اعترف الوزير الأول عبد العزيز جراد، بأن الجزائر تعيش وضع مالي “هش” ووضع اقتصادي “صعب”، لكن بالمقابل قال إن “الحكومة ستعمل على تحسين القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على نظام الضمان الاجتماعي والتقاعد”. وقال جراد لدى عرضه لمخطط عمل الحكومة، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، اليوم، إن “واجبي وحساسية الظرف يحتم علينا اطلاعكم على حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي”، مشيرا إلى أن الوضع المالي هش ومرتبط بالسوق العالمي للنفط، والدين العمومي الداخلي بلغ 45 بالمائة”، لكن بنبرة تفاؤلية استطرد الوزير الأول بأنه “سيتم إخراج البلاد من المرحلة السياسية والاقتصادية الصعبة نحو مرحلة جديدة”. الوزير الأول، وعد بأن الحكومة ستعمل على تحسين القدرة الشرائية للمواطن وتدعيمها من خلال رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون بعد إجراء “تشاور واسع مع مختلف الفاعلين والشركاء الاجتماعيين”. وأعلن في نفس السياق عن قانون مالية تكميلي يكون الهدف منه سحب بعض الضرائب “المجحفة” الواردة في قانون المالية 2020 التي تمس أجور العاملين بالجنوب وبعض أصحاب المهن الحرة كان الغرض منها “إثارة البلبلة” حسبه. وقال الوزير الأول إن “توفير متطلبات العيش الكريم لكل المواطنين دون إقصاء وعبر كامل ربوع الوطن ليس منة من الدولة ولكن واحدة من مهامها الأصيلة، وهو أيضا تعهد تلتزم به الحكومة أمام الشعب”. وأضاف أن “الحفاظ على نظام الضمان الاجتماعي والتقاعد وتعزيزه يندرج ضمن أولويات عمل الحكومة التي ستعمل على الشروع في عملية التعاقد في العلاج وتوسيع وعاء الاشتراك والإدماج التدريجي للأشخاص العاملين في القطاع الموازي وكذا إنشاء فرع التقاعد التكميلي على مستوى الصندوق الوطني للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء”. من جانب آخر، شدد جراد على ضرورة أن “تكون منظومتنا التربوية أولوية قصوى ودور جامعتنا فعال مجتمعيا وعلميا”، مبرزا أن “المعارف العلمية تتضاعف بنسق سريع يوجب علينا إعادة النظر في طريق ومناهج التعليم”. وفي مجال الصحة، قال جراد أن جهود الحكومة “ستنصب على تعزيز وتنظيم عروض العلاج التي تتضمن خطوطها العريضة تقريب الصحة من المواطن وتعزيز الوقاية والعلاج الجواري وتدارك الفوارق الجغرافية والاجتماعية مع توخي ضمان خدمات نوعية ضمن احترام كرامة المرضى”. وموازاة مع ذلك، أكد الوزير الأول أنه “سيتم تطوير الصناعات الصيدلانية قصد بلوغ نسبة 70 بالمائة من الإنتاج المحلي من الأدوية الجنيسة ونسبة 30 بالمائة من منتوجات الاختصاص وجعل الصناعة الصيدلانية الوطنية قطاعا منتجا للثروة”. وفي هذا السياق، أكد جراد أن “حماية وترقية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم في الحياة العملية ستظل انشغالا دائما بالنسبة للسلطات العمومية التي ستعمل أيضا على ترقية الطفولة والمراهقين وكذا حماية الأشخاص المسنين”. من جهة أخرى، أوضح جراد أن “مخطط العمل المقترح مدعو، كما يدل عنوانه على ذلك، إلى تنفيذ التزامات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، التي أعلنها في برنامجه، وسيتم تفصيله بمنهجية دقيقة في برامج عمل قطاعية ستكون موضوع متابعة وتقييم دائمين قصد بلوغ الأهداف المسطرة في الميدان”. وكشف أن الحكومة ستقوم ب”عمل تقييمي لجميع التشريعات والتنظيمات التي تحكم نشاطات الدوائر الوزارية، وذلك بهدف تطهير الوضعيات التي تمسّ بحقوق المواطنين أو التي تبرز تراكماً من الأحكام المتناقضة، وبالتالي غير القابلة للتطبيق”. وأشار جراد إلى “تعليمات وجهت للدوائر الوزارية وكل المؤسسات الإدارية لحملها على محاربة البيروقراطية بشكل متواصل وشامل، وذلك من خلال تحليل جميع الإجراءات المطلوبة حاليا في العلاقات بين المواطن والإدارة أو العلاقات مع المؤسسات وكذلك في العلاقات التي تحكم الإدارات نفسها، وخصوصاً في مجال المحاسبة العمومية وتنظيم الميزانية والجباية والتنظيم التجاري، حيث مازالت تهيمن إجراءات معقدة في ظل غياب العصرنة”. كما أكد على ضرورة “ترقية المنظومة القانونية التي صار حتمياً أن ترقى إلى المعايير الدولية قصد تمكين اقتصادنا من التفتح على العالم والاندماج في ديناميكية الاقتصاد الحديث”. وبالنسبة للمحور المتعلق بالسياسة الخارجية والأمن والدفاع الوطني، أكد الوزير الأول على أهمية “تعزيز دور الجزائر ونفوذها على الساحة الدولية والقارية وتعميق علاقات تعاونها مع كافة شركائها وكذا حماية وترقية مصالح جاليتنا الوطنية في الخارج”. وجدد بالمناسبة التزام الحكومة بمواصلة “تعزيز الأمن والدفاع الوطني بغرض الحفاظ على السلامة الترابية وتعزيز استقرار البلاد”. وأكد الوزير الأول في عرضه على أن الحوار “هو ما ستتبناه الحكومة في تعاملها مع كل من لا يشاطرها أفكارها و توجهاتها”، مسجلا في هذا السياق بأن “تاريخنا علمنا أن الجزائر تبنى بسواعد كل أبناءها على اختلاف مشاربهم و توجهاتهم”. كما أبرز ضرورة تدعيم الحريات الديمقراطية من خلال “تعزيز ضمانات ممارسة حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وترقية مجتمع مدني متحرر من القيود الإدارية”، بما يجعله، كما قال، “سلطة مضادة حقيقية، إلى جانب الصحافة ووسائل الإعلام التي سيتم تأكيد حريتها واستقلاليتها واحترافيتها”.