[السيارات] بين التجارة المربحة .. وتبييض الأموال سوق السيارات في الجزائر أكبر سوق في القارة السمراء بأكثر من 300.000 وحدة سوقت في 2011، هو ظاهرة اقتصادية عالمية بكل استحقاق قد يعجز أبرع فقهاء الاقتصاد عن تفسيرها، ففي وقت تشهد مختلف الأسواق العالمية تراجعا مستمرا يبقى السوق الجزائري الوحيد في هذا الكوكب الذي يعرف هذا النمو المستمر بالرغم من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية ووقف القرض الموجه لاقتناء سيارة والرسوم المطبقة منذ 2008 بهدف تنظيم السوق. سجل خلال الثلاثي الأول ل 2012 ارتفاع نسبة استيراد السيارات بالجزائر بحوالي 17 بالمائة، ما يعادل 102.720 سيارة استوردت خلال هذه الفترة مقابل 87962 سيارة خلال الفترة نفسها من سنة 2011، بنسبة ارتفاع قدرت ب 16.78 بالمائة. واستنادا إلى الأرقام المؤقتة التي قدمها المركز الوطني للإعلام والإحصاء، فإن فاتورة استيراد السيارات ارتفعت من 80.40 مليار دج خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2011 إلى 97 مليار دج خلال الفترة نفسها من هذه السنة. غير أن هذا الارتفاع في نسبة الاستيراد، لم يغير من واقع حال المواطن أمام قاعدة العرض والطلب التي لا يمكن تفسيرها إلا ببلادنا، ففي وقت لا يجد المواطن سيارة عند الوكيل إلا بعد أشهر من طلبه لها، تكتظ الأسواق الأسبوعية بالنماذج الجديدة على مختلف أنواعها وأسمائها. القانون حدد أجال التسليم في 45 يوما، والوكلاء جعلوها أكثر من سنة فهذه الأرقام المسجلة كل سنة عن نمو كبير لسوق السيارات بالجزائر والموحية إلى شغف الجزائريين بالسيارات الجديدة، وهي حقيقة مطلقة يعرفها كل واحد منا، تخفي وراء ظلالها حقيقة ليست بجديدة على الكثيرين، فالعلاقة بين الزبون والوكلاء لم تعد أبدا كما كانت، نتيجة التضارب الكبير بين أجال التسليم على عقود البيع، والآجال على أرض الواقع، فقواعد الممارسة التجارية لوكلاء السيارات التي تنص على 45 يوما كمدة تسليم المركبة لصاحبها، ما هي إلا حبر على ورق، فالمواطن أصبح مجبرا على الانتظار لأكثر من ستة أشهر، وأحيانا لأكثر من سنة لكي ينعم بسيارة جديدة، رغم أن القوانين واضحة وصريحة، حيث يشترط المرسوم التنفيذي المنشور في الجريدة الرسمية رقم 78 في جانفي 2008 على وكلاء تسويق السيارات الجديدة أن تكون جميع السيارات التي يتم تسويقها في الجزائر مطابقة لمقاييس الأمن وحماية البيئة وألا يتجاوز أجال تسليم السيارة المطلوبة 45 يوما، إلا أن قواعد جديدة في المضاربة قلبت عرش المواطن ليتدحرج من مقام الملك إلى مملوك مساق. شكوى المواطنين لا تنتهي… والوزارة في سبات عميق فمن خلال مراسلات تحصلنا عليها، يظهر مدى تذمر الزبون الجزائري من الحالة التي آل إليها تعامل وكلاء السيارات معهم. فجمعية حماية المستهلك تستقبل يوميا العديد من مراسلات وشكاوى المواطنين حول التأخير الكبير الذي يتعمده ممثلو العلامات ببلادنا لتسليم المركبات، فهناك أزيد من 1000 شخص