كثيرا ممن يمثلون أمام الجهات القضائية في بلادنا وكأنهم لا تكفيهم إدانتهم على الجرم المتابعين لأجله أو أنهم غير مكترثين لعواقب تصرفاتهم، إذ تجدهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ينعتون الهيئة القضائية بأقبح عبارات السب والشتم تعبيرا وردا منهم على الأحكام المسلطة عليهم، كما يتورط إلى جانب البعض الآخر ذويهم لرفضهم الأحكام الصادرة في حق مقرّبيهم. كثيرا ما تشهد مختلف المحاكم الابتدائية أو المجالس القضائية حالات لتهو ر السجناء أثناء محاكمتهم مما يثير في بعضها نوع من الفوضى، مما يعيق تارة سير جلسات المحاكمة قبل تدخل رجال الأمن وتضع حكمة القضاة حدا لتجاوزات هؤلاء المجرمين في نظر القانون والرأي العام من لصوص وقطاع الطرق العمومية ومروجي المخدرات، ولحسن الحظ فإن لدولة القانون نصوصا تشريعية تجرم مثل هذه الأفعال، إذ سنّ المشرع الجزائري في قانون العقوبات قسما خاصا بالإهانة والتعدي على الموظفين ومؤسسات الدولة، مثلما يشير إليه الفصل الخامس المتعلق بالجنايات والجنح التي يرتكبها الأشخاص ضدّ النظام العمومي وهو ينص في مادته رقم 144 على أن تكون العقوبة التي يرتكبها الأشخاص ضدّ النظام العمومي، لاسيما الهيئة القضائية، بالحبس ما بين سنة إلى سنتين إذا كانت العقوبة موجهة للقاضي أو عضو محلف عن كل حادثة وقعت في جلسة المحكمة أو مجلس قضائي. ويجوز للقاضي في جميع الحالات أن يأمر بنشر الحكم ويعلق بالشروط التي حددت فيه على نفقة المحكوم عليه دون أن تتجاوز هذه المصاريف الحد الأقصى للغرامة الملزم بدفع المحكوم عليه والمقدرة ما بين 20 و100 ألف دج. ونختصر بعض الوقائع في هذه العينات التي سجلناها ببعض المحاكم، كما هو شأن قضية تمت فيها إحالة شاب يبلغ من العمر 18 سنة على محكمة الجنح ببئر مراد رايس بالعاصمة عن تهمة إهانة هيئة قضائية والتعدي على الشهود، ذلك بعد مثوله أمام قاضي التحقيق عن قضية حضر فيه شاهدين للإدلاء بأقوالهما إزاءها، وهناك أقدم المتهم على الاعتداء على الشاهدين، بضربه أحدهما على مستوى الرأس فيما أسقط الآخر أرضا، وهي الوقائع التي أنكرها المتهم أثناء محاكمته بالرغم من حضور فيها وكيل الجمهورية وقاضية الأحداث، مما جعل التهمة ثابتة في حقه بشهادة ممثلي القضاء وإدلاء الضحيتين، ليلتمس ممثل الحق العام تسليط عقوبة ثلاث سنوات حبسا نافذا في حقه و100 ألف دج غرامة نافذة. وعليه طالب وكيل الجمهورية ضده بتسليط عقوبة 3 سنوات حبسا نافذا مع تغريمه بمبلغ 100 ألف دينار. فيما تأسس الوكيل القضائي للخزينة العمومية كطرف مدني وطالب إلزام المتهم بدفع ما قيمته 300 ألف دج كتعويض عن الضرر المعنوي التي ألحقه بالجهة القضائية، بينما طالب الضحيتان بحفظ حقوقهما، قبل أن تتم إدانة المتهم بالجرم المنسوب له. يحاول الانتحار بشفرة حلاقة بعد إدانة والدته وعن مجريات قضية أخرى، أقدم شاب يبلغ من العمر عشرين سنة على تمزيق جسده بواسطة نصف شفرة حلاقة عقب تلاوة حكم الإدانة في حق والدته التي تورطت في قضية سرقة منزل كانت تشتغل فيه كخادمة. وفيما لم يكن يتوقع حضور جلسة المحاكمة ذلك منه، نهض الشاب من مقعده وفي لمحة بصر وراح يمزق جسده بالآلة الحادة مخاطبا رئيسة الجلسة «مثلما حكمتي على والدتي بالحبس، هذا هو حكمي على نفسي» لتشهد القاعة حالة من الرعب والفزع ولولا سيطرة أعوان الشرطة على الوضع لكادت الواقعة أن تأخذ منعرجا آخر، وبعد السيطرة على الشاب تم الاتصال بمصالح الحماية المدنية التي قدمت ونقلته على جناح السرعة إلى المستشفى وبعد تلقيه الإسعافات اللازمة تمت إحالته على وكيل الجمهورية الذي حرر له محضر قضائي وحوله للمحاكمة بدعوى إهانة هيئة قضائية والإخلال بنظام الجلسة، وإدانته بالحبس النافذ. أحد أبرز مروجي المخدرات بالعاصمة يثور على القاضي لإدانته ب12 سنة وفي قضية الاستهلاك، الحيازة والمتاجرة في المخدرات والمؤثرات العقلية التي تورط فيها أبرز مروج ينشط بالعاصمة عبر محور باب الوادي والأبيار وهو بحري يكنى «حلوفة» وإلى جانبه المكنى «كاويتشو»، رياضيون، عون أمن ب« دي آشال»، موظف باتصالات الجزائر وآخرون، إثر مصادرة مصالح الأمن من خلال كمية معتبرة من أقراص السيبيتاكس وقطع القنب الهندي، راح المتهم الرئيسي في القضية يخل بنظام جلسة المحاكمة من خلال تلفظه بعبارات سب وشتم ومساس باسم الجلالة لإدانته ب 12 سنة حبسا نافذا بعد ثبوت التهم المتابع لأجلها، حيث تم ذلك بناء على توقيف المكنى «كاويتشو» إثر معلومات تلقتها مصالح الأمن لتضبط بحوزته قطعة من المخدرات وزنها 2 غرام، وإلى جانب المدعو (ق.