تبقى آجال التسليم وخدمات ما بعد البيع وقطع الغيار الثالوث المؤرق للمستخدم في سوق السيارات، رغم مستوى الربحية المسجل في هذا القطاع ونسب النمو المعتبرة لسوق يمثل 360 ألف وحدة، على أقل تقدير. السوق الذي ينشط فيه أكثر من 30 وكيلا معتمدا وممثلا لمختلف أصناف السيارات، يسجل أيضا حظيرة هي الأهم في منطقة شمال إفريقيا، ب5 ,4 مليون مركبة سنة 2011 بمعدل نمو يقدر ب130 إلى 145 ألف سيارة جديدة يتم ترقيمها سنويا، ومبيعات تتراوح ما بين 300 و360 ألف وحدة، ما يؤكد مستوى ربحية عال للقطاع. ويبقى ثالوث آجال التسليم التي تتراوح ما بين شهر كأدنى حد وستة إلى ثمانية أشهر كمعدلات، مع تفاوت واستثناءات بين الوكلاء، أهم هاجس يواجه المستخدم في سوق السيارات، تليها توفر قطع الغيار، مع سيادة السوق الموازية في هذا المجال، رغم توسيع شبكة التوزيع ونقاط البيع لدى معظم الوكلاء، ثم التصليح والصيانة الذي يعدّ الضلع الثالث في المثلث وفي المعادلة التي لا تزال تؤرق أي راغب في اقتناء سيارة جديدة. فيما يضيف البعض الأعباء التي تظل على عاتق الزبون، مثل الرسم على السيارة والإجراءات الإدارية التي تبدأ مع تسلم السيارة في موانئ جن جن ومستغانم، إلى غاية تسلم السيارة في المنطقة المعنية، والذي يعتبر مسار مقاتل بالنسبة للمستخدم. هذا الأخير تعترضه مشاكل أساسية، منها غياب آلية فصل في النزاعات أو إيداع الشكاوى، رغم وجود أطر قانونية تنظم وتؤطر النشاط، منها المرسوم التنفيذي رقم 07 390 الصادر في 12 ديسمبر 2007 المحدّد لشروط وآليات بيع السيارات الجديدة، والتي تفيد، مثلا، أن أي سيارة تبقى متوقفة لخلل ما مدة 15 يوما فما فوق، تلزم الوكيل بتسليم سيارة تعويض، إلا أن درجة التقيد بالنصوص تظل نسبية. تسليم مفاتيح السيارة الحرب الدائمة بين الزبائن والوكلاء يعيش سوق السيارات في الجزائر على وقع مشكل آجال التسليم، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث وصلت آجال الانتظار لبعض السيارات إلى 14 شهرا، ليبقى الصراع دائما بين الوكيل الذي يتحجج بما يقدمه المصنع، والزبون الذي يريد الحصول على سيارته. ويجمع الوكلاء المعتمدون على أن أسباب التأخر في آجال التسليم هو الوقت الذي يتطلبه التقدم بالطلب لدى المصنع والوقت لتسلم السيارة من عند هذا الأخير، حيث يؤكد الوكلاء الذين التقتهم ''الخبر'' في الصالون الدولي للسيارات، أن الوقت الذي تتطلبه عملية الطلب على السيارات والحصول عليها بالإضافة إلى ارتفاع الطلب على بعض الأنواع، هو ما يخلق آجال تسليم تمتد ل6 أشهر وأحيانا تفوق السنة، حيث أن السيارات التي تأتي للسوق الوطنية لها معايير خاصة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المصنعين لهم أسواق ذات أولوية، تسبق السوق الجزائرية. وأكد المدير العام لسوفاك، ديرك يورك، أن الطلب الكبير على بعض الأنواع أدى إلى إثارة أزمة في التسليم، حيث أن الطلب الذي تتقدم به المؤسسات من الجزائر لدى المصنعين يأخذ وقتا أكبر من أجل تصنيع السيارة وإرسالها إلى الجزائر، مشيرا إلى أن سوق السيارات يسير وفق الطلب، حيث أن المصنع لا يمكن أن يقوم بتصنيع سيارات إضافية وتركها في المخازن، دون أن يكون عليه طلب. من جهته، اعترف عمر ربراب، المدير العام لهيونداي الجزائر، أن مشكل آجال التسليم كان ولازال مطروحا في العديد من أنواع السيارات في السوق، مشيرا إلى أنه عانى طويلا من هذا المشكل، قبل أن يتمكن مؤخرا من حله مع المصنع الكوري. وفي سياق آخر، أشار أحد أعضاء الجمعية الجزائرية للوكلاء المعتمدين إلى أن الزبون هو من يتحمل المسؤولية، عندما يعلمه الوكيل أن تسلم السيارة سيأخذ وقتا معينا، وهو يقبل بهذه الشروط. كما أكد هذا الأخير، الذي رفض أن نكشف هويته، أن الزبون يمكنه في حال لم يعلمه الوكيل مسبقا اللجوء إلى مختلف الإجراءات، أهمها إمكانية استرجاع أمواله. من جهته، يبقى المواطن بين مطرقة الحصول على سيارة وسندان الآجال الطويلة، فهو لا يملك حلا للحصول على سيارة سوى اللجوء إلى الوكلاء أو اللجوء إلى السوق الموازية. وفي هذه الحالة، يفقد الضمان، لكن