قدموا شكاوى رفعتها الجمعية إلى الوزارة التي لا تزال في سبات عميق لتدارك هذا المشكل وحل أزمة المواطن الجزائري الذي لا يسعى إلا لاقتناء سيارة بأموال ادخرها لسنوات عديدة. الشكارة والبزنسة، معادلة ثقيلة في سوق السيارات بالجزائر هذه الحالة التي آل إليها الزبون الجزائري، يرجعها الكثيرون إلى قيام السلطات بوقف القروض الاستهلاكية بما فيها قروض شراء السيارات ومنع استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، بعد أن رأت فيها الحكومة الجزائرية حلا لوقف مد المبيعات غير المسبوق ببلادنا، إلا أن العكس كان سيد القرار، فالأرقام أشارت سنة بعد أخرى إلى نمو هائل لأرقام المبيعات، لتحطم سنة 2011 رقما قياسيا بأكثر من 300 ألف سيارة مسوقة. وإن كانت هذه الأرقام في ظاهرها الاقتصادي تنم عن ازدهار هذا القطاع، فباطنها الاجتماعي يخفي في طياته حقيقة تؤرق المواطن الجزائري، فواقع السوق خلق معادلة جديدة توسطت معادلة الوكيل والزبون، كان نتاجها ظهور طبقة الشكارة في سوقنا الوطني يسميها جميعنا «البزناسية»، فقد أضحوا اليوم أمراء السوق بلا منازع وأصبح هؤلاء التجار الأكثر تفضيلا لدى ممثلي العلامات، وضربوا مصلحة المواطن عرض الحائط وهو الذي أصبح يبحث عن «المعريفة» لاقتناء سيارة جديدة، أمام سطوة سماسرة السيارات، فاليوم سواء كانت العلامة فرنسية، ألمانية، يابانية أو كورية، فتأكد أنك لن تحصل على سيارة في أقل من ستة أشهر. وإن أردت الواقع، فاسأل من سعى لشراء سيارة جديدة فإنه سيأتيك باليقين، على غرار «محمد.ك» الذي دخل إلى قاعة المحكمة مع ممثل لعلامة فرنسية، بعد أن رمي بطعونه لدى العلامة الفرنسية في درج اللامبالاة، حيث لم يتسلم سيارته رغم مرور أكثر من ستة أشهر من شرائه لها، وتكرار سيناريو «ارتفاع الطلب مدد تاريخ التسليم». وأكد في حديثه لنا أن شخصا ممن له دخلات في رونو، اقترح عليه بعد توقيعه عقد البيع مبلغ 10 ملايين سنتيم للحصول على السيارة في مدة أسبوع فقط، إلا أن رفضه جعله لا يتسلم السيارة إلى بعد أمد بعيد، بل إنه قام ببيعها مباشرة لأنه «كره السيارة» ولم يتوقف عن الحديث عن البزناسية، باعتبارهم أصبحوا يمثلون الأولوية لوكلاء السيارات. وهو حال «أمين.ز» الذي انتظر لسبعة أشهر للحصول على سيارته، رغم أن العلامة أكدت له تسلم سيارته بعد شهر من انقضاء صالون الجزائر للسيارات، لكن كما قال «واش إيدير الميت في يد غسالو». هذا لا يقل أهمية عن قصة (ع محمد نور الدين) الذي تقدم في 24 مارس الماضي إلى أحد ممثلي علامة فرنسية بالبليدة لاقتناء سيارة متوسطة، وبعد إقناعه باقتناء موديل محدد أغلى من الموديل المقصود على أساس تسليمه في أجال لا تتعدى ال25 يوما، الأمر الذي جعله يبيع سيارته القديمة لدفع ثمن هذا الموديل، لكن نور الدين لم يتسلم سيارته كما كان ينتظر، ما أزم وضعه خاصة أن طبيعة عمله كمحافظ حسابات تتطلب تنقله باستمرار، ما جعله يلجأ إلى القيام بعدة مراسلات تحصلنا على نسخ منها، كانت