في عز أزماتهم الدموية، حيث الموت بلا عنوان بليبيا وبسوريا وباليمن وحتى بسيناء مصر، لم نسمع أن جثثا دفنت بلا رؤوس، فقط في مقابر هذا البلد «العظيم» الذي يراقص منذ مدة معزوفة «رانا واقفين»، فإنه لا غرابة أن زايد مسؤولوه بإصدار تصاريح دفن لجثتين دون رأس ودون أن يتحرك جفن لمن وقع على قرار بأن الجثث الجزائرية كما يمكنها أن تحرق في «إسبانيا» بحجة رسمية شعارها لا يضر الشاة «حرقها» بعد ذبحها، فإنها على مستوى مقابرنا، لا ضرر أن تدفن الجثة ناقصة من الرأس ومن الأطراف.. بالأمس عثروا على رأس المحامي ومرافقه اللذين تعرضا لجريمة قتل تجاوز «تنكيلها» كل عقل بشري بعدما اختار الجناة شهر التوبة والغفران، ليوقعا بسواطيرهما أنه لا رمضان ولا شعبان يمكن أن يردعا في بعض مجتمع هذا الوطن قدرته على «التوحش» الذي تتبرأ منه حتى كواسر الغاب، فرغم حجم الصدمة ووقعها المريع الذي نزع عنا كل انتماء للإنسانية، إلا أن أقصى ما قرأناه وقرأته السلطة من واقعة القتل الشنيع، أن قام المجتمع بالسير والصلاة في جنازة جثتين دفنتا دون رأسين، حيث مازالوا يقولون إن «الوطن» بخير والمجتمع بخير..و»راهم واقفين».. لو أن الأمر حدث في سوريا أو ليبيا، لتجرعنا الحكاية ووضعناها في خانة للحرب كبائرها، لكن في جزائر «الأمن» والرحمة والتآخي فإن الخلل الاجتماعي أكبر من المرور ومن غض «الطرف» عن الانسلاخ الذي حدث في البنية العقلية والأخلاقية للمجتمع، بعد أن تحرر الشارع من سلطة السماء وسلطة «الدولة» حيث دولة موازية، وصل جنونها لحد أن «الجثث» أصبحت تدفن قبل الرؤوس، فيما الدولة الرسمية تكتفي بإصدار تصاريح دفن بالتجزئة..