يتواصل مسلسل “مشاعر” الذي يُعرض على قناة “النهار” وكذا “قرطاج +” التونسية دون تسارع في الأحداث، ورغم ذلك يشهد متابعة ملحوظة بسبب تقنياته الجيدة في الصورة والمكان، حتى يُخيل للمشاهد للحظة أنه أمام مسلسل تركي لأنه بالأصل بخبرات تركيّة في حين يجمع نجوما تونسيين وجزائريين. زينة.ب “مشاعر” يخرجه المخرج الألماني التركي محمد الجوك المشهور في عدة بلدان على غرار روسيا وبلغاريا ومعروف أيضا بإخراج المسلسل التركي “زهرة القصر”، يرافقه فريق عمل تركي عمل معه في زهرة القصر وعمل أيضا في مسلسل تركي آخر بعنوان “حب أعمى” ويتكون من السيناريست ومدير التصوير ومدير الإضاءة ومهندس الديكور ومختصة بالماكياج والحلاقة وهو فريق تقني متميز. ويروي “مشاعر” قصة “زهرة” التي تهرب في ليلة عرسها من صحراء الجزائر حيث تركت عريسها “عمّار” الثري في أهم يوم في حياته، لتنتقل بعدها إلى تونس وهي بفستانها الأبيض، وهناك بينما تتجول وهي لا تعرف أين تذهب، تكاد سيارة أن تدهسها لكن القدر يلاقيها بالسيد “طاهر” الذي يبدو رجل أعمال نزيه وبطل. بعد الحادثة يأخذها إلى الطبيب ثم إلى منزله وعندما يدخل معها تتفاجأ العائلة، والدته، زوجته وأبناؤه الثلاثة، فيخبرهم بالأمر، الجميع يستقبلها إلا والدته وابنته. بالمقابل تكون زوجته قد عرفت أنها مريضة بالسرطان وأنها في أيامها الأخيرة فتقرر إخفاء الأمر عن الجميع سوى صديقتاها المقربتين، وبمجرد أن رأت زهرة في المنزل بدأت تراودها فكرة إيجاد عروس لزوجها فهي تبقى أفضل من المرأة التي تصادق حماتها والتي كانت تحبه منذ زمن بعيد ولازالت تتواجد بحياتهم لأن والدة طاهر لا تطيق كنتها وترغب في إفساد زواج إبنها الذي مضى عليه حوالي عشرون سنة. تستمر والدة طاهر في إزعاج كنتها مريم، ثم تغادر زهرة منزلهم لتحاول إيجاد الحلول، فتجد مطعما صغيرا تبيت فيه وتعمل، لكن مخاوفها تزداد عندما تشاهد صدفة عريسها وشقيقها محمود اللذان قدما للبحث عنها، لتكشف الأحداث أن طاهر رجل أعمال غير نزيه ولديه أعمال خفية غير قانونية، وأن عريس زهرة يعمل تحت إمرته من الجزائر ولكنه لا يعرفه شخصيا، فيقوم بخطة من أجل لقاء الرئيس ويحدث فعلا أن يلتقيا لكن يكون مكبلا ومضروبا، ليقدم له طاهر أعمالا أخرى دون أن يعرف أنه عريس زهرة الذي يبحث عنها، تتوالى الأحداث ليكتشف مكانها وتغادر زوجة طاهر المنزل وتترك الطفل الصغير في عهدة زهرة دون أن تُعلِم أحدا بمكانها. يؤدي دور طاهر الممثل حسان كشاش الذي تليق به الأدوار القوية، في حين لم تكن سارة لعلامة التي تؤدي دور زهرة في مستوى التطلعات بأدائها الجامد المعهود، فيما أبدعت التونسية مريم بن شعبان التي أدت دور مريم زوجة طاهر، في دورها حتى أنها لم تحتج للكلام كثيرا طيلة ثمان حلقات بل توصل حزنها وألمها وقلقها من خلال تعابير وجهها وحركة جسدها، وخيبة بسبب التمثيل غير المقنع الذي قدمه الممثل نبيل عسلي على غير عادته، حيث أفرط في دور المريض النفسي ولم يتحكم في الشخصية خاصة عندما يطلق تلك الضحكات التي بدت غير حقيقية. يُذكر أن المدير العام لقناة “قرطاج+” الأسعد خضر، كان قد أكد أن مسلسل “مشاعر” بمثابة انطلاقة أولى نحو مستقبل جديد لصناعة الدراما التونسية من خلال الاستفادة من الخبرات التركية وتصديرها نحو المشاهد العربي بجودة سينمائية عالية، مضيفا أنه يروي قصة واعدة تمس عموم الجمهور العربي بفريق فني وتقني محترف إضافة إلى عرضه للطبيعة التونسية دعما للسياحة في البلاد، مثمنا الشراكة التونسية-الجزائرية والخبرات تركية مع التأكيد على تصدير صورة الدراما المغاربية إلى المشاهد العربي. ويلعب دور البطولة من الجزائر كل من حسان كشاش، سارة لعلامة، نبيل عسلي، وعادل شيخ، ومن تونس كل من هشام رستم وسامية رحيّم ومريم بن شعبان وأحمد الأندلسي وريم بن مسعود ومعز القديري ومحمد مراد. “مشاعر” صورة طبق الأصل عن المسلسلات التركية، من ناحية القصة التي تحتوي على الأمور غير المنطقية والتناقضات والمشاهد الطويلة التي تتميز بها الدراما التركية وكذلك من ناحية الجو العام القريب من تلك الأعمال، التي يتم تسويقها من خلال الدبلجة حتى ولو لم تكن بالجودة المنشودة. ورغم ذلك لا يمكن إنكار أنه على الأقل يمكن مشاهدة عمل متوازن ومقبول نوعا ما وهذا ما حققه المسلسل.