آخرها في 27 ماي المنصرم، التي تقدم بها إلى المدير العام للشركة الفرنسية، طالبا من خلالها تسليمه سيارته مع تعويضه عن الأضرار الكبيرة التي تسبب فيها الوكيل المعتمد للعلامة، وهو ما اعتبره خديعة بطريقة محترفة. البارونات الجدد آمرون وناهون في سوق السيارات فمحمد ، أمين، وجمال ليسوا الوحيدين الذين عانوا من طول الانتظار وسطوة البزناسي وأصحاب الشكارة، فكثيرون عاشوا مثل هذه الظروف، ف (جهيد.م) حدثنا عن شخص ميسور الحال معروف في مدينة برج الكيفان، يقوم بشراء 50 سيارة شهريا، من مختلف الأنواع لعلامة ألمانية فاخرة مع الحصول على تخفيضات تصل إلى 700 ألف دينار، ثم يقوم بإعادة بيعها ويدفع عمولة لأحد معاونيه من داخل مكاتب العلامة، تصل إلى 200 ألف دينار، والغريب أنه حين يتقدم زبائن لممثلي العلامة الألمانية يتم توجيههم نحو هذا «البزناسي»، مؤكدين لهم أنه أحد الباعة المعتمدين لديهم، غير أنهم يتفاجأون بإعادة بيعه السيارات بأسعار مرتفعة نوعا ما عن الأسعار المقترحة لدى الشركة الألمانية الراقية. فهذه المعطيات تفسّر مشكلة آجال تسليم السيارات للزبائن العاديين، التي تصل السنة تقريبا، فأغلب السيارات التي يتم استيرادها تتجه نحو السوق بطرق ملتوية، فلا تتعجب إن تم الاتصال بك هاتفيا لإعلامك أن بائعا معتمدا يقوم ببيع السيارات الألمانية ومتوفرة لديه السيارة التي تريد وفي آجال قصيرة بسعر غالبا ما يفوق سعر الممثل الرسمي بعدة ملايين سنتيم، وهذا الوكيل الذي يوجد مقره في بومرداس والعاصمة، يقوم بشراء شهريا ما قيمته 50 مليار سنتيم من مختلف السيارات الألمانية، في مقدمتها السيارات رباعية الدفع، ويدفع الأموال نقدا ويلقى معاملة خاصة من قبل ممثلي الشركات الألمانية في الجزائر وهذا مقابل تخفيضات هامة، في الوقت الذي يجبر الزبون العادي على انتظار أشهر عديدة للحصول على سيارته. وهو ما يجعل الشكوك تحوم لدى الكثيرين حول هؤلاء السماسرة بتبييض الأموال، من خلال شراء سيارات وإعادة بيعها وهذا بتواطؤ مباشر وغير مباشر من قبل وكلاء العلامات. خاصة أن هناك من البزناسية من أسر لنا أن «لديه شركاء يعملون في هذه الوكالات، ويقدمون لهم التسهيلات الكفيلة بتحقيق أكبر نسبة من الربح، ومنها استلام السيارة مباشرة بعد دفع ثمنها دون انتظار». حتى رخص المجاهدين لم تسلم ولتغذية هذه «البزنسة» الجديدة، تلعب رخص شراء السيارات الخاصة بالمجاهدين دورا هاما، خاصة عند اقتناء السيارات الفاخرة، حيث تفوق التخفيضات أحيانا ال 200 مليون سنتيم، ما أدى إلى التهاب سعر هذه الرخصة في السوق، حيث بلغت 35 مليون سنتيم، فكثيرا ما تجدها في إعلانات على الأنترنت أو يقترحها عليك بعض من تعرف، وهو ما يكبد الخزينة العمومية خسائر بمئات الملايير، فأغلب مبيعات السيارات الفاخرة تتم عن طريق رخصة المجاهدين، خاصة أنها تلغي رسوم استيراد السيارات التي يدفعها الوكلاء لتدفعها بدلا عنهم الخزينة العمومية. وهذا ما يطرح سؤال ارتفاع الطلب على السيارات الفاخرة في الجزائر، وظاهرة الأغنياء، ما يؤكد تفشي مختلف الممارسات التي ساهمت في الثروة الفاحشة للبعض، ليبقى الزبون يدفع ثمن ما يحدث عند الوكلاء. تيجلابين، الحراش، واد كنيس.