ما يهم المواطن هو الحصول على سيارة بأي ثمن وفي وقت قصير، خاصة أن معظم المواطنين مقتنعون بأن الضمان لن يستفيدوا منه، وأن الخدمة التي يحصلون عليها لدى ميكانيكي الحي هي نفسها التي يحصلون عليها لدى الوكلاء. هموم الزبون لا تنتهي بمجرد الحصول على السيارة نقص فادح في خدمات ما بعد البيع وتوفير قطع الغيار ''لم أجد القطعة الفلانية أو القطعة الفلانية مفقودة''.. جملة سمعناها يوما ما من أحد أصدقائنا أو جيراننا، الذين لهم مشكلة في سياراتهم ويذهبون في رحلة البحث عن قطعة غيار عند الوكلاء المعتمدين أو لدى بائعي قطع الغيار، والكثير من منهم يذهب نحو السلع المقلدة وكلمة ''الله يستر'' على لسانهم. ارتفاع مبيعات السيارات في الجزائر خلال سنة 2011 إلى أكثر من 350 ألف وحدة، زاد من حدة الأزمة التي عرفها التزويد بقطع الغيار، خاصة في بعض أنواع السيارات التي عرفت مبيعات خيالية خلال السنة الماضية، وهذا ما دفع بالوكلاء المعتمدين للقيام بمجهودات إضافية لتوفير قطع الغيار، إلا أن المواطن يبقى دائما يعاني في انتظار الفرج أو التوجه إلى القطع المقلدة. فكل الوكلاء المشاركون في الصالون الدولي للسيارات يشدّدون على الخدمات، وعلى توفير قطع الغيار التي أصبحت أهم عامل يقدمه الوكلاء للزبائن، لجلب أكبر عدد منهم لاقتناء السيارات. وفي هذا الصدد، أشار المدير العام لصايدا سيتروان، باتريك كوتوليي، إلى أن الخدمات لابد من رفع مستواها ومنح الأحسن للزبائن، مؤكدا أن المؤسسة تقوم بإنجاز مخزن لقطع الغيار للتمكن من توفير قطعة الغيار اللازمة في الوقت المناسب للزبون ''بالرغم من أننا نملك الآن مخزنا يمكنه توفير قطع الغيار، لكن نريد الأحسن''. من جهتها، أشارت جمعية الوكلاء المعتمدين للسيارات إلى أن الكثير من العمل يجب القيام به في مجال خدمات ما بعد البيع وتوفير قطع الغيار، مشيرة إلى أن كل الوكلاء قاموا بمجهودات في هذا الصدد، إلا أنه لابد من مجهودات أكثر لتلبية حاجيات الزبائن. وأشار ذات المصدر إلى أن المنظومة اللوجستيكية للوكلاء تزعزعت، وكان لابد من إعادة النظر فيها بعد إصدار الحكومة لقرار فرض القرض المستندي، وهو ما أدى إلى تذبذب عمل الوكلاء لفترة معيّنة، موضحا أن هؤلاء تمكنوا من مواكبة هذه التدابير وتحسين الأوضاع. وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه الجمعية، أشار إلى أنها لا تتدخل في عمل الأعضاء، وكل واحد منهم مطالب بالقيام بمجهودات على مستواه لتحسين الخدمة. وقد تسبب النقص في قطع الغيار في ظهور السوق الموازية للقطع، أو ما يعرف ب''الطايوان''، والتي بالرغم من الخطورة التي تشكلها في معظم الأحيان وكل الحملات التحسيسية التي يقوم بها الوكلاء، إلا أنها بقيت الملاذ الأخير للمواطن الذي يحتاج لسيارته للتنقل، في ظل الغياب الفادح لوسائل النقل. بعض الوكلاء يشترطون دفع المبلغ كاملا القانون يكفل الحق بدفع 10 بالمائة من السعر عند طلب شراء سيارة يشتكي العديد من المواطنين من إجبار بعض الوكلاء لكل من يريد أن يقتني سيارة، دفع قيمتها الكاملة عند التقدم بالطلب، في حين أن القانون يكفل للمواطن الحق في دفع 10 بالمائة فقط، ودفع باقي المبلغ عند استلام السيارة. وأشار عدد من الوكلاء الذين سألتهم ''الخبر''، إلى أن القيمة المدفوعة عند التقدم بالطلب تبقى مرتبطة بالتفاوض الذي يحدث بين الوكيل والزبون، حيث أن هذا الأخير يمكن أن يدفع القيمة الكاملة أو 10 بالمائة فقط وحقوقه محفوظة، إلا أن أحد المديرين التجاريين لدى وكيل معتمد، رفض أن نكشف هويته، اعترف أن الكثير من الوكلاء يجبرون المواطن على دفع القيمة الكاملة عند التقدم بالطلب، وإلا لن يحصل على سيارته في آجال قريبة، مشيرا إلى أن الكثير من المواطنين يقبلون بهذا الشرط لحاجتهم الماسة للسيارة كوسيلة نقل أصبحت ضرورة وليست كمالية لغياب وسائل النقل، والعديد من المواطنين يقبلون بكل شروط الوكلاء، وهمهم الوحيد هو الحصول على سيارة في أقرب وقت ممكن، ودفع 10 بالمائة أو القيمة الكاملة لا يهمه، ما دام سيحصل على سيارة، ولكن هذا سيفقده كل حقوقه للتقدم بأي شكوى.