رفضوا الأمر وقبلوا بنسختين، وبرر هذا الأمر بأنه سيحتفظ بها كاحتياط لمدة 3 أشهر، في حال حدوث تطورات في قضية أمناء الضبط قائلا «ماناش عارفين واش راح يكون الواحد يدير حسابو»، ومن خلال تنقلنا للفرع بمحكمة الحراش وجدنا طوابير طويلة منذ الصبيحة، حيث يضطر كتاب الضبط إلى تجاوز المدة القانونية في العمل نظرا للتوافد الكبير للمواطنين، مما جعل بعض القائمين على عملية الإمضاء على الشهادة يمددون فترات خروجهم من المحاكم إلى ساعات متأخرة من الدوام، وعقب أحد العاملين بمحكمة سيدي امحمد رفض الكشف عن اسمه بقوله «هكذا وما يقدروش قيمتنا» في إشارة للضغط الذي يتحمله هذه الفئة لكن الوزارة ترفض الاستجابة لمطالبها بتحسين وضعيتهم والمصادقة على القانون الأساسي الخاص بهم. مصلحة استخراج صحيفة السوابق العدلية هي الأخرى تشهد حالة غليان نظرا لتعطل مصالح الكثير من المواطنين في فترة الإضراب، حيث سجلت هذه الأخيرة على مستوى مختلف المحاكم طلبات متزايدة، وقد أكد أحد المواطنين التقيناه بمحكمة الحراش أنه جاء لاستخراج صحيفة السوابق العدلية بعد قراءته في إحدى الصحف عن احتمال عودة كتاب الضبط للإضراب مجددا، مما يعني حسبه تعطل استخراج هذه الشهادة التي تعد صالحة لمدة 3 أشهر، مما يعني أنه يضمن تأمينها في هذه الفترة التي تشهد الإعلان عن عدد من مسابقات التوظيف، وبالتالي فقد عمد لاستخراجها كاحتياط في حال العودة للإضراب. وبلغ الطلب على هذه الصحيفة حسب إحدى العاملات هناك، أزيد من 800 طلب في الآونة الأخيرة بعدما كان يتراوح ما بين 450 إلى 500 صحيفة يوميا بالمحكمة ذاتها. في حين تجاوز الألف طلب يوميا على مستوى محكمة سيدي امحمد، وتعد حالة الغليان التي تشهدها محكمة الحراش وكذا محكمة سيدي امحمد صورة مشتركة لمختلف المحاكم على المستوى الوطني. أخطاء مادية ترهن مصالح المواطنين وتهدد مصير تلاميذ البكالوريا يتحملها موظفو المحكمة وغير بعيد عن شبابيك الجنسية وصحيفة السوابق العدلية فإن مصلحة الحالة المدنية هي الأخرى تعيش على غرار باقي الأيام حالة من الفوضى والغليان، حيث إن هذه المصلحة على مستوى محكمة الحراش تهتم ب 8 بلديات تابعة للمقاطعة الإدارية للحراش وكذا براقي، مما جعلها تستقبل يوما آلاف المواطنين ممن يطالبون بتصحيح ألقابهم أو أسمائهم أو أخطاء موجودة في تاريخ الميلاد، بالإضافة إلى استخراج أحكام تسجيل جده أو تصحيح خطأ موجود في شهادة ميلاد جده. توافد كبير لمسناه خلال جولتنا بهذه الهيئات لاستخراج الوثائق الإدارية التي أضحت تشكل هاجسا كبيرا لهم، خاصة مع استحداث بطاقة التعريف البيومترية وكذا جواز السفر البيوميتري التي تتطلب استخراج وثائق لا تحوي على أخطاء على غرار وثائق شهادة الجنسية التي أصبحت تشكل عائقا كبيرا للمواطنين، وهي مطلوبة في هذين الملفين، كما أنها مطلوبة في ملفات الترشح لمسابقات التوظيف... ويعتبر الخطأ المادي مسؤولية البلدية حسب موظف بالمصلحة على مستوى محكمة الحراش لكن المحكمة هي التي تتحمل هذا العبء، فضلا عن الأخطاء المرتكبة لدى مصالح المؤسسات الاستشفائية عند تسجيل المواليد الجدد من قبل الكتاب، أو من طرف أعوان المكاتب من الشباب في إطار الشبكة الاجتماعية، حيث إن هذه الأخطاء حرمت الكثيرين من استخراج وثائقهم سواء ما تعلق بالجنسية التي يجد فيها المواطنون الكثير من الصعوبات في حال وجود خطأ مادي في اللقب أو الاسم خاصة أن تصحيح لقب الجد يعد من أكبر العراقيل نظرا للوثائق التي يتطلبها، إذ إن أغلب الأجداد مولودون في زمن الاستعمار وهم إما غير مسجلين في دفاتر الحالة المدنية أو أنهم مسجلون لكن بها أخطاء سواء في الأسماء أو في تاريخ الميلاد، لذا يتطلب على المواطن التقدم إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة بطلب تسجيل جده أو تصحيح خطأ موجود في شهادة ميلاد جده، الأمر الذي يحول دون حصوله على شهادة الجنسية إلا بعد تصحيح الخطأ. وحسب المتحدث ذاته، فإن تصحيح الأخطاء المادية يتطلب ملفا كاملا ويستغرق الأمر حوالي أسبوعين وأحيانا 20 يوما في حال تراكم الملفات. كما هو الحال هذه الأيام نظرا للإضراب الذي شنه أمناء الضبط الشهر الماضي، حيث تعطلت مصالح الكثير من المواطنين الذين باتوا يحجون بشكل غير مسبوق لمصلحة الحال المدنية وباقي المصالح من أجل تصحيح وثائقهم أو استخراجها. وصادفنا خلال تواجدنا هناك أحد المواطنين قدم لتصحيح شهادة ميلاد ابنه المقبل على شهادة البكالوريا، حيث إن مصيره ظل معلقا طيلة الإضراب وانتابه تخوف كبير حسب والده من عدم تمكنه من استخراج شهادة الميلاد المدرجة ضمن ملف بطاقة التعريف الوطنية التي لا يمكنه أن يجتاز امتحان البكالوريا دونها، وهذا ما جعله يعيش ضغطا آخر غير ضغط الدراسة، غير أن والده اعترف بأن العائلة تتحمل كامل المسؤولية لتأخير استخراج وثيقة بمثل هذه الأهمية في امتحان مصيري. كما وجدنا التلميذة حنان تعاني من المشلكة نفسها، حيث إن هذه الأخيرة بدت محتارة على مصيرها في حال عدم تمكنها من تجديد بطاقة التعريف الوطنية في الأجال المحددة قبل شهادة البكالوريا، إذ قدمت طلبا لاستخراج شهادة الجنسية، وقالت إن الإضراب حال دون تجديدها في وقت سابق. وإن كان ضغط الطلبات يشكل هاجسا لدى موظفي قطاع العدالة من كتاب الضبط والأسلاك المشتركة العاملين على مستوى مختلف المصالح، فإن المناوشات الكلامية تعد هي الأخرى صورة من يوميات هذه الشريحة التي ما تزال تصارع من اجل تحصيل حقوها من وزارة العدل، لم تنجح لحد الساعة في إنصاف هذه الفئة ومنحها حقوقا مشروعة، حسبها، تعيد لها كرامتها في ظل كل هذه الضغوطات التي يواجهونها.