كوم…مساحات عرض خاصة بالبزناسية وأمام معاناة الزبائن في وكالات البيع الخاصة بالعلامات الممثلة في بلادنا، يلجأ الكثير من المواطنين إلى اقتناء سيارات جديدة من السوق الموازية، لكن بأسعار تفوق بكثير سعرها الحقيقي في قاعات عرض الوكالات المعتمدة. فسوق تيجلابين بولاية بومرداس أصبح قبلة كل مواطن لم يجد ضالته لدى وكلاء العلامات، فأول شيء يلفت انتباهك هو العدد الكبير من السيارات الجديدة، من مختلف العلامات والأحجام، على غير العادة في هذه السوق المعروفة لبيع السيارات القديمة والمستعملة، ما قد يجعلك تشك في أن الوكلاء نفسهم من يعرض البضاعة في هذا السوق. تقدمنا من أحد العارضين وسألناه عن سعر سيارته «رونو كليو كومبيس» التي سجل عدادها 180 كلم، فعرض علينا، سعر يفوق سعر ذات السيارة بثلاثة ملايين سنتيم لدى وكيلها الرسمي. وبرر هذه الزيادة في السعر بالقول «هذه الزيادة مقابل عدم الانتظار أكثر من خمسة أشهر، نحن نقدمها لك سيارة جديدة وعلى الفور»، وتكررت ذات العبارة من أغلب الباعة الذين سألناهم في السوق، وأجمع معظم من تحدثنا اليهم: «لقد أصبحت البزنسة في السيارات الجديدة مهنتي، لأن ربحها مضمون، ويعتمد في الأساس على ندرة السيارات في مخازن الوكلاء المعتمدين». وكأن يدا خفية تحكم السوق قصدنا سوق الحراش فتكرر نفس المشهد لسيارات جديدة اصطفت في كل أركان هذا السوق الشعبي الأكثر شهرة في الجزائر، فبعد حالة ركود شبه تامة عاشها هذا السوق قبل سنوات قليلة، وجدناه هذه المرة مزدحما بآلاف الزوار، ولا تكاد أسعار السيارات الجديدة تختلف عن سوق تيجلابين، وكأن هناك هيئة معينة تضع تسعيرة موحدة لمختلف أصناف العلامات، هذا ما خلق حالة تذمر من هؤلاء البزناسية، الذين أضحوا يسيطرون على السوق، ويفرضون منطقهم فيها ويتلاعبون بأسعارها كما يشاءون، فلا خيار الا أن تضع نصيبك بين أيديهم فهم سادة السوق وأمراؤه، وإن أردت غير ذلك فعليك بالصبر، فإنه مفتاح الفرج إن كنت تسعى وراء سيارة جديدة، فبارونات السوق سيطروا على كل شيء في هذه المساحات التي كانت من قبل مقصد الزوالي، وحتى مواقع البيع أصبحت بأسماء البزناسية المتخصص كل واحد منهم في علامة محددة. ستلاحظها بكل تأكيد من خلال تجمعات سيارات جديدة تحمل ترقيم الصفرين ونسيج الحماية الأبيض على غطاء المحرك، بل وأصبح البزناسي هو من يفرض الموضة في السيارات، سواء كان اللون المقترح من الأبيض والذهبي أو أي لون آخر، أو المزايا المقترحة بالسيارة. كما ستصادف نوعا آخر من البزناسية المختصين في استيراد السيارات من الخارج، فتجد نماذج تحمل لوحات ترقيم من فرنسا، ألمانية ودبي، ودائما بمقولة شهيرة «هذه السيارة أفضل بكثير من تلك التي يقدمها الوكلاء، وبالطبع فسعرها يكون أكثر ارتفاعا، وأغلب هؤلاء السماسرة يبزنسون في نماذج فخمة، وسيارات حديثة الطراز لم تدخل بعد إلى سوق الجزائر. واد كنيس.كوم .. خيار جديد للبزناسي وبالتأكيد كان للتطور التكنولوجي لوسائل الاتصال دور في بسط السماسرة هيمنتهم على السوق، حيث طور البزناسية من وسائل الترويج لسياراتهم من خلال السوق الافتراضية على شبكة الانترنت، ويعتبر موقع «واد كنيس.كوم» أشهر المواقع على الشبكة العنكبوتية المتخصص في تقديم إعلانات بيع السيارات في الجزائر، فعند تصفح الإعلانات تتفاجأ بأن معظم السيارات المعروضة جديدة تماما، فالسمسار وجد ضالته في هذا الموقع المجاني، حيث يقوم بصفقات البيع بكل راحة بدل معاناة الأسواق وتكاليفها. خاصة أن شهرة هذا الموقع تعدت كل الحدود، فكل من يسعى إلى بيع أو اقتناء سيارة سيقصد دون تردد هذا الموقع، الذي أصبح يجلب الزبون إليه أكثر من قاعات عرض مختلف العلامات، خاصة أن الحصول على سيارة جديدة في الآجال القانونية أصبح لدى المواطن أمر غير قابل للتصديق، لذا يلجأ الكثيرون لهذا الموقع الالكتروني الذي ستجد كل ما تبحث عنه في عالم السيارات الجديدة، وإن كانت الأسعار أكثر غلاء، فالبعض يفضل زيادتها للبزناسي وأخذها دون انتظار، بدل قصد الوكيل والانتظار لأكثر من ستة أشهر، وتحمل الضغط والأعباء. المضاربة في السيارات الجديدة… أسهل السبل إلى الثراء وإن كان معظم الجزائريين يُرجع سبب ارتفاع أسعار السيارات إلى قرارات الحكومة المتتالية للحد من عدد السيارات المستوردة، دون الأخذ بمصلحة المواطن البسيط. كقرار منع استيراد السيارات أقل من ثلاث سنوات، وإلغاء القروض الاستهلاكية التي كانت الوسيلة الوحيدة التي مكنت العائلات ذات الدخل المتوسط من امتلاك السيارات الجديدة، فإن ظاهرة البزنسة زادت من تعقيد هذا الوضع، ، إذ نجد أن بعض النوعيات الجديدة التي تباع في الأسواق الأسبوعية المتخصصة أغلى وبكثير من مثيلاتها المعروضة لدى الوكلاء المعتمدين، فعلى سبيل المثال لا الحصر ستجد سيارة «بيكانتو» معروضة في واد كنيس بسعر ينحصر بين 108 و110 مليون سنيم في الوقت الذي يقدر ثمنها لدى الوكلاء ب 102 مليون سنتيم، و الطرح نفسه بالنسبة لسيارة «فولكس فاغن بولو» التي أصبحت حسبما وقفنا عليه الأكثر طلبا والتي فاق سعرها كل التوقعات سواء في السوق أو لدى الوكلاء الذين تبين لنا أنهم عجزوا عن تلبية الطلبات الكثيرة للزبائن ما جعل سعرها يرتفع إلى 174 مليون سنتيم، كما أن «رونو سامبول» وصل سعرها في السوق الموازي إلى 115 مليون سنتيم بعد أن كان لا يتجاوز قبل حوالي شهر 97 مليون سنتيم. أما النماذج الفخمة فحدث ولا حرج، على غرار رباعيات الدفع كالكورية « كيا سبورتايج» المقدر سعرها ب 265 مليونا لدى «كيا الجزائر» ، فيما يبلغ سعرها في السوق 320 مليون سنتيم،. غير أن الأرقام القياسية سجلتها السيارات الصغيرة على غرار «ماروتي» هذه المركبة التي تدخل في حيز السيارات بكل تحفظ، فبعد أن كانت سيارة «الزوالي» بكل استحقاق عندما