في خطوة غير مألوفة، خرج الاتحاد العام للعمال الجزائريين، عن خطه المعهود، وقرر التمرد على الحكومة، وذلك بعد رفضه مشروع قانون التقاعد الذي أعدته وزارة العمل والضمان الاجتماعي. الرفض لم يصدر عن الأمين للمركزية النقابية، سليم لعباطشة، ولكن جاء على لسان مستشاره، محمد لخضر بدر الدين في تصريح للإذاعة الجزائرية، حيث قال إن المركزية النقابية ترفض المساس بالمكتسبات المحققة لصالح الفئة العمالية عبر التعديلات المقترحة في مشروع القانون. وبينما يقول وزير العمل إن مشروع قانون التقاعد يهدف إلى إصلاح الاختلالات التي يعاني منها الصندوق الوطني للتقاعد، يؤكد رئيس نقابة قضاة مجلس المحاسبة أحمد شيخاوي، أن مشاكل الصندوق سببها عدم تصريح الكثير من المؤسسات بالعمال. وبعيدا عن هذا الجدل، يبدو موقف المركزية النقابية غير معهود بالنظر لمواقفها على مدار نحو عقدين من الزمن، بحيث لم تتعود على معارضة كل ما يصدر عن الحكومة من مشاريع قوانين، بل إنها كثيرا ما عمدت إلى كسر الإضرابات التي دعت إليها نقابات في مختلف القطاعات، بل إن الأمين العام السابق، عبد المجيد سيدي السعيد تحول إلى أحد أعضاء الطاقم الحكومي، في وصف بعض النقابيين، بسبب وقوفه الدائم والمستمر مع الحكومة على حساب مختلف الفئات العمالية. هذا الموقف دفع الكثير من المراقبين إلى التساؤل حول خلفية هذه المعارضة، بمعنى هل هذا الموقف تكتيكي أملته ظروف راهنة، أم أنه توجه جديد للمركزية النقابية، يستهدف التموقع إلى جانب مطالب مختلف الفئات العمالية، التي عانت على مدار سنين من خيانة أكبر شريك اجتماعي؟ على مدار الأشهر القليلة الأخيرة التي تولى فيها سليم لعباطشة قيادة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، لم تصطدم هذه الهيئة بأحداث يمكن من خلالها الوقوف على ضبط موقف واضح مغاير لذلك الذي كان يتبناه عبد المجيد سيدي السعيد، غير أن طرح مشروع قانون التقاعد، ساهم في بناء موقف يمكن للجزائريين وعموم الرأي العام، الحكم على التوجه الجديد للمركزية النقابية، في مرحلة ما بعد استيلاء العصابة عليها، غير أنه وبالمقابل يبقى من الصعوبة التسليم بتغير موقع المركزية النقابية بمجرد رفضها لمشروع قانون.