الخلافات والحروب والنزاعات تنشأ بسبب فكري او صراع ديني او موقف سياسي او مصلحة اقتصادية، والصراع بين الدول الكبرى في منطقة الشرق الاوسط يأخذ منحى اقتصادي لما تحوي تلك المنطقة من كنوز، ويهدفون الى السيطرة على تلك الكنوز الى حين استنزافها، والتي تحتاج لاكثر من خمسون عاما ليستكمل استنزاف تلك الموارد الى حين اكتشاف مناطق اخرى مليئة بالنفط والغاز. التنافس الروسي الأمريكي في المنطقة وبالتحديد سوريا لم يأتي من فراغ، بل له أسباب جوهرية مهمة، ومنها: اولا:- تعد المنطقة من أهم مناطق العالم لاحتوائها على أضخم المخزونات من النفط والغاز، وتحتوي على مخزون نفطي كبير جدا، وهي ممول رئيسي للنفط في العالم، اذ يصدر من منطقة الخليج ما يقدر ب(60%) من النفط العالمي، إضافة إلى احتوائها على مخزونات مهمة من الغاز الطبيعي، وخاصة في قطر، العراق وإيران، وسوريا، إذ إن خشية روسيا هو إن أي سيطرة أمريكية كاملة على المنطقة بما فيها سوريا، سوف يحرمها من موارد مالية مهمة تأتيها من خلال تصدير النفط والغاز عن طريق الأنابيب إلى أوروبا، إذ إن سيطرة أمريكا على سوريا يعني إن نفط وغاز الخليج سوف يصبح على أبواب الأوربيين وبأسعار تنافسية من خلال مد الأنابيب من الخليج عبر سوريا وتركيا ودول شرق أوروبا إلى باقي أجزاء أوروبا، وسوف تمتد سيطرة أمريكا على الأسواق النفطية الأسيوية، والتي اغلب دولها حلفاء لأمريكا، وهذا يعني إن الاقتصاد الروسي سوف يضرب في الصميم في حال سيطرة أمريكا على سوريا. ثانيا:- سوريا هي آخر حلقات النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، لذا تحافظ روسيا وبكل قوة على الإبقاء على النظام السوري. ثالثا:- روسيا دخلت سوق تصدير السلاح في الشرق الأوسط بكل قوة، وأصبحت منافس قوي لأمريكا في المنطقة. رابعا:- موقع سوريا المطل على البحر الأبيض المتوسط ويشترك بحدود مع إسرائيل ولبنان والعراق والأردن، يجعلها ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لروسيا، لن تسمح بسهولة بخسارتها. تزايدت أنشطة التنقيب والحفر في منطقة شرق البحر المتوسط من قبل شركات الطاقة العالمية، وتشير تقديرات بعض هذه الشركات إلى أن هذه المنطقة تقوم على بحيرة من الغاز تكفي لسد حاجة الأسواق الأوروبية لمدة 30 عامًا، وهو ما تأكد بعد اكتشاف حقل “تمار” من قبل شركة نوبل إنرجي الأمريكية في عام 2009، ويخضع هذا الحقل لسيطرة الحكومة الإسرائيلية. كما اكتشف في عام 2010 حقل “ليفاثان” الذي يقع على مسافة 135 كلم من شواطئ شمال مدينة حيفا بعمق 1600 متر تحت سطح البحر، بالإضافة إلى اكتشاف حقل “غزة مارين” بواسطة شركة بريتش غاز التابعة لشركة بريتش بتروليوم على مسافة 36 كلم من شواطئ قطاع غزة، بالإضافة إلى حقل غاز “أفردويت” على مسافة 180 كلم من الشاطئ الجنوبي الغربي لقبرص. واكتشفت شركة “إيني” الإيطالية في عام 2015 حقل “ظهر” الذي يقع داخل المنطقة المصرية الاقتصادية في البحر المتوسط، ويبلغ حجم احتياطاته ثلاثين تريليون قدم مكعب، ويُعد أكبر اكتشاف للغاز الطبيعي في مصر والبحر المتوسط، ومؤخرًا اكتشفت “إيني” الإيطالية بالتعاون مع “توتال” الفرنسية حقل “كاليبسو” في المنطقة 6 المتنازع عليها بين قبرص وتركيا وذلك في فبراير 2018. الصراع بين الدول” روسيا، امريكا، فرنسا، بريطانيا “ ليس من اجل مصلحة الشعوب، او لارساء قواعد الديمقراطية فيها، وانما الصراع على الغاز والبترول في شرقي البحر الأبيض المتوسط، والذي بدأ خفياً منذ عام 1966. قد لا يتطور التنافس بين امريكاوروسيا الى حرب قاضية، ولكن قد تحدث الحرب بين ايران واسرائيل، وبالتالي اذا نشبت حرب بينهما، فان الكبار يتدخلون وقد تنشب حرب طاحنة بين الجميع، بالرغم ان امريكاوروسيا من تحت الطاولة متفقتين تماما على تقسيم النفوذ بينهما.