كان سعرها 39 مليون سنتيم، ليصل سعرها اليوم إلى 57 مليون وكما قيل «ماروتي دارت الشلاغم» ، وكذا سعر سيارة «ألطو» بكل الخيارات المقدر بأكثر من 76 مليون سنتيم لنموذج بمحرك بنزين سعة0.8 لترو84 مليون سنتيم لنموذج 1.0 لتر في سوق السيارات المستعملة . وهو ما أثر على سعر السيارات القديمة المستعملة، فمثلا نموذج «رونو ميغان 2» طراز 2004 المعروفة ب «ميغان بيري» سعرها يتعدى 75 مليون سنتيم، أو سيارة «بيجو 206» طراز 2006 التي يصل سعرها إلى 77 مليون سنتيم، وغلاء سيارة «هيونداي أتوس» التي تمثل مرجعية في الصلابة وطول العمر لدى الجزائريين، أصبحت تباع ب«الفنتازية»، فبعض البزناسية الأذكياء، قاموا باقتناء كمية معتبرة منها باعتبار 2011 أخر سنة لتسويقها، لينتقل سعر تسويقها من 82 مليون سنتيم الى 94 مليون سنتيم في السوق الموازية، في حين تعدى سعر «أتوس» طراز 2009 و 2010 ال80 مليون بعد المكانة التي فرضتها لدى الزبون الجزائري سواء في جنوب البلاد أو شماله، ما جعل منها السيارة الصغيرة المحببة للجنسين داخل المدن وخارجها بفضل العديد من الميزات التي استغلها البزناسية بكل حيلة وذكاء. ويبقى التفسير الوحيد لسبب غلاء السيارات في الأسواق الأسبوعية المتخصصة عبر الوطن عجز وكلاء السيارات الجديدة عن توفير الطلب المتزايد على بعض الماركات التي فرضت تواجدها ومكانتها في السوق، بحيث أن الزبائن كثيرا ما يدفعون الثمن مسبقا للوكلاء وينتظرون تلبية طلباتهم لشهور أو أكثر من سنة أحيانا، وهو الدافع الذي يجعل المستعجلين من الزبائن يفضلون اقتناءها من سوق السيارات المستعملة ولو بدفع مبالغ تتعدى سعرها الأصلي. قانون جديد سيمنع شراء أكثر من سيارة ففي وقت يتحجج أغلب وكلاء السيارات بعوامل خارجة عن إرادتهم، منها طول إجراءات الجمركة، وبعد المسافة بين موانئ الوصول بجيجل شرق الجزائر و بمستغانم غربا ومراكز التخزين بالعاصمة، يسيطر شبح البزناسي على كل أركان السوق، فقواعد اللعبة أضحت أكثر غموضا، في ظل تلاعبات مشبوهة تزن بالملايير، فمن جهة غياب قوانين تنظم السوق، وان وجدت فتبقى كرسم على الورق، أضف إلى ذلك غياب المراقبة الميدانية لهذه السوق، مهد لواقع لا يخفى على أحد منا، وإن كان الحديث من قبل عن توقيف استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات حتى لا تكون الجزائر مركز قمامة لأوروبا على حد تعبير القادة السياسيين ببلادنا، رغم أن هذه السيارات القادمة من القارة العجوز هي أفضل بألف مرة إذا قارناها مع الكثير من النماذج الصينية المسوقة ببلادنا، وهو ما يعتبره الكثير من الجزائريين سببا جوهريا في هذه الوضعية، فقد مثل وقف قروض الاستهلاك الموجهة لشراء السيارات جوهر التغيير في ملامح السوق الوطني، فاليوم لا نتحدث عن بزنسة عادية في السيارات كما عرفناها من قبل، بل عن نوع جديد يرى فيه الكثير من الجزائريين تبييضا غير مباشر للأموال، خاصة مع بروز ظاهرة الأغنياء الجدد، بصورة مستفحلة خلال