ع) المسبوق هو الآخر قضائيا والذي ضبطت بحوزته الكمية نفسها. ومن خلال التحقيق معهما اعترفا باستهلاكهما المخدرات، ليكشف المكنى «كاويتشو» أنه يقتني المخدرات من حي مناخ فرنسا بباب الوادي وأنه هو من سلم الموقوف معه القطعة المضبوطة بحوزته، ومنه تم توقيف مروجه وعند تفتيش مسكنه عثر به على 65 قرصا من المؤثرات العقلية من صنف «الريفوتريل» وقرصين مشبوهين ومسحوق أبيض، فضلا عن قطع صلبة بيضاء اللون قدر وزنها ب2 غرام وسكينين لتقطيع المخدرات. وقد أنكر متاجرته بها، محاولا التملص من المسؤولية الجزائية بقوله إن الأقراص المصادرة ملك لوالده المريض. كما أفضت التحريات إلى ممونيه ليتم توقيف المكنى «حلوفة» بنواحي باب الوادي الذي ضبط بحوزته مبلغ 52 ألف دج وهاتف نقال به شفرة حلاقة، إلى جانب 10 أقراص مهلوسة من صنف «سيبيتاكس» ومسحوق مشبوه قدر وزنه ب 2 غرام و11 قطعة أقراص دواء مشبوهة والذي أغمي عليه بعدما التمست في حقه النيابة 12 سنة حبسا نافذا، وبتأييد الحكم الملتمس في حقه راح يهين القاضي لما أقره في حقه من قضية ليحال عن قضية ثانية تعني إهانة هيئة قضائية أدين لأجلها بعقوبة ثانية. شيخ يهين القاضي لإدانتهعن حيازة سلاح أبيض وأفلام خليعة وفي قضية أخرى، مثل شيخ في عقده السادس أمام محكمة الزيادية التابعة لمجلس قضاء قسنطينة عن إهانته قاضيا أثناء تأدية مهامه، وذلك بعد النطق بحكم إدانته ب 6 أشهر حبسا نافذا في حقه عن اقترافه جنحة حمل سلاح أبيض دون مبرر شرعي وحيازة أفلام مخلة بالحياء، وهو الحكم الذي لم يتوقعه المتهم ليوجه عبارات سبّ وشتم للقاضي، ليحال على المحاكمة عن قضية ثانية تعني إهانة هيئة قضائية، حاول خلالها الشيخ المتهم تبرير فعله بما يعانيه من اضطرابات نفسية بسبب تواجد ابنه بالمؤسسة العقابية. مروج مخدرات بالعفرون يستخف بالقاضي وينعته بالحڤار وأمام محكمة الجنح بالعفرون نعت متهم بالحيازة والمتاجرة في المخدرات القاضي الذي عالج قضيته ب «الحڤار» وطالبه بإحضار الكلب الذي تم توقيفه بموجبه للإدلاء بشهادته ضدّه وهو ما اعتبر استخفافا منه بهيئة المحكمة، وذلك بعد إدانته بالجرم المنسوب إليه عقب توقيف وبحوزته قطعة من الكيف المعالج قدر وزنها ب 4,17 غرام، بناء على معلومات بلغت مصالح الأمن تفيد بوجود شخص بمنطقة العفرون دأب على ترويج المخدرات، ليتم ضبطه وبحوزته المخدرات بفضل كلب بوليسي مروض وقد استخف المتهم بهيئة المحكمة وطالب بإحضار للإدلاء بشهادته ضدّهُ. حلاقة ببومرداس تنتحل هوية الغير وتهين النائب العام ولا تقتصر التجاوزات المرتكبة في حق القضاة وممثلي القانون على الرجال فقط، بل حتى العنصر النسوي أقحم نفسه فيها، إذ مثلت فتاة في العشرينات من عمرها أمام مجلس قضاء بومرداس لمعارضة الحكم الغيابي الصادر في حقها عن المحكمة الابتدائية للرويبة، الذي كان قد أدانها ب 6 أشهر حبسا نافذا. الفتاة التي تمتهن الحلاقة، توبعت بجنحة انتحال هوية الغير، وبمثولها للاستئناف راحت تقلل من احترامها للقاضي ما استدعى إعادة فتح ملف ثان لها وجدولته أمام المحكمة الابتدائية بدعوى إهانة هيئة قضائية لتجري محاكمتها بشأنها وتدان بعقوبة نافذة. فتاة في بئر مراد رايس تشتم القاضية بعد إدانة شقيقها وفي قضية أخرى، وجدت فتاة في عقدها الثاني نفسها في قفص الاتهام بعدما حضرت جلسة محاكمة شقيقها أمام محكمة بئر مراد رايس عن تورطه في قضية سرقة منزل، وبمجرد أن نطقت القاضية بحكم الإدانة في حقه وقفت الفتاة من مقعدها وراحت تشتم القاضية وتنعتها بأقبح العبارات دون توقف مما استلزم إيقافها من قبل رجال الشرطة، حيث تم سماعها على محضر رسمي خضعت بموجبه هي الأخرى للمحاكمة.