كشف تقرير البنك المركزي الأخير الصادر بداية أفريل الجاري المستور حول قضية ” التمويل التقليدي ” التي فجرت جدلا واسعا في البلاد بمجرد الإعلان عليها، ووجه معدو التقرير الصادر في الموقع الرسمي لبنك الجزائر أصابع الاتهام نحو الوزير الأول السابق أحمد أويحيى الذي فضل التوجه نحو هذا الخيار دون التفكير في انعكاساته السلبية على الاقتصاد الوطني. وسلط أصحاب التقرير الذي وصفه خبراء ومتتبعون للمشهد الاقتصادي بواحد من ” أغرب ” التقارير التي أصدرها بنك الجزائر، الضوء على الوضعية المالية التي كانت تعيشها البلاد قبيل دخول التمويل غير التقليدي حيز التنفيذ، وقالوا إنه وبعد انهيار أسعار النفط منتصف 2014 ومع شح الموارد المالية للبلاد وغلق الباب أمام اللجوء إلى الاستدانة الخارجية ولمواجهة التراكمات والضغوط المالية العامة المتزايد بين يوم وآخر، لجأت الوزارة الأولى برئاسة الوزير الأول السابق عبد المالك سلال إلى تشكيل لجنة خبراء وكان هدا في الفاتح من أفريل 2017 أي قبل عامين من هذا التاريخ لإعداد مذكرة شاملة عن الأزمة والحلول الممكنة. وجاء في التقرير أنه “من بين الحلول الموصى بها لمواجهة العجز الكبير الذي كانت تعاني منه الخزينة العمومية أنذاك بسبب عجز السيولة، اللجوء إلى ما يسمى ب ” التمويل غير التقليدي “، وقوبل هذا المقترح حسبما ورد في التقرير بتحفظ كبير من طرف بنك الجزائر لعدة أسباب أبرزها أن الجزائر تختلف بكثير عن الدول التي ذكرها أعضاء اللجنة في مذكرتهم على غرار أمريكا واليابان وأوروبا”. وجاء في نص التقرير أن أعضاء اللجنة التي تم تشكيلها خلال عهد عبد المالك سلال دافعت بشدة على هذا الخيار إلى درجة أنها قالت إن ” التمويل غير التقليدي سيعمل على تخفيض معدل الفائدة لتشجيع منح الائتمان وتنشيط الاقتصاد ونصحوا في الوقت ذاته برفع معدلات الفائدة والتي تكون أصلا مرتفعة في الحالات التضخيمية، وقوبل هذا المقترح حسبما ورد في التقرير برفض من قبل بنك الجزائر تفاديا لرفع معدل التضخم وإغراق السوق بالسيولة وانهيار قيمة العملة الوطنية، وتم استبعاده في ذلك الوقت قبل تعديل قانون النقد والائتمان وإضافة المادة 45 مكرر التي منحها البرلمان بغرفتيه الضوء الأخضر. وحسب الأرقام التي كشف عنها التقرير، تم توفير مبلغ 6556.2 مليار دينار من منتصف نوفمبر 2017 وحتى نهاية جانفي 2019، تم استخدام مبلغ 2470 مليار دينار لتمويل العجز في الخزينة ، للسنتين 2017 و2018 وجزئيا ، للسنة المالية 2019، بمبلغ 1.813 مليار دينار، ساهم في تسديد الدين العام للشركات سوناطراك وسونلغاز وسندات النمو مبلغ 500 مليار دينار، مخصص للصندوق الصندوق الوطني للمعاشات التقاعدية (CNR لإعادة تمويل ديونها فيما يتعلق CNAS في 8 جانفي 2018، بدأت عمليات استرداد السيولة هذه المعاملات تأخذ شكل ودائع في مدة تصل إلى 7 أيام، وتم تحديد كميات الأموال التي سيتم امتصاصها بواسطة بنك الجزائر والمزاد العلني. وأشار التقرير إلى أن المبلغ المالي المعبأ6556.2 مليار دج، فقط منها مبلغ 3114.4 مليار دج تم ضخها في الاقتصاد، وكشف التقرير أيضا أن المعدل زاد من 4 بالمائة إلى 8 بالمائة في 15 جانفي 2018، ونتج عنه أيضا ارتفاع في سعر السوق ب 2.5 بالمائة في 7 أيام، ما جعل الحكومة تلجئ الى زيادة في معدل الاحتياطي الإلزامي لسنتين ب200 نقطة وبذلك وصل سعر السوق من 8 إلى 10 بالمائة. وخلال سنة 2018 سجلت شهر جانفي، أكبر زيادة، وبلغت الذروة في 6 فيفري ب 2000 مليار دينار.