السنوات الأخيرة، فالمواطن بين حيرة نقص الكمية لدى وكلاء السيارات، وتوفرها في سوق تيجلابين والحراش، في ظل حديث وزارة التجارة عن قانون جديد يتم العمل على تحضيره بالتنسيق مع أزيد من 3 مديريات وفروع الصناعة، يحدّد شروط شراء وبيع السيارات لدى الوكلاء المعتمدين، من خلال منع المواطنين من اقتناء أزيد من سيارة وفق العقد الواحد إلا بعد مرور فترة زمنية تمتد لعدّة أسابيع، وهي المدة التي سيتم تحديدها لاحقا، حيث سيقيّد هذا القرار الجديد عملية بيع السيارات ومركبات السير على مستوى وكلاء السيارات المعتمدين من خلال منعهم من بيع أزيد من سيارة لنفس الشخص، حيث يتعين على كل مواطن يرغب في اقتناء عدد كبير من السيارات أن ينتظر عدة أسابيع بين كل سيارة وأخرى، في الوقت الذي سيتم توقيف سماسرة السيارات عن النشاط بشكل نهائي بسبب المشاكل التي تسببوا فيها، بعد استقبال وزارة التجارة عددا من الشكاوى المتعلقة باحتكار البزناسية للسيارات المقترحة من طرف الوكلاء المعتمدين من خلال حصولهم في كل صفقة على ما يعادل 6 مركبات على الأقل، ثم يعيدوا طرحها للبيع في السوق بأسعار أغلى من تلك المقدمة في صالات العرض، في حين لا يتمكن المواطن من الحصول على سيارته التي يدفع ثمنها لدى الوكيل المعتمد إلا بعد مرور 6 أشهر وفي بعض الأحيان لمدّة أطول بكثير، وهو ما بات يثير استياء المواطنين ويدعو إلى ضرورة وضع حدّ لهذه التجاوزات، بعد أن أصبح الأمر يتعدى المعقول فقد أصبح تأثير هذه الفئة على سوق السيارات بالجزائر تعادل نسبته مائة بالمائة، فالبزناسي وبدون أي تحفظ أصبح المحبوب لدى الوكلاء، فهم يقتنون سيارات متعدّدة من طرف الوكيل المعتمد ويسعون إلى إعادة بيعها بالأسواق الأسبوعية، رغم أن ذلك يدخل في إطار العمليات الممنوعة، الأمر الذي يلزم الوكلاء بضرورة تنظيم عملية البيع وليس السعي فقط إلى تحقيق أعلى نسبة من الأرباح على حساب مصلحة المواطن البسيط، الذي يعجز عن الحصول على سيارة واحدة في ظرف طويل، في الوقت الذي يتحصل السماسرة خلال نفس الفترة على أغلبية السيارات، وتؤكد وزارة التجارة، أن القانون الجديد سيكون جاهزا عما قريب، ليدخل حيّز التنفيذ في الأسابيع القادمة، من خلال إعطاء تعليمات صارمة لوكلاء السيارات المعتمدين في الجزائر للالتزام بالقرارات الجديدة، والتي صرح أنها ستكون في مصلحة المواطن بالدرجة الأولى وللقضاء بشكل نهائي على عملية البيع الفوضوي للسيارات من طرف البزناسية، وهو ما قد يعيد التوازن إلى السوق، ويعيد المنطق إلى أسعار أصبحت تخيف المواطن، الذي يدخل هذا القانون في خانة الحلول السهلة التي تمثل الملاذ الوحيد لمسؤولينا. «إذا كان المنع هو الحل فلن يتسبب إلا بالغبن للمواطن البسيط أما البزناسي فسوف يجد الحل لتلاعب بهذه القوانين» حسب أحد المواطنين، وهو ما يفسر الهوة بين الإدارة والمواطن، فنظرية المؤامرة والتلاعب، أصبحت راسخة بذهن المواطن الذي يبقى الوحيد الذي يدفع الثمن. إعداد: